يوجد أربعة ملايين مغربي يعيشون تحت خط الفقر، أي بأقل من 1.9 دولار في اليوم
يوجد أربعة ملايين مغربي يعيشون تحت خط الفقر، أي بأقل من 1.9 دولار في اليوم

في تموز/يوليو 2014، ألقى ملك المغرب محمد السادس خطابا قال فيه إنه قرأ دراستين للبنك الدولي، أنجزتا سنتي 2005 و2010 لقياس ثروة حوالي 120 بلدا.

أكد الملك أن الدراستين صنفتا المغرب في المراتب الأولى على الصعيد الإفريقي لنمو الثروة. لكنه تساءل مستغربا "أين هي هذه الثروة؟ وهل استفاد منها جميع المغاربة؟".

عقب الخطاب، توالت التقارير والدراسات التي عكفت على تحديد مصادر ثروة المغرب وحجمها وتوزيعها. لكن السؤال الجوهري - هل استفاد كل المغاربة من ثروة بلادهم؟ - ما يزال عالقا.

واندلعت، خلال السنوات الثلاث الماضية، احتجاجات اجتماعية في مناطق مختلفة من المغرب، واجهتها السلطات بقمع شديد، خاصة في منطقة الريف شمال البلاد.

لقمة عيش قاتلة

فجر الجمعة الماضي، غادر الأخوان جدوان (23 سنة) وحسين (30 سنة) الدعيوي منزلهما في مدينة جرادة الفقيرة (شرق) في اتجاه آبار مهجورة لاستخراج الفحم.

غاص الأخوان إلى عمق يفوق 80 مترا في أحد الآبار، أملا في الحصول على بقايا فحم حجري لبيعها مقابل دراهم معدودة في اليوم، في مدينة تكاد تنعدم فيها فرص الشغل.

المغرب ثاني أكبر دولة في العالم في إنتاج الفوسفاط، وتبلغ إيراداته أربعة مليارات دولار

​​

حسب ما يحكيه ابن عمهما عبد الرزاق (25 سنة)، الذي رافقهما في رحلتهما، فاض الماء فجأة من جنبات بئر الفحم المهجور وحاصر الشقيقين الذين قضيا غرقا.

ترك جدوان وحسين وراءهما زوجتين وأطفالا يتامى. واستطاع عبد الرزاق النجاة بنفسه.

"لا توجد سوى هذه الآبار القاتلة لنعيش منها"، يقول عبد الرزاق في شريط فيديو تداولته وسائل الإعلام المغربية.

في الساعات التالية، خرجت المدينة الهادئة بكاملها للاحتجاج.

في جرادة، يخاطر الشباب بحياتهم تحت الأرض لأزيد من 12 ساعة. "ننزل إلى البئر منذ الثالثة صباحا إلى ما بعد العصر، مقابل 80 درهما (ثماني دولارات).. نحن ميتون في البئر أو خارج البئر".

ثروة على الورق

توقفت مناجم الفحم التي تسببت في مقتل الشابين في مدينة جرادة منذ حوالي 20 سنة، ليتحول المغرب إلى مستورد لما يقارب 10 ملايين طن من الفحم سنويا.

لكن البلاد مع ذلك، تحتضن ثروة مهمة، خاصة في قطاعي الفوسفاط والصيد البحري.

ويعد المغرب ثاني أكبر دولة في العالم في إنتاج الفوسفاط، وتبلغ إيراداته أربعة مليارات دولار.

يوجد في المغرب قرابة 4800 ثري، تبلغ ثروة أصغرهم مليون دولار

​​ويدر الصيد البحري أزيد 1.59 مليار دولار، حسب تقرير منظمة الأغذية والزراعة سنة 2016.

وكشفت، دراسة أنجزها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (مؤسسة استشارية في المغرب)، في تشرين الثاني/نونبر الماضي، أن القيمة الإجمالية لثروة المغرب ارتفعت إلى الضعف بين 1999 و2013، وانتقلت من 0.6 إلى أزيد من 1.2 تريليون دولار.

