صنعاء - غمدان الدقيمي:
بعد فترة من الهدوء الذي فرضته في جنوب اليمن حملة عسكرية ضخمة، نفذ داعش هجمات في عدن مؤخرا استهدفت مقرا أمنيا ووزارة المالية.
ومطلع الأسبوع الجاري، تحدثت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عن تضاعف مقاتلي تنظيم داعش في اليمن “رغم الجهود الناجحة التي أدت إلى تقلُّص وجوده في العراق وسورية”.
ولا توجد إحصائيات رسمية حول عدد مقاتلي داعش في اليمن، لكن بعض التقارير المحلية تقدرهم بالمئات.
وقال البنتاغون في بيان رسمي إن “مساحات واسعة من اليمن باتت غير خاضعة للرقابة بسبب الحرب الجارية هناك، الأمر الذي سهَّل عملية تجنيد الشباب وتدريبهم وحتى تصديرهم إلى جميع أنحاء العالم”.
ويؤكد الدكتور عبدالملك عيسى، وهو أستاذ علم الاجتماع في جامعة صنعاء، وجود فروع لتنظيم داعش في اليمن تحت يافطات عديدة، قائلا إنهم ينتشرون في مناطق الصراع في أبين وشبوة ولحج وعدن وحضرموت.
وأشار لموقع (ارفع صوتك) إلى أن أكثر تركزهم هو في “البيضاء وأبين ومأرب”.
ومع ذلك، لا يرى الدكتور عيسى وجود خطورة كبيرة لداعش في اليمن إلا إذا استمر الصراع القائم.
“داعش يتغذى من الصراع السياسي القائم والحشد الطائفي والمناطقي.. إذا حل السلام في اليمن، داعش سيفقد جاذبيته”، أضاف الدكتور عبد الملك عيسى، وهو أيضا باحث متخصص في شؤون الجماعات الإسلامية.
“حالة طارئة”
وفي السياق ذاته يذهب محمد الأحمدي، وهو صحافي وناشط حقوقي، وباحث في شؤون الجماعات الإسلامية إلى القول إن هناك مبالغات في الحديث عن داعش في اليمن.
وحسب الأحمدي، فإن ظهور داعش في اليمن “حالة طارئة”، حيث “يبدو وكأنه جزء من متطلبات المشروع الطائفي للمليشيا الحوثية، التي اتخذت من دعشنة المجتمع ذريعة للحرب والتوسع”، على حد قوله.
وبالرغم من هذا الاعتقاد، فإنه يتفق مع الدكتور عبدالملك عيسى على أن “استعادة الدولة وإنهاء الفراغات الناجمة عن غياب سلطة القانون”، كفيلان بتلاشي جماعات العنف والتنظيمات الإرهابية.
أرضية فكرية
وبشأن العلاقة بين تنظيمي “داعش” و“القاعدة”، يرى الأحمدي أن “هذه العلاقة تقتصر على وجود أرضية فكرية مشتركة في العديد من المفاهيم الأيديولوجية المتطرفة، لكن من حيث الواقع، تشير المعلومات إلى وجود صراع حقيقي بينهما، وربما مواجهات محدودة”.
وكان المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية الكولونيل جون توماس، استبعد في وقت سابق فرضية أن يكون داعش و“القاعدة في جزيرة العرب” على وفاق ويعملان سويا، مرجحا أنهما يحاربان بعضهما “أحيانا”.
البيئة الملائمة
كذلك يرى الخبير اليمني في شؤون الجماعات الإسلامية سعيد عبيد الجمحي أن الحديث عن تضاعف أعداد مقاتلي داعش في اليمن “مبالغ به، ولا يعتمد على مصادر مؤكدة”.
وأشار إلى أن داعش في اليمن، “لم يجد البيئة الملائمة له، ليتوسع وتزداد استقطاباته، لعدة أسباب؛ منها عدم توافقه مع التنظيم الأم (تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب)، فالأخير، عارض بشدة أي تواجد لداعش في اليمن”.
وأكد الجمحي أنه رغم التوافق الفكري بين داعش والقاعدة، إلا أن قادة ومنظري القاعدة في اليمن “ينتقدون داعش، بل ويتبرأون من عملياته وأساليبه العنيفة وغير المستندة للقواعد الشرعية، حسب البيانات الصادرة عنهم”.
ووفقا للجمحي، فإن داعش في اليمن “ليس فرعاً معترفاً به رسمياً من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، ولا توجد له قيادات معروفة، كما لم يقدم أي خطاب إعلامي، يساعده على الانتشار والتوسع”، على حد تعبيره.
غير أن الجمحي أكد قائلا إنه “رغم هزالة التنظيم، لكنه يظل يشكل تهديداً، لا سيما مع غياب وجود دولة قادرة على التعامل مع الجماعات الإرهابية”.
وأضاف لموقع (ارفع صوتك) أن “حالة عدم الاستقرار السياسي والعجز الاقتصادي، والفوضى التي سببتها- وما زالت تسببها- الحروب والاقتتال في اليمن.. ستؤدي بمجملها إلى مزيد من الإرهاب، وستشجع التنظيمات الإرهابية، على التوسع والتواجد بقوة”.
وزارة الخارجية الأميركية
وفي تقريرها السنوي لمكافحة الإرهاب الصادر في تموز/يوليو 2017، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن "تنظيمي القاعدة وداعش يستغلان الفراغ السياسي والأمني في اليمن لتأمين مواقع لهما وتعزيز نفوذهما”.
ورصد مراسل (ارفع صوتك) حوالي 20 عملية انتحارية تبناها تنظيم داعش خلال النصف الأول من العام الجاري (2017).
ومنذ وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير الماضي، كثفت الولايات المتحدة من عملياتها العسكرية ضد معاقل تنظيم “القاعدة” وداعش في محافظات جنوبي ووسط اليمن.
وشن الجيش الأميركي أكثر من 120 غارة جوية بطائرات دون طيار على معاقل المتطرفين في اليمن منذ نهاية شباط/فبراير 2017، أسفرت عن سقوط أكثر من 200 قتيل على الأقل بينهم مدنيون حسب مصادر يمنية وأميركية متطابقة.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659