متابعة: "ارفع صوتك"
يخلص تقرير نشر في "أتلانتيك ديلي" إلى وجود أمل متزايد في أوساط عراقية عدة عبر" الإيمان في العبادي وقدرته على معالجة قضايا حساسة بحكمة"، بما يؤمن فرصة للسلام بعد عقود من العنف المتواصل في البلاد.
ويعرض التقرير الذي كتبه جاك واتلنغ صورة للعراق انطلاقا من كانون الأول/ديسمبر الماضي، حين أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي انتصاره على داعش. ولكن مع استمرار الميليشيات "الإيرانية الولاء" في تصعيد التوتر مع الأكراد، لا تزال هناك تحديات تواجه السلام، وهو ما يثير أسئلة عن قدرة العبادي على مواجهة تلك التحديات والعبور ببلاده إلى منطقة سلام طال انتظار الوصول إليها.
وتبدو مقاربة التقرير لهزيمة داعش، بوصفها هدفا مشتركا وحّد مختلف القوى على الأرض العراقية، مقاربة مختلفة، فثمة تنازلات قدمتها بغداد إلى حكومة إقليم كردستان بشأن صادرات النفط المتنازع عليها، كما تمكنت حكومة العبادي من التنسيق مع قوى سياسية مؤثرة في الاحتجاجات الشعبية على الفساد المتفشي، بما أمكن الحفاظ على وحدة الصف بمواجهة الإرهاب وما نتج عنه من إنقاذ للعراق.
لكن المقالة تلفت إلى إن "إعلان العبادي انتصارا نهائيا على داعش، هو ما أنهى توافق الآراء فعليا وبات السؤال هو ما إذا كان العبادي سيواصل التصدي للتحديات التي بانتظاره".
ويسرد التقرير معطيات تتعلق بالوضع الراهن في العراق وما تشكله من تحديات جدية حيث:
* الأزمة مع إقليم كردستان ما تزال تواصل تداعياتها.
* مجموعات متفرقة من داعش والميليشيات المحلية تنشط عبر شن هجمات واغتيالات في محافظة ديالى، مرورا عبر الأراضي المتنازع عليها التي تمتد من خانقين على الحدود الإيرانية إلى كركوك.
* تنتهك عصابات الجريمة المنظمة مدينة البصرة.
* تكافح هيئة النزاهة في العراق من أجل تنفيذ أوامرها.
* قوات الحشد الشعبي، وبعضها مرتبط بإيران التي أمر العبادي بأن توضع تحت قيادته في المعركة ضد داعش.
بمقابل هذه التحديات ثمة مؤشرات ثقة بالعبادي في "إدارة البلاد ضمن ظروف عصيبة"، فهو أظهر قدرة في إنجاز العديد من الأمور الصعبة، ففي صيف عام 2014، وبعد أن قامت القوات العراقية بإخلاء المنطقة المحيطة بكركوك، احتلت البيشمركة الكردية الأراضي المتنازع عليها وسيطرت على أكبر حقل للنفط في البلاد.
لم يكن أمام بغداد خيار سوى القبول بالوضع، وتوصل إلى اتفاق مع حكومة إقليم كردستان لتقسيم عائدات النفط. بالمقابل سمح قيام الكرد بالدفاع عن مناطق كركوك للجيش العراقي بإعادة تنظيم صفوفه واستعادة قوته.
وعندما أعلنت حكومة إقليم كردستان عزمها على إجراء استفتاء حول حق الاستقلال في الصيف الماضي، لجأ العبادي إلى القوة العسكرية، لكنه "فعل ذلك بضبط النفس"، واستهدف المنشآت النفطية الرئيسية والمواقع العسكرية الاستراتيجية.
بعد العملية، جاء القادة الكرد إلى طاولة المفاوضات.
وحصل العبادي على موافقة المؤسسة الدينية الشيعية بحجة أن حملته في كركوك والمناطق المتنازع عليها كانت دفاعية، وتهدف إلى استعادة الأصول السيادية في البلاد ودعم الدستور بعد أن أعلنت المحكمة العليا أن الاستفتاء الكردي غير دستوري.
وواجه العبادي خطرا كبيرا في السماح لـ"قوات الحشد الشعبي الموالية لإيران" بدور مركزي في العملية. لكن سيطرة العبادي على قوات الدفاع الشعبي تكشف "خطة طويلة الأمد لتعزيز قبضته عليها" بحسب التقرير، فهو خلال المعركة من أجل انتزاع الموصل، استخدم وحدات قريبة من الحكومة لمنع وحدات مثل "عصائب أهل الحق" من دخول المناطق الحساسة.
ولكن في كركوك، "يبدو العبادي وقد عزز دور الوكلاء الإيرانيين، بدلا من تقييده"، فخلال 48 ساعة قبل إعادة استيلاء كركوك، تم نقل العديد من وحدات قوات الحشد الشعبي التي تتماشى بشكل وثيق مع الحكومة العراقية من مواقعها جنوب كركوك إلى الخطوط الأمامية ضد داعش على الحدود الغربية للبلاد.
عين على طهران وأخرى على الرياض؟
وفي الوقت الذي تنتقل فيه المعركة على داعش إلى مرحلة مكافحة التمرد، فإن تعزيز الحكومة العراقية يخدم مصالح إيران بدلا من تمويل الميليشيات باهظ الثمن، كما يذهب إلى ذلك تقرير "ذي أتلانتيك"، لا سيما مع فرض قيود على الميزانية المالية في طهران، ومع الاحتجاجات الشعبية المنددة بالتدخل الإيراني في الخارج، والغضب على نطاق واسع من جهود الإغاثة السيئة للحكومة بعد وقوع الزلزال الأخير.
وقد تتحرك إيران باتجاه نقل أعضاء مجموعاتها المقاتلة العراقية إلى سورية، فهي بحاجة ماسة إلى مقاتلين على الأرض، مثلما سيؤدي هذا إلى تجنب الصدام مع العبادي الذي رسم مسار علاقات ودية ولكن مستقلة عن طهران، في محاولة لإعادة إقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية مع المملكة العربية السعودية.
صحيح إن التحدي الأكبر الذي يواجه العبادي هو شأن داخلي متمثل بـ"الفساد الذي يشمل كبار السياسيين. وعجز مؤسسات مكافحة الفساد على مواجهتهم"، فتهم الفساد الخطيرة لم توجه إلى رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وبعض حلفائه. كما يتمثل ذلك التحدي باستمرار الأزمة مع حكومة إقليم كردستان، وبقاء تهديد الميليشيات واستمرار معاملتها الشنيعة للمدنيين في المناطق المحررة.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659