وفي الأسبوع الماضي، أصدرت المندوبية السامية للتخطيط، وهي المؤسسة الإحصائية الرسمية في البلاد، دراسة جديدة حول "مصادر خلق الثروة في المغرب وتوزيعها".

قالت الدراسة إن الفلاحة تساهم بنسبة الربع في تحسين الناتج الداخلي الإجمالي للفرد، ويساهم القطاع الصناعي بنسبة 20.4 في المئة. وتساهم القطاعات المتبقية (البناء والأشغال العمومية والخدمات) بنسبة 15.8 في المئة.

 أربعة ملايين فقير

رغم الأرقام الفلكية المعلنة حول الثروة في المغرب، ما يزال أربعة ملايين مغربي يعيشون تحت خط الفقر، أي بأقل من 1.9 دولار في اليوم (20 درهما تقريبا بالعملة المحلية).

وحسب المندوبية السامية للتخطيط، شهدت فرص الشغل انخفاضات متتالية خلال السنوات الأخيرة. وانتقلت من 186 ألف وظيفة سنويا ما بين 2001 و2008 إلى 70 ألف وظيفة فقط في الفترة بين 2008 و2015.

ازدادت ثروة أخنوش بـ600 مليون دولار في 6 أشهر فقط، فيما لا يتجاوز الحد الأدنى للأجور 240 دولارا

​​

الخبير الاقتصادي عمر الكتاني يقول إن الأرقام الرسمية حول حجم الثروة المعلنة من طرف مؤسسات الدولة بعيدة عن الواقع. "يكفي أن تقوم بجولة في الرباط (العاصمة) وتقف على حجم الفوارق بين أحياء المدينة. حينئذ ستكتشف حقيقة الأرقام، والواقع المرير الذي لا تعكسه الأبحاث والدراسات".

وأمام الأربعة ملايين مغربي تحت خط الفقر، يوجد قرابة 4800 ثري، تبلغ ثروة أصغرهم مليون دولار، فيما تجاوزت ثروة أغنى رجل في البلاد –وزير الفلاحة عزيز أخنوش- مليارين و100 مليون دولار، خلال هذا الشهر.

وازدادت ثروة أخنوش بـ600 مليون دولار عن آذار/مارس الماضي، أي في ستة أشهر فقط، بينما لا يتجاوز الحد الأدنى للأجور في البلاد 240 دولارا في الشهر.

"جزء قليل من المغاربة يستفيدون من ثروة المغرب. الأغنياء يضاعفون الثروات. ويزداد الفقراء فقرا ويضاعفون ديونهم"، يقول المحلل السياسي عبد الرحيم العلام.

ويتركز فقراء المغرب في القرى وداخل جهات بعينها كالمناطق المحيطة بمدينة مراكش (جنوب) والمناطق الشرقية حيث توجد مدينة جرادة. في المقابل، تستحوذ مدينتا الدار البيضاء والرباط على أهم مصادر الثروة في المغرب.

"لو كان لدينا توزيع عادل للثروة في المغرب لما رأينا شبانا يموتون في سبيل لقمة العيش بجرادة." يقول عبد الرحيم العلام.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

المصدر: أصوات مغاربية

خلف تصريح أدلى به مسؤول بقطاع المالية الجزائري، بشأن رفض مقترح فرض "ضريبة على الثروة"، استياء لدى الرأي العام.

وقال المدير العالم للضرائب مصطفى زيكارة، في حديث للإذاعة الجزائرية، إن مصالحه كانت مستعدة للشروع في تطبيق المقترح الذي ورد في مشروع قانون المالية لسنة 2018، ممّا أثار التساؤل عن أسباب إسقاطه من قبل البرلمان.

وأوضح أن المشروع كما اقترحته الحكومة كان من شأنه أن يحقق إيرادات سنوية بنحو 500 مليار سنتيم (نحو 44 مليون دولار).

