في سوق مريدي (شرقي بغداد)، كل شيء مطروح للبيع والشراء: جوازات السفر والشهادات الدراسية بدءا من الثانوية حتى الدكتوراه.
ولكل وثيقة سعرها.
في السوق أيضا مخدرات بأنواعها، يبيعها الـ"بندرجي"، وهو الاسم الذي يطلق على بائع المخدرات، لمن يثبت أنه "مكبسل"، وهي التسمية التي تطلق على المتعاطي.
تقع سوق مريدي في شارع يسمى شارع "الجوادر"، بين تقاطع شارعي (الكيارة والشركة)، وتمتد طولا على حوالي 1500 متر، بعرض 100 متر تقريبا، وهي سوق مستمرة بالتوسع.
قد يتبادر لمن يزور السوق للمرة الأولى ومن خلال المواد المعروضة أنها تبيع الملابس الشبابية والمستهلكة التي تسمى "البالة"، إضافة إلى الأثاث المستخدم، لكن السوق تضم في دهاليزها التي لا يعرفها سوى الرواد الدائمون أسواقا لكل ما هو ممنوع.
مصدر رزق!
يقول عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد سعد المطلبي لـ(ارفع صوتك) "السوق تخدم أبناء المنطقة، لكن جزءا منها يجري فيها بيع السلاح والتزوير، وهذا الجزء هو الخطر".
ويوضح مدير دائرة الإعلام في أمانة بغداد حكيم عبد الزهرة أن "مريدي ليس فقط شارع وإنما هو مجموعة محلات تحولت أزقتها وشوارعها إلى بسطيات ومحال عشوائية".
ويشير في حديث لـ(ارفع صوتك) إلى أن بعض أصحاب البيوت يشتكون من تلك التجاوزات، والبعض يستفيد من التجاوزات لأنها "أصبحت مصدر رزق له".
الحاجة إلى كفيل
تأسست سوق مريدي بعد إنشاء مدينة الصدر بحوالي 10 سنوات أي في عام 1972 تقريبا، وسميت بسوق مريدي نسبة إلى صاحب أول محلات أقيمت هناك، لكن منذ بداية الحرب العراقية الإيرانية عام 1980، حين تم منع السفر للخارج، ازدادت في هذه السوق عمليات التزوير.
وتباع على أرصفة السوق الأشياء المسروقة والممنوعة، وتشمل الأدوية التي تسرق من مذاخر المستشفيات العراقية.
الأكثر فداحة في سوق مريدي هو تجارة الأسلحة بمختلف أنواعها، وذلك أمر غير مستغرب لزبائنه، بل إن تجار السلاح في السوق يعرضون على الزبائن خدمات كثيرة، تصل أحيانا إلى القتل مقابل مبالغ مالية. لكنك لن تستطيع الولوج إلى تفاصيله السرية ما لم تكن محل ثقة المهيمنين عليه، أو لا تملك شخصا كفيلا.
ويحذر عضو اللجنة الأمنية من خطر انتشار التزوير في السوق، كونه "يوفر للمطلوبين للقضاء وثائق شبه رسمية، تمكنهم من التنقل في العراق بصورة آمنة وهذا يوفر غطاء".
ويضيف "المزورون يطوّرون عملهم مع الرموز التي توضع في الوثائق لتلافي الأخطاء".
حملات دون فائدة
تعرضت السوق إلى مداهمات من قبل القوات الأمنية، أسفرت بمعظمها عن مصادرة كميات من الأسلحة، كان آخرها في 30 كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، وفقا لمصدر من داخل السوق.
ويذكر المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه "بعدها نفذت أمانة بغداد حملة بسيطة جدا على البسطات المتجاوزة في السوق، لكن الأوضاع الآن طبيعية جدا في السوق والبسطات على أوضاعها لم تتم إزالتها".
وذكرت وسائل إعلام محلية أن عملية التفتيش تمّت "بمساندة الطيران الجوي، لحماية القوات الأمنية التي تنفذ حملة دهم وتفتيش في سوق مريدي على تجار الأسلحة".
وتحاول أمانة بغداد إزالة السوق بشكل مستمر بسبب الزحام الذي يؤدي إلى قطع الشارع الرئيسي (الجوادر)، فضلا عن الشكاوى التي يتقدم بها بعض أهالي المنطقة، لكن دون جدوى.
ويقول مدير دائرة الإعلام في أمانة بغداد حكيم عبد الزهرة "في هذه السوق تم رفع آلاف التجاوزات، نحن لا نستطيع مسك الأرض بعد فتح الشوارع، فهذه مسؤولية الجهات الأمنية"، مضيفا "سننفذ حملة جديدة بالمستقبل".
"تقصير أمني متعمد"
وينتقد عضو اللجنة الأمنية في حكومة بغداد المحلية سعد المطلبي ما وصفه بـ"ضعف الجهد الاستخباري والأمن الوطني"، في الوصول إلى المزورين وتجار الأسلحة، موضحا "التقصير متعمد، لأن الجهات المسؤولة عن الأمن هي من أهل المنطقة وتراعي الأمور العشائرية وقرابة السكن".
ويرى المطلبي أن الحل باستبدال عناصر الأمن بآخرين من مناطق أخرى، "حتى لا يكونوا معرضين للضغوط".
ولم نستطع الحصول على أي معلومة من وزارة الداخلية حتى لحظة نشر المقال، لعدم رد المسؤولين عن التصريح باسم الوزارة رغم تكرار محاولاتنا الاتصال بهم.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659