في سنة 2016، قال قراصنة إنهم اكتشفوا محفظة مالية على الإنترنت لتنظيم داعش وبها ثلاثة ملايين دولار.
في سنة 2016، قال قراصنة إنهم اكتشفوا محفظة مالية على الإنترنت لتنظيم داعش وبها ثلاثة ملايين دولار.

شابة في مقتبل العمر. عمرها 27 عاما. وظيفتها مجزية. تعمل فنية مختبر في مستشفى بمانهاتن. راتبها 71 ألف دولار في السنة.

بداية أكثر من موفقة للشابة الأميركية من أصول باكستانية، زوبيا شاهيناز، قبل أن تلقي عليها عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي القبض في مطار جون كيندي الدولي بنيويورك.

كانت شاهانياز تستعد لركوب الطائرة نحو باكستان. رحلة تبدو عادية لشابة لا سجل إجراميا لها.

اليوم، تواجه شاهيناز أحكاما بالسجن قد تصل إلى 90 عاما: 20 عاما عن كل قضية تبييض أموال و30 عاما عن الاختلاس. كلمة السر: بيتكوين.

بيتكوين وداعش

يتهم الادعاء الأميركي شاهيناز بتدبير مؤامرة للاختلاس وتبييض الأموال بهدف دعم تنظيم إرهابي دولي، داعش، بأكثر من 150 ألف دولار.

في آذار/ مارس 2017، استصدرت الشابة الأميركية ست بطاقات ائتمانية استعملتها، مع أكثر من 10 بطاقات أخرى تمتلكها سابقا، لشراء ما قيمته 62,500 دولار من العملة الرقمية بيتكوين.

وفي الشهر ذاته، اقترضت 22,500 دولار أميركي من بنك في نيويورك.

حولت شاهيناز أموالها من العملة الرقمية إلى عملية تقليدية -أودعتها في حسابها- وشرعت في إجراء حوالات مصرفية نحو تركيا والصين وباكستان. تسع حوالات بالضبط، أقلها بـ3000 دولار وأعلاها بـ100 ألف دولار.

كان هذا خطأ قاتلا. تحويل البيتكوين إلى دولار، وإرسال الأموال عن طريق مؤسسات مصرفية مكن السلطات من كشف شاهيناز بسهولة.

العملة "الجهادية"

كان بإمكان شاهيناز أن ترسل كافة أموالها بالبيتكوين دون أن يكشف أمرها، على الأرجح.

وتؤمن العملات الرقمية الغطاء لإجراء تبادلات مالية بين الأفراد بمعزل عن أية رقابة، سواء كانت الحكومة أو البنوك المركزية.

كل ما يحتاجه الفرد جهاز حاسوب متصلا بشبكة الإنترنت في أي مكان في العالم، وتطبيق بيتكوين ومحفظة رقمية.

لا وجود ماديا للبيتكوين، وهو ما يسهل أمر تداولها على شبكة الإنترنت بطرق سرية ومشفرة، دون أن يمكن تتبعها أو إخضاع المتعاملين بها للمتابعة.

في النهاية، يمكن بسهولة تحويل القيمة الرقمية إلى حقيقية (نقدية).

في تموز/يوليو 2014، انبرى أحد الموالين لداعش لتحديد "الأسس الشرعية" للتعامل بالبيتكوين. ودعا هذا الشخص، واسمه تقي الدين المنذر، في وثيقة سماها "البيتكوين وصدقة الجهاد" إلى استعمال هذه العملة في تمويل العمليات الإرهابية.

قال في الوثيقة "لا يمكن للشخص إرسال حوالة مصرفية.. دون أن تكون الحكومات.. على علم بذلك، (...) الحل المقترح لهذا هو ما يسمى البيتكوين، بهدف إعداد نظام للتبرع مجهول تماما... ويمكنك من أن ترسل الملايين من الدولارات فورا، وستصل مباشرة".

البحث عن داعش

ارتكبت شاهيناز خطأ ثانيا قاتلا. بالتزامن مع عمليات جمع الأموال بين شهري آذار/مارس وحزيران/يونيو، أجرت بحوثا مطولة عن طرق الالتحاق بداعش.

فحصت الشابة الأميركية صفحات موقع التواصل الاجتماعي للبحث عن كيفية "الهجرة" إلى سورية، وتابعت حسابات تجند المقاتلين لداعش. وبحثت عن خرائط لمواقع التنظيم.

بحثت في غوغل عن "رحلات إلى إسطنبول"، و"فنادق في إسطنبول قرب المطار"، و"حمل النقود أثناء السفر إلى الخارج"، و"كم من المال يمكنني أن أرسل عبر ويسترن يونيون".

اطلعت على مجلات داعش، بعضها يدعو إلى ارتكاب عمليات إرهابية أو احتجاز رهائن في الغرب.

قرأت مقالات حول انضمام النساء إلى التنظيم المتطرف. أحد هذه المقالات بعنوان "الدولة الإسلامية: من هن أقوى الجهاديات؟".

في حزيران/يونيو، استصدرت جواز سفر باكستانيا وغادرت عملها دون علم أهلها.

في 31 من الشهر التالي (تموز/يوليو)، وبينما ظنت عائلتها أنها غادرت إلى العمل، اتجهت شاهيناز مباشرة نحو مطار جون كينيدي.

تشير تذكرتها إلى أنها كانت مسافرة نحو باكستان مع توقف لأيام في تركيا، وهو أمر شائع بين الأجانب الراغبين بالانضمام إلى داعش في سورية.

في المطار ألقي عليها القبض وبحوزتها 9500 دولار، أي أقل بقليل من المبلغ المسموح بحمله دون الحاجة إلى تصريح (10 آلاف دولار).

يقول محامي شاهيناز إنها ترسل الأموال للخارج لمساعدة اللاجئين السوريين. وهي توجد الآن على ذمة التحقيق في انتظار حكم المحكمة الذي سيصدر خلال هذا الشهر.

مصدر تمويل جديد

ما فشلت فيه زوبيا شاهيناز، نجح فيه كثيرون على الأرجح. في كانون الثاني/يناير 2017، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن مسلحين موالين لداعش في أندونيسيا قاموا بتمويل أنشطة إرهابية عن طريق البيتكوين.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر العام الماضي، نشر موقع CryptoCoinsNews المتخصص في تتبع أخبار العملات المشفرة أن قراصنة اكتشفوا محفظة مالية على الإنترنت لتنظيم داعش وبها ثلاثة ملايين دولار.

في ضوء هذه التطورات، سارع الاتحاد الأوروبي إلى فرض قواعد صارمة جديدة لمنع غسل الأموال وتمويل الإرهاب عبر العملات الرقمية.

وقال تقرير لمجلس العلاقات البريطاني إن البيتكوين والأموال المشفرة اكتسبت زخما أكبر كمصدر لتمويل الجماعات الإرهابية.

في الدول العربية، دخلت هيئة الافتاء المصرية على الخط وأصدرت فتوى بتحريم التعامل بالبيتكوين. وفي المغرب، أصدر البنك المركزي قرارا بمنع التعامل بالعملات الرقمية.

وفي الشهر الماضي، سجلت البيتكوين مستوى قياسيا جديدا فوق 17750 دولار للبتكوين الواحد، مرتفعة بأكثر من 1700 في المئة منذ بداية العام.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.