نساء عراقيات/وكالة الصحافة الفرنسية
نساء عراقيات/وكالة الصحافة الفرنسية

بغداد - دعاء يوسف:

عند سؤال بدرية محمد، 61 عاماً، كيف كان شكل الحجاب أو غطاء الرأس عندما كانت في مقتبل العمر، أجابت أنها لا تتذكر غير النساء المسنات وهن يرتدين "الفوطة والجرغد واللكجة" وهي مجموعة من أغطية الرأس تحرص الكبيرات في السن على ارتدائها.

تروي بدرية أن ارتداء النساء لأغطية الرأس لم يكن له دافع ديني بل كان تقليدا اجتماعيا. "كنا نرى المسلمة والمسيحية وحتى الصابئية وغيرهن من مختلف الأطياف والأديان يحرصن على ارتدائها حتى لا يظهر شيئا من شعرهن".

وتشير إلى أنها حتى وقت قريب، كانت ترى في الشارع الكثير من المسيحيات من كبيرات السن يغطين رؤوسهن بعصبة أو لكجة بينما يرتدين فساتين بسيطة وليست طويلة جدا، وكذا الحال مع غيرهن من المسلمات.

تغطي بدرية الآن رأسها بوشاح خفيف يظهر بعضا من شعرها، وتقول إن "هذا أقصى ما يمكن أن ألتزم به في الشارع والأماكن العامة، احتراماً لعمري كما يحاول الكثير من الناس إقناعي بذلك".

الأزياء والأناقة

ترتدي ناهدة عزيز، 57 عاماً، الحجاب أو غطاء الرأس منذ 2005. تقول إنها لم تتعود حتى الآن على تغطية رأسها، لذا فهي دائما ما تكشف بعض خصلات شعرها.

ورغم أن البعض ينتقد طريقة حجاب ناهدة بوصفه بعيدا عن الاحتشام، إلا أنها ترى فكرة الحجاب دخيلة على مجتمعها. "سابقاً، كنت أحرص على تصفيف شعري بأحدث التسريحات ولم ينتقدني أحد".

وتضيف ناهدة، وهي موظفة متقاعدة، أنها كانت تعمل مدرسة لغة عربية في ثانوية للبنات، وكانت اهتمامات المدرسات آنذاك بالأزياء والأناقة كثيرة وخاصة تسريحات الشعر وقصاته ولا يفكرن أبداً بالحجاب أو بتغطية الرأس.

وتشير إلى أن النساء البغداديات اللواتي تعدّين الخمسين من العمر، فإن الواحدة منهن تغطي رأسها بوشاح مستطيل الشكل ومصنوع من الحرير أو القطن وتترك نهاياته تنساب على كتفيها دون تثبيتها بدبوس. "كانت فكرة تغطية الرأس نادرة آنذاك، إلا أن طريقة ارتدائه لم تتعدَ ذلك".  

العباءة البغدادية

أما نوال خليل، 57 عاماً، فقد اعتادت منذ زواجها عام 1977، ارتداء عباءة الرأس البغدادية. تقول إنها ليست محجبة ولا تغطي رأسها، لكنها كغيرها من بنات جيلها اعتادت على ارتداء العباءة السوداء.

وتضيف السيدة "كنت أرتدي مع العباءة السوداء مختلف الملابس من تنانير أو فساتين قصيرة وكذلك أستخدم المكياج وأتبع الموضة في أحدث التسريحات والقصات لشعري".

وتشير إلى أنها لم تغير أو تبدل العباءة وبقيت ملتزمة بذلك حتى الآن. "حاولت ارتداء العباءة الإسلامية أو ما يطلق عليها تسمية العباءة الخليجية، لكني لم أستطع الاستمرار بارتدائها".   

العباءة الخليجية

زاهدة علي، 52 عاماً، استطاعت تقبل العباءة الخليجية التي ظهرت تقليعتها في تسعينيات القرن الماضي، حتى تركت ارتداء العباءة البغدادية السوداء التقليدية.

تقول إنها صارت تحرص على اقتناء مختلف القصات والموديلات للعباءات الخليجية السوداء.

"أرتديها في كل مناسبة ومكان، ليس فقط مثل بعض النساء عند ذهابهن للتسوق أو في الصباح داخل المنطقة أو الحي فقط باعتبارها عباءة شعبية ولا تناسب المناسبات كافة". 

العباءة الإسلامية

عندما استتب الأمن في بغداد لم أعد أستطيع الاستمرار بتغطية راسي لأني لست متدينة

​​​ولكن عبير خضير، 38 عاماً، صارت ترتدي العباءة الخليجية أو الإسلامية برغبة من زوجها بعدما كانت ترتدي الحجاب العصري كما يقال عنه، وهو تغطية الرأس مع ارتداء ملابس عادية من تنورة وفستان على أن تكون قصاتها أو موديلاتها محتشمة.