إعفاء الثروة ورسوم على السلع

وتضمن مشروع المالية الجديد في أحد بنوده مقترح الضريبة على الثروة، بإقرار من وزارة المالية وتزكية من الوزارة الأولى، قبل أن يتقرر حذفه باقتراح من لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني.

وقررت اللجنة، التي ينتمي معظم أعضائها لحزب جبهة التحرير الوطني، إسقاط المقترح بعد تصويت أغلبيتهم برفضه، بمبرر الصعوبات التي قد تواجه تطبيقه.

وركزت اللجنة في تبريراتها على غياب نظام معلوماتي لدى مصالح الضرائب يسمح بفعالية التحقق من التصريحات ومتابعتها.

في المقابل، حافظ قانون المالية الجديد على حزمة زيادات ورسوم على السلع والخدمات تمس بصفة مباشرة جيوب المواطنين البسطاء.

"ضريبة غير دستورية"

ورغم أن الضريبة على الثروة موجودة في التشريع الجزائري منذ 1993 تحت مسميات مختلفة، لم يتم تحديد كيفية تحصيلها، على حد قول الخبير الاقتصادي فرحات آيت علي.

ويلفت آيت علي في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن تلك الضريبة لم تحدث أي مردودية، وأنها غير قابلة للتجسيد فعليا وغير دستورية بتاتا.

ويُفترض، بحسب آيت علي، أن يتم فرض الضريبة على الأرباح وليس على الممتلكات، لأن هذه الأخيرة تقتطع سنويا من كل الممتلكات، مشيرا إلى أن هذه الضريبة استحدثتها فرنسا وخلقت بلبلة في الاقتصاد ثم ألغتها.

تسيير مرحلة

وفي الإطار نفسه، يعزو مدير "معهد هايك" للتفكير الاقتصادي مصطفى راجعي إعلان الحكومة هذا الاجراء في إطار تبرير سياسة خفض الإنفاق واللجوء إلى الاستدانة الداخلية من البنك المركزي والعجز المسجل في الموازنة.

وأوحت الحكومة بأنها ستجعل الأغنياء يدفعون جزءًا من ثرواتهم تضامنا مع الفقراء الذين يتحملون تكاليف الأزمة، لخلق انطباع حسن عند الرأي العام، يضيف راجعي.

ويتساءل راجعي في حديثه لـ"أصوات مغاربية" قائلا "كيف لبلد مثل الجزائر يعيش أزمة اقتصادية ويحتاج إلى استثمارات وطنية ودولية لخلق الوظائف وتحصيل ضرائب أن يفرض ضريبة على الثروة؟"

اقتصاد مواز

أما المحلل الاقتصادي وليد ولاد داود، فيرى أن عزوف الحكومة عن تطبيق الضريبة على الثروة راجع إلى أن "جزءًا مهمًا من الاقتصاد الوطني اقتصاد مواز".

وبالتالي "لوحظ في السنوات الأخيرة زيادة في عدد الأغنياء الجدد الذين لا تجد لهم أرقام أعمال مهمة لكن يمتلكون ثروة هائلة"، يوضح وليد.

فضلا عن ذلك، يلاحظ ولاد داود، في حديثه لـ"أصوات مغاربية"، أن انتشار ظاهرة السمسرة والوساطة سمحت لمن ليست لهم موارد مالية بمراكمة ثروة هائلة في حين قد نجدهم مدرجين إحصائيا في خانة العاطلين عن العمل".

وبالموازاة، يقول ولاد داود، "نجد أن العديد من مالكي العقارات الفخمة ليست بحوزتهم عقود ملكية بل مجرد قرارات إدارية، كما هو الشأن في العاصمة مثلا، وبالتالي عدم تسوية وضعهم يعفيهم من هذه الضريبة" وهو ما اعتبره منافيًا للعدل.

 

المصدر: أصوات مغاربية