Shutterstock
Shutterstock

بقلم علي قيس:

منذ بداية ظهور تنظيم داعش، انضم إلى صفوفه نحو 40 ألف مقاتل أجنبي من مختلف أنحاء العالم للقتال في سورية والعراق. ونشط داعش على مواقع التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية ليجنّد المئات عبرها.

وفي روايات الناجين والناجيات من داعش، حكايا عن متطرفين من جنسيات مختلفة ارتكبوا الجرائم بحق المدنيين. واليوم، ما زال مقاتلون أجانب يقاتلون في آخر تحصيناتهم، فيما يبقى مصير الآخرين مجهولا.

وتشير مجموعة صوفان -وهي منظمة بحثية مقرها في نيويورك ولها مكاتب إقليمية في العديد من الدول، وتقدم خدمات أمن استراتيجية للحكومات والمنظمات المتعددة الجنسيات- إلى أن ما بين 27 ألف شخص و31 ألف شخص قد سافروا إلى سورية والعراق منذ 2014 وحتى أواخر 2015، للانضمام إلى تنظيم داعش والجماعات المتطرفة الأخرى في المنطقة.

ويصعب التأكد من أرقام دقيقة حول عدد المقاتلين الأجانب في سورية، وكذلك أعداد الذين يعودون إلى بلدانهم الأصلية.

ويقول المحلل السياسي السوري عفيف دلة في حديث لموقع (ارفع صوتك) أنه لا توجد إحصائية دقيقة للمقاتلين الأجانب "لأن حالات التدفق كانت مستمرة لمقاتلي داعش عبر الحدود العراقية والتركية وحتى الأردنية".

لكن أعداد المقاتلين الوافدين إلى سورية والعراق كانت كبيرة، وتختلف وفقا للأهداف التي جاءت من أجلها، كما كانت الأعداد تختلف وفق للمعارك التي تشهدها مواقع تواجد أولئك المقاتلين.

ويضيف دلة "المعلومات التي لدينا أن عددا ليس بالقليل من قيادات داعش الأجنبية تم ترحيلها إلى خارج الأراضي السورية، دون معرفة تفاصيل كافية عن أماكن تواجدهم حاليا".

وكما يحدث في كل المعارك، "هناك قيادات أجنبية في داعش تم اعتقالها من قبل الجيش السوري"، وفقا للمحلل السياسي عفيف دلة، موضحا أنهم يخضعون للإجراءات القانونية المتعارف عليها.

ووفقا لتقرير مجموعة صوفان فإن المقاتلين الأجانب كانوا يأتون مما لا يقل عن 86 دولة، والدول العشر التي تتصدر قائمة المقاتلين الأجانب في العراق وسورية تشمل:

تونس (6500)، السعودية (2500)، روسيا (2400)، الأردن (2250)، تركيا (2100)، فرنسا (1700)، المغرب (1350)، لبنان (900)، مصر (800) وألمانيا (760).

ماذا عن العراق؟

أما في العراق فـ"الموضوع مختلف عن سورية"، كما يصف المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول الزبيدي، فالعمليات العسكرية التي انتهت بتحرير كل المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة التنظيم "أسفرت عن مقتل الآلاف منهم، ومن تبقى هرب إلى سورية".

ويقول الزبيدي في حديث لموقع (ارفع صوتك) "ما تبقى من مقاتلين أجانب هم بعدد قليل، متمثل بخلايا منتشرة في مناطق متفرقة، والأجهزة الأمنية تنفذ عمليات تفتيش للبحث عنهم".

في الوقت ذاته هناك أعداد كبيرة من المقاتلين الأجانب المنتمين لداعش سلموا أنفسهم للبيشمركة خلال عمليات تحرير تلعفر، فضلا عن آخرين سلموا أنفسهم للقوات الأمنية العراقية خلال عمليات تحرير والحويجة والجزيرة، وفقا للمتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة.

ويوضح الزبيدي "هم عناصر إرهابية قاتلت داخل الأراضي العراقية، وعملية إحالتهم إلى الجهات القضائية العراقية شيء طبيعي جدا"، مضيفا أن أمر تسليمهم إلى دولهم من عدمه "متروك للحكومة العراقية".

وكانت السلطة القضائية قد أعلنت في كانون الأول/ديسمبر الماضي أن "المحكمة الجنائية المركزية في بغداد أصدرت حكماً بالإعدام بحق متهم روسي الجنسية ينتمي لتنظيم داعش".

وقال بيان لمجلس القضاء الأعلى إن المتهم الروسي كان ينتمي لـ"كتيبة الزرقاوي" وتم اعتقاله خلال حملة استعادة السيطرة على مدينة الموصل.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.