وتقول إن زوجها فرض عليها ارتداء العباءة الإسلامية السوداء مع حجاب للرأس بألوان غامقة وغير ملفتة للنظر.

وتضيف "زوجي متدين ومتشدد أيضا، لقد تزوجني لأني محجبة ولا أستخدم المكياج، وفرض عليّ بعد الزواج قيودا كثيرة في مسألة اختيار ملابسي".

حجاب على الموضة

تحرص نورة محسن، على متابعة أحدث صيحات الموضة وخاصة أغطية الرأس الملونة والجذابة التي تتناسب مع ملابسها المتمثلة بسراويل الجينز والتنانير القصيرة.

وتقول الفتاة، التي تسكن في حي الجامعة ببغداد، "لستُ متدينة على الاطلاق، ولكني ارتديت الحجاب بطلب ورغبة من أبي إبان الاقتتال الطائفي عام 2006".

وتضيف أن والدها لم يكترث أبدا بالحجاب ولم يجبر والدتها أو شقيقاتها يوماً على ارتدائه، رغم أنه متدين. "لكن بسبب الاقتتال الطائفي ومعاقبة المرأة التي لا تلتزم بالزي الإسلامي، نصحنا بارتداء الحجاب خوفاً من استهداف المسلحين بوقتها".

وتسرد نورة، 31 عاماً، كيف أن شقيقاتها الثلاث يرتدين أغطية الرأس أو الحجابات مع ملابس بتصميمات تظهر أجزاء من أجسادهن. "الكثير من الفتيات يقال عنهن (يلبسن حجاب على الموضة)".  

عباءة فوق الجبة

أما كوثر كاظم، فهي ترتدي الحجاب أو غطاء الرأس لقناعة دينية، وتقول إنني "من عائلة متدينة، ولا يجوز للمرأة أن ترتدي غير جبة إسلامية وربطة رأس بيضاء تحتها حجاب يلم الشعر ويضغط عليه حتى لا تظهر من خلال الربطة البيضاء أية خصلة من الشعر".

ولم يتوقف حجاب كوثر الإسلامي على ذلك فقط بل تعداه إلى ارتداء العباءة السوداء فوق الجبة مع حرصها على ارتداء الجوارب السوداء، "حتى الصغيرات بعائلتنا نحرص على ارتدائهن للحجاب حتى يتعودن عليه عند الكبر".  

حجاب أمني

أشعر بالخجل دون غطاء الرأس، لكن هذا لم يمنعني من اختيار أحدث صيحات الموضة بملابسي

سمر كريم، 29 عاماً، التي كانت قد ارتدت الحجاب إبان الأحداث الطائفية عام 2006، تنازلت عنه وخلعته العام الماضي. تقول إنها ارتدت الحجاب لأسباب أمنية فقط، "وعندما استتب الأمن في بغداد لم أعد أستطيع الاستمرار بتغطية راسي لأني لست متدينة".

أما شقيقتها نادية، 33 عاماً، فتقول إنها رغم عدم قناعتها بالحجاب فقد ارتدته لأسباب أمنية أيضا، إلا أنها لا تستطيع تركه أو خلعه.

نادية تشعر أن حجابها صار عادة اجتماعية لا يختلف عن ارتداء عباءة الرأس التقليدية. "أشعر بالخجل دون غطاء الرأس، لكن هذا لم يمنعني من اختيار أحدث صيحات الموضة بملابسي".

التوجهات العلمانية والدينية

وترى الخبيرة بعلم النفس الاجتماعي الدكتورة بشرى الياسري أن للصراعات السياسية والأمنية في العراق تأثيراً كبيراً على شكل الحجاب أو غطاء الرأس الذي ترتديه النساء، حتى أن الحجابات المعروضة في المحلات التجارية أغلبها تكون تصميماتها وموديلاتها بحسب السوق الذي يتأثر دوما بالتوجهات السياسية والأمنية.

تقول الياسري إن الشعب العراقي بطبيعته متحرر والدين عنده لا يؤثر كثيرا على حياته وملبسه. "لقد كانت النساء قبل تسعينيات القرن الماضي لا يرتدين الحجاب، لكن بعد 2003 انحسرت التوجهات العلمانية وتحولت المرأة السافرة إلى محجبة بل ظهرت لدينا أشكال من الحجابات الإسلامية لم تكن موجودة في البلاد بالسابق".

وتشير إلى أن حجاب المحنكة التي تغطي نصف وجهها بحجاب الرأس وكذلك المرأة المنقبة التي تغطي وجهها بالكامل بالنقاب، لم يكونا متواجدين في السابق، "ولكن بسبب التوجهات السياسية والأوضاع الأمنية غير المستقرة صار لهما رواجاً كبيرا بين النساء في البلاد".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.