أطفال في المدينة القديمة من الموصل ينتظرون استلام مساعدات/ارفع صوتك
أطفال في المدينة القديمة من الموصل ينتظرون استلام مساعدات/ارفع صوتك

لم تنتهِ معارك الموصل بعد لدى الطفل أحمد غسان، فما زال يخشى من أي صوت مفاجئ في محيطه كغلق باب أو سقوط شيء في المطبخ.

يطغى الحزن على ملامح وجه أحمد (10 أعوام)، فالأحداث التي شهدها خلال السنوات الثلاث الماضية من عمره منعت الخوف من أن يغادر مخيلته.

يتذكر أحمد الأشهر الثلاثة الأخيرة من المعارك بين القوات الأمنية العراقية ومسلحي تنظيم داعش في المدينة القديمة في الجانب الأيمن من مدينة الموصل الذي يقع فيها منزلهم.

ويقول لموقع (ارفع صوتك) واضعا يديه على أذنيه كأنه وسط معركة "كنا محاصرين في قبو المنزل وكانت القنابل والصواريخ تتساقط بشدة. كلنا كنا خائفين ونضع أصابعنا داخل آذاننا".

يؤكد والد أحمد، غسان، أن ابنه أصيب جراء أحداث الموصل بفوبيا الأصوات العالية، مبيناً أن أحمد يستيقظ من النوم كل ليلة مفزوعا ويصرخ ويبكي.

ويضيف "ليست هناك رعاية أو علاج نفسي من جهة حكومية أو منظمة غير حكومية للأطفال في الموصل، رغم مرور أكثر من ستة أشهر على تحرير المدينة".

طفل موصلي يقف أمام أحد المنازل المدمرة في المدينة القديمة

​​​غسيل أدمغة

أحمد ليس الوحيد الذي يعاني من مشاكل نفسية في الموصل، فغالبية أطفال المدينة قد تعرضوا لعمليات غسل الدماغ وشاهدوا عمليات القتل المختلفة التي نفذها داعش ضد مناوئيه في شوارع وساحات المدينة طيلة ثلاثة أعوام متتالية.

هيثم عمر (12 عاما)، كان ضمن الطلبة المجتهدين في مدرسته قبل سيطرة التنظيم على المدينة، لكنه الآن وبعد تحرير الموصل بدأ مستواه الدراسي بالتدني.

تُشير والدته هيثم الى أن تنظيم داعش أعدم والده رميا بالرصاص بتهمة التخطيط لعمل مناهض للتنظيم، ومنذ ذلك اليوم أصيب ابنها بمشاكل نفسية. وتوضح لموقع (ارفع صوتك) "أصيب ابني بالكآبة، ولا يرغب بالذهاب الى المدرسة، أو التواصل مع الآخرين، وهو صامت دائماً".

ويُشدد المختص في مجال علم النفس، الدكتور عصام رضا، على ضرورة توفير الحالة العلاجية لما عاشه أطفال الموصل من أزمات.

ويضيف لموقع (ارفع صوتك) "الموصل بحاجة إلى إعادة تأهيل الإمكانيات بما يتناسب مع واقع الأطفال وكل ما يعينهم على تخطي الازمة"،داعياً إلى البدء بسرعة، والعمل على توفير بيئة متكاملة آمنة للأطفال وعائلاتهم.

مشروع رياضي

وتوجد محاولات منفردة في الموصل لمساعدة الأطفال المتضررين من المعارك، من ضمنهم الأستاذ في كلية التربية الرياضية في جامعة الموصل، وممثل المجلس الدولي للعلوم الرياضية، الدكتور ناظم شاكر الوتار، الذي ابتكر مشروعاً رياضياً الهدف منه مساعدة الاطفال نفسيا عن طريق دروس الرياضة في المدارس.

يحمل المشروع الذي سيمتدّ على مدى ستة أشهر عنوان (إدخال البسمة على أطفال الموصل). ويتكون من ثلاثة مراحل، الأولى تتمثل في إعداد 30 معلماً من معلمي التربية الرياضية، ليكونوا نواة المشروع، وهم الذين سيدربون كافة معلمي التربية الرياضية مدارس الموصل خلال المرحلة الثانية من المشروع.

ويوضح الوتار أن المرحلة الثالثة تتمثل في استخدام الفعاليات الرياضية للتغيير وإحداث التأثير الايجابي، "والعملية برمتها مختصة بالتعامل مع الصدمة النفسية للاطفال، من خلال الاستخدام النفسي الرياضي لمحي الذاكرة السلبية للأطفال".

 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.