47 سنة أمضاها الممثل المسرحي الكوميدي واثق الأمين (67 عاماً( في إضحاك الناس في الموصل، لينتهي به العمر بائعا متجولا في أسواق المدينة. والسبب أن راتبه التقاعدي لا يكفي لإعالة أسرته.
يرتب الأمين بضاعته المتمثلة بالقفازات والجوارب على منضدته الصغيرة في سوق شعبية في منطقة كراج الشمال، قبل أن يتوجه إلى منصة قاعة نقابة المعلمين في المدينة لأداء دوره في ثالث مسرحية يمثل فيها بعد تحرير الموصل.
يؤكد الأمين أن الفن في الموصل لم يعد رائجاً منذ تنامي نشاطات الجماعات المتشددة على المدينة منذ عام 2003. وزادت سيطرة تنظيم داعش على المدينة لأكثر من ثلاثة أعوام الطين بلة.
"التنظيم وأد الفن في المدينة"، يقول الأمين. "نحن نقدم عروضاً مسرحية لعدة أيام من دون أجر، فما يدفعه الناس مقابل مشاهدة العروض لا يسد مصاريف العمل".
مسارح الموصل.. قبل داعش وبعده
بدأ النشاط المسرحي في الموصل منذ منتصف ثمانينيات القرن الـ19 وواصل تقدمه حتى ثمانينيات القرن المنصرم. ثمّ تراجع شيئا فشيئا منذ النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، وانحسر منذ 2003 لينتهي كليا مع سيطرة تنظيم داعش على المدينة في حزيران/ يونيو من عام 2014.
قبل سيطرة التنظيم على الموصل، كانت المدينة تحتضن أربعة مسارح. المسرح الأول كان في قاعة ابن الأثير في الجانب الأيسر من المدينة التي تعرضت لغارة جوية من قبل طيران التحالف الدولي نهاية عام 2016 إثر اتخاذها من قبل التنظيم مقراً لمسلحيه، أما القاعة الثانية فهي مسرح الربيع داخل مبنى نقابة الفنانين في الموصل الذي ألحق به مسلحو داعش الدمار قبل أن ينسحبوا من الجانب الأيسر الذي يقع فيه.
وتضرر أيضا مسرحان آخران في معهدي الفنون الجميلة للبنين والبنات في الموصل، وما زالا ينتظران عمليات إعادة اعمار المدينة لتبث فيهما الحياة مع المسارح الأخرى مجددا.
واضطر فنانو الموصل إلى عرض مسرحياتهم بعد تحرير المدينة من داعش في قاعة نقابة المعلمين الخاصة بالمؤتمرات والتي لا تصلح لعرض المسرحيات لصغر حجمها، إضافة لافتقارها إلى شروط الواجب توفرها في المسارح.
التنسيق بين العمل والفن
واثق الأمين ليس الوحيد من بين فناني الموصل الذين ورغم صعوبة حالتهم المعيشية ما زالوا متمسكين بتقديم العروض المسرحية لأبناء مدينتهم.
في قاعة نقابة المعلمين في الموصل، يتدرب العديد من الممثلين والمسرحيين في توقيت لا يتعارض مع مهامهم الحياتية اليومية التي يوفرون من خلالها لقمة العيش لعائلاتهم.
الفنان المسرحي صالح جدوع أحد هؤلاء الفنانين. يقول لموقع (ارفع صوتك) "الآن لم تعد هناك قيود مجتمعية أو فكرية تمنعنا من ممارسة الفن، لكن مشكلتنا تكمن في غياب الدعم، ليس هناك فنان موصلي يعتاش من فنه اليوم".
1300 فنان في نقابة فناني الموصل
وبحسب نقيب الفنانين في نينوى، تحسين حداد، فإن عدد المسجلين في نقابته بلغ حتى الآن نحو 1300. أهم المشاكل التي يواجهونها هي غياب الدعم الحكومي وغياب مستلزمات الإنتاج الفني من قاعات عرض وكهرباء وأزياء وديكورات مسرحية.
ويقول حداد إنه على الرغم ممّا شهدته الموصل من أحداث وما تعانيه من دمار، إلا أنها تمكنت بعد التحرير من تنظيم مهرجان الفيلم القصير في مديرية تربية نينوى ومهرجان المونودراما وبعض العروض المسرحية.
"الفنان الموصلي لا يزال موجوداً ولا يزال يقدم نشاطه بجهود الشخصية".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق“واتساب” على الرقم 0012022773659