صورة لتطبيق تلغرام على شاشة الهاتف/Shutterstock
صورة لتطبيق تلغرام على شاشة الهاتف/Shutterstock

أتاحت السلطات الإيرانية لمواطنيها استخدام تطبيق المراسلة الفورية "تلغرام"، الذي أطلق في 2013، دوناً عن سواه من مواقع التواصل الاجتماعي والتي حجبت سابقاً.

لكن الوضع تغير في 30 كانون الأول/ديسمبر 2017 بعد انطلاق مظاهرات شعبية مطالبة بالإصلاح الاقتصادي وإقالة المرشد الأعلى، علي خامنئي، فحجبت السلطات التطبيق بحجة أنه يحرض على العنف.

فهل لعب "تلغرام" دوراً في تنظيم حشود التظاهر ضد السلطات كما حدث في دول الربيع العربي؟

خصائص تلغرام "الإيراني"

يستخدم التطبيق الذي يتجاوز عدد مستخدميه في العالم الـ100 مليون شخص، حوالي نصف سكان إيران البالغ عددهم 80 مليون نسمة، حسب تغريدة لبافل دوروف، مؤسس ومدير عام "تلغرام" منذ 2013.

​​

​​​​

ويتيح التطبيق إرسال الصور والملفات وتخزينها بين المستخدمين، والتخاطب باللغة الفارسية، وإقامة مجموعات مراسلة خاصة منحصرة بين أصدقاء معينين وتصفح مواقع إخبارية في إيران وفي المهجر، بالإضافة إلى الحصول على آخر معلومات التسوق والمطاعم في المنطقة المحيطة بالمستخدم.

ويمد "تلغرام" الإيرانيين بقنوات لمواقع إخبارية تبث من خارج البلاد مثل قناة "أمادنيوز"، التي أسسها صحفي منفي في فرنسا. وحصدت القناة 700 ألف متابع في إيران.

 الحكومة تطالب و"تلغرام" يستجيب

في 30 كانون الأول/ديسمبر، طالب وزير الاتصالات والتكنولوجيا، محمد جواد آذري جهرمي، من بافل دوروف حجب مزود الأخبار "أمادنيوز" بحجة أنه يشجع على خطاب الكراهية واستعمال زجاجات المولوتوف وتنظيم ثورات مسلحة وأعمال شغب.

​​

​​

وردّ دوروف على هذا الطلب في تغريدة أخرى قال فيها إنه سيستجيب للطلب في حال التأكد من أن قناة "أمادنيوز" الإخبارية حرضت على أعمال عنف ضد عناصر الشرطة الإيرانية.

بعدها تم إيقاف القناة فعلاً واستبدالها بقناة أخرى تابعة لمؤسسين "أمادنيوز" أنفسهم.

ووصفت مجلة بوليتيكو الأميركية انصياع دوروف على أنه نصر للسلطات الإيرانية، إذ كان متشددون يسعون خلال الأشهر المنصرمة لكسب التأييد وحجب "أمادنيوز" من تلغرام بحجة أنها قناة مؤيدة للثورة الخضراء (التي اتهمت السلطات بتزوير نتائج الانتخابات الرئاسية 2009 وطالبت بتغيير النتائج عبر مظاهرات الشارع) وأنها تهدف إلى فضح الفساد وأنشطة حكومية خفية أخرى.

انتقادات خبراء الانترنت

انتقد خبراء برمجة شفافية "تلغرام" بالإشارة إلى نقطتين، الأولى تتعلق بإجراءات الحجب، وأشار الناشط الإيراني في الحقوق الرقمية، ناريمان غريب، إلى أن "زاوية الأسئلة المتكررة" على التطبيق لم توفر إيضاحات حول أسباب حجب "أمادنيوز" واستبداله بمزود خدمة آخر، ولا يمكن للمتصفح مراجعة الإجراءات التي يتخذها التطبيق لحجب خدمة قناة إخبارية حين تملك محتوى غير ملائم.    

أما النقطة الثانية فهي تتعلق بخصوصية المراسلات بين المستخدمين، إذ يشير خبراء إلى أن التطبيق يفتقر إلى شيفرة تضمن سرية التخاطب بين المرسل والمستقبل وتمنع أي جهة أخرى من الاطلاع على المراسلات بين المستخدمين. وبالفعل تعرضت حسابات صحفيين إيرانيين على تلغرام إلى الاختراق من خلال رسائل نصية قصيرة تلقوها على الهاتف، حسب بوليتيكو.

بالمقابل، نشر دوروف على حسابه على تويتر بياناً يرد فيه على كل الانتقادات الموجهة إليه ويعلن حجب الخدمة في إيران في 31 كانون الأول/ديسمبر.

وقال في البيان المنشور على تويتر "تم حجب تلغرام بعد أن رفضنا طلب الحكومة الإيرانية حجب حسابات لمتظاهرين سلميين".

وأوضح أن سياسة التطبيق تمنع بث محتوى يدعو إلى العنف والإباحية وتزوير حقوق النشر لأي من القنوات التي يتم التعاقد معها. وهذا ما حدث مع "أمادنيوز" بعد التأكد من تحريضها على أعمال عنف.  

"إننا فخورون أن تلغرام ما زال مستخدماً من قبل العديد من قنوات المعارضة في العالم. ونحن نفضل أن تقوم السلطات في دولة ما بحجب خدمتنا على أن نقوم نحن بتحييد قنوات تستعمل لغة مسالمة".

​​

​​

​​​يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.