صادقت الحكومة المغربية في حزيران/يونيو 2016 على تعديلات جديدة للقانون الجنائي، تضمنت لأول مرة عقوبات بديلة.
لكن، رغم مرور أكثر من عام ونصف على المصادقة لم تناقش هذه التعديلات بعد في البرلمان.
وزير العدل ونائب في لجنة التشريع في البرلمان ورجال قانون يناقشون أسباب التأخر وضرورة تطبيق العقوبات البديلة في المغرب.
خدمة المجتمع بدل السجن
عرفت التعديلات الجديدة العقوبات البديلة بأنها عقوبات يحكم بها في غير حالات العود (حالة التكرار) كبديل عن العقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز عقوبتها سنتين سجنا.
وتتضمن العقوبات البديلة العمل لأجل المنفعة العامة، والغرامة اليومية مقابل كل يوم سجن، وتقييد بعض الحقوق، أو فرض تدابير رقابية وعلاجية (علاج نفسي أو ضد الإدمان مثلا)، أو تدابير تأهيلية (مزاولة نشاط مهني، متابعة الدارسة، تلقي تأهيل مهني).
ولا تطبق هذه العقوبات في جرائم الاختلاس والغدر والرشوة واستغلال النفوذ والاتجار في المخدرات والأغضاء البشرية والاعتداء الجنسي على القاصرين.
تعديلات مجمدة
أحالت الحكومة الجزء الأول من مشروع القانون الجنائي المعدل، المتضمن للعقوبات البديلة إلى البرلمان منذ فترة، لكن نوابا برلمانيين يرفضون مناقشته لحد الآن.
يقول عبد اللطيف وهبي، النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة وعضو لجنة العدل التشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، إن البرلمان لا يمكن أن يناقش جزءا من قانون.
"لم أطلع على القانون بعد. لا يمكن أن نعمل بمنطق التجزيء"، يقول النائب البرلماني.
ويطالب وهبي الحكومة بالمصادقة على الجزء الثاني من مشروع القانون وإحالته على البرلمان كاملا لمناقشته.
محمد أوجار وزير العدل والحريات يقر أن الحكومة السابقة (حكومة عبد الإله بنكيران) صادقت على الجزء الأول من المشروع.
ويعد وزير العدل في حكومة سعد الدين العثماني بإحالة الجزء الثاني في الأشهر القليلة المقبلة.
2 من كل 1000 مغربي في السجن
تعول الحكومة المغربية على العقوبات البديلة للحد من الاكتظاظ في السجون.
وتقول مندوبية السجون (رسمية) إن مجموع السجناء يتجاوز 80 ألفا، موزعين على 78 سجنا.
وحسب رئيس النيابة العامة محمد عبد النبوي (يسمى في المغرب الوكيل العام للملك)، فإن اثنين من بين كل 1000 مغربي يوجدون في السجن.
ومن شأن تطبيق العقوبات البديلة أن يخفف من اكتظاظ السجون.
ويمثل سجناء الاعتقال الاحتياطي (في انتظار المحاكمة) أزيد من 32 ألفا من مجموع السجناء، وهو ما يشكل نسبة 42 المئة.
ويقترح مختصون تسريع محاكمة المعتقلين الاحتياطيين وإيقاع عقوبات بديلة في حقهم متى كان ذلك مناسبا، خاصة في صفوف القاصرين.
ومن مجموع السجناء القاصرين، يوجد 87 في المئة في انتظار المحاكمة.
ويقترح الخبير المغربي في علم الاجرام رشيد المناصيفي إلغاء الاعتقال الاحتياطي من قائمة الاجراءات القضائية إلا في حالة الضرورة القصوى.
"لا يعقل أن يتم اعتقال شخصين وإيداعهما السجن في انتظار المحاكمة لأنهما تعاركا في الشارع"، يقول المناصيفي.
رئيس النيابة العامة يؤكد بدوره أن العقوبات البديلة تمثل أحد الحلول. وقال النبوي في ندوة صحافية، الشهر الماضي، "يجب فتح حوار مجتمعي حول العقوبات التي نريد، حتى تتحول السجون إلى مدارس للإصلاح وليس لتفريخ المجرمين، مع ضرورة التفكير في مسألة العقوبات البديلة".
ويكلف السجين الواحد في المغرب حوالي 21 درهما في اليوم، أي ما يناهز 1.7 مليون درهم (أزيد من 180 ألف دولار) باحتساب مجموع السجناء.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659