قبل سبع سنوات، قام شاب يمني يدعى عثمان بتفجير نفسه بحزام ناسف في هجوم إرهابي تبناه تنظيم القاعدة. حتّى اللحظة، لا يزال والد الشاب، علي نعمان الصلوي (55 عاما)، يطرح على نفسه الأسئلة كل يوم حول دوافع نجله للقيام بعمل كهذا.
“ما زلت مصدوما حتى اللحظة. أسأل نفسي دائما: لماذا؟”، قال علي الصلوي لموقع (ارفع صوتك)، متحدثا عن ابنه الشاب الذي فجر نفسه بهجوم انتحاري في العاصمة اليمنية صنعاء أواخر نيسان/أبريل 2010، بعد فترة وجيزة من انخراطه في صفوف الجماعات الإرهابية دون معرفة أسرته، وهو لم يتجاوز العشرين من عمره.
واستهدف الهجوم موكب السفير البريطاني في اليمن آنذاك، تيم تورولوت، الذي نجا بأعجوبة، بينما كان في طريقه إلى مقر سفارته شرقي العاصمة صنعاء.
وأدى الهجوم إلى إصابة ثلاثة مدنيين، إضافة إلى مقتل الانتحاري الذي تطاير جسده إلى أشلاء.
اقرأ أيضاً:
داعش في اليمن.. قاتل بوجه غامض الملامح!
اعتبروه إرهابا فكريا... يمنيون يدينون خطاب رجل دين وبرلماني يمني
يقول عيسى علي نعمان (24 عاما)، وهو شقيق الانتحاري عثمان الصلوي، “كان أخي شخصا طبيعيا يدرس بمعهد تقني خاص في تعز، حقّق المركز الأول في دفعته عام 2009-2010، بعدها اختفى لحوالي شهرين، ولم نعلم عنه شيئا سوى يوم الحادثة”.
ولم يخف عيسي القول إن شقيقه عثمان، الذي يكبره بأربع سنوات، كان يتردد على العديد من مساجد مدينة تعز، لذلك فهو يرجح تأثير الخطاب الديني المتشدد على شقيقه، “ما دفعه للقيام بتنفيذ تلك العملية المدانة وغير المقبولة”، على حد قوله.
واستبعد عيسى تماما أن يكون الفقر هو الدافع وراء تنفيذ عثمان للهجوم الانتحاري، قائلا “والدنا رجل أعمال، وحياتنا مستقرة، لا ينقصنا شيء”.
“ما زلنا محتارين بشأن الاسباب التي دفعته لتنفيذه العملية، كان يتناول القات معنا، ويستمع للأغاني، وكل شيء على ما يرام.. لقد نسيناه.. نحن أسرة تنبذ هذه الأعمال تماما، ولا نرغب بتذكر أي شيء عنه”، أضاف عيسى، وهو خريج بكالوريوس تخصص هندسة إنترنت من جامعة خاصة بصنعاء.
ورفض عيسى التعليق على قضية اعتقال شقيقه عثمان من قبل أجهزة الاستخبارات اليمنية، لمدة عامين تقريبا (2002 - 2004) عندما كان في 16 من عمره، بتهمة “التخطيط لقتل سواح أجانب”، قبل أن يتم الافراج عنه آنذاك بكفالة والده الذي ضمن حضور ابنه في أوقات محددة للمثول أمام جهاز الأمن السياسي.
ومنذ ذلك الوقت ظل الشاب اليافع يتنقل بين العاصمة صنعاء وقريته الريفية في منطقة الصلو جنوبي شرق مدينة تعز، قبل إعادة اعتقاله مجدداً لمدة ثلاثة أشهر أواخر العام 2009.
في آذار/مارس 2010، اختفى عثمان الذي يقطن مع أسرته في العاصمة اليمنية بشكل مفاجئ، ما أثار قلق والده الذي قام بدوره بإبلاغ السلطات الأمنية للبحث والتحري عنه، غير أن أجهزة الأمن فشلت في العثور عليه قبل تفجير نفسه على ذلك النحو المأساوي بعد أقل شهرين.
وعقب الهجوم الانتحاري، أعلنت وزارة الداخلية اليمنية ضبط خلية إرهابية تطلق على نفسها جماعة “الهجرة والتكفير”، يقال إن عثمان انخرط فيها لفترة من الوقت قبل تجهيزه لتنفيذ العملية الإرهابية.
التحريض الديني
ويذهب الدكتور محمد عامر، وهو طبيب مختص بالعلاج النفسي بصنعاء، إلى أنه من الناحية النفسية، السبب الأول الذي قد يدفع بشاب للقيام بهجوم انتحاري من هذا النوع هو “الاكتئاب” مع التحريض الديني، والسبب الآخر هو الرغبة بالعنف ضد المجتمع بسبب تعرض الشخص لعنف مجتمعي أو أسري.
وأشار إلى أنه من خلال عمله كطبيب نفسي، لاحظ أن كثيرا من الأشخاص، لا يخفون رغبتهم في الانتحار، وحتى تفجير أنفسهم في حال حصولهم على فتوى دينية.
وقال إن بعض هؤلاء “انفصاميون أو مصابون بأمراض عصبية”.
التفكك الأسري
لكن زيد بن يحيى، وهو عالم دين صوفي بارز، يعتقد أن كثيرا من المنخرطين في الجماعات الإرهابية يتم غسل أدمغتهم بأفكار متطرفة تمجد هذه العمليات الانتحارية.
ولا يستبعد أن تكون هناك دوافع أخرى كالتنويم المغناطيسي والمخدرات، غير أنه يرى أن الدوافع الأولى هي الأغلب والأعم.
وفي السياق يذكر مروان المغربي، وهو باحث اجتماعي، لموقع (ارفع صوتك)، أن من الأسباب التي تجعل بعض الشباب لا يترددون عن تفجير أنفسهم، التنشئة الاجتماعية، وعدم الاستقرار والتفكك الأسري والإهمال، وما يترتب على ذلك من إخفاق دراسي وانحراف وفقر وبطالة ورغبة في الخلاص والانتقام من المجتمع.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659