قوات حكومية يمنية في تعز
قوات حكومية يمنية في تعز

ينظر مواطنون يمنيون وناشطون حقوقيون بقلق بالغ إلى تصاعد نفوذ الفصائل الدينية المسلحة المحسوبة على السلفيين وجماعة الإخوان المسلمين، بشكل لافت في مدينة تعز جنوبي غرب اليمن.

وتشارك ميليشيات دينية مسلحة إلى جانب القوات الحكومية اليمنية في حربها المستمرة منذ ثلاث سنوات ضد جماعة الحوثيين الشيعية في مدينة تعز، تحت تشكيلات ومسميات عديدة، لكن أكثرها حضوراً هي كتائب “أبو العباس”، ولواء “حسم” ولواء “الصعاليك”.

اقرأ أيضاً:

داعش في اليمن.. قاتل بوجه غامض الملامح!

من يقف خلف تصاعد الاغتيالات في مدينة تعز اليمنية؟

ويخشى كثيرون من انعكاسات خطيرة لتنامي نشاط تلك الجماعات المسلحة على مستقبل التعايش في المدينة الغنية بتنوعها السياسي والثقافي والاجتماعي.

وظلت مدينة تعز حتى قبيل اندلاع هذه الحرب، توصف بأنها “عاصمة اليمن الثقافية”.

كما كانت المدينة الحضارية العريقة مهد الانتفاضة الشعبية الضخمة التي أطاحت بنظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح في 2011، ومركز انطلاق المقاومة الشعبية ضد تمدد جماعة الحوثيين المتحالفة مع إيران في محافظات جنوبي البلاد في العام 2015.

مستقبل خطير

“للأسف نحن أمام مستقبل خطير جداً، البعد الوطني غير حاضر في أدبيات هذه الجماعات ووثائقها، وفكرة الوطن غائبة لديها”، قال فهمي السقاف، وهو ناشط حقوقي يمني بارز.

وأضاف “تواجد الحكومة الشرعية هش، وبالتالي فقد حلت هذه الجماعات محلها أو تفوقت عليها”.

ويستبعد السقاف فكرة أن يكون تواجد الجماعات الدينية “طارئا أو عابرا” في المدينة التي كانت تمثل نموذجا حضاريا يحتذي للدولة المدنية الحديثة المنشودة في اليمن.

ويرى أن كل المؤشرات تؤدي فعلاً إلى استدامة الصراع.

ممولو الإرهاب

وفي مرات عديدة داهمت فصائل دينية متشددة في مدينة تعز مدارس ومستشفيات حكومية لمنع ما أسموه بـ “الاختلاط”، بينما فجر مسلحون إسلاميون منتصف العام 2016 ضريحا أثريا عريقا لأحد أبرز أعلام الصوفية في اليمن.

ونهاية تشرين أول/أكتوبر الماضي أدرجت الولايات المتحدة الأميركية، ودول الخليج العربية، عادل فارع الذبحاني “أبو العباس”، وهو زعيم أبرز الفصائل السلفية المسلحة في مدينة تعز على لائحة ممولي الإرهاب.

وقالت وزارة الخزانة الأميركية آنذاك إن عادل الذبحاني، عمل لصالح “تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية”، كما عمل منذ حزيران/يونيو 2016 قائدا لتنظيم “داعش” في محافظة تعز.

لكن “أبو العباس” نفى وجود أي صلة تربطه بالجماعات الإرهابية، وأبدى استعداده للوقوف والامتثال أمام القضاء وجهات التحقيق في اليمن أو الإمارات أو السعودية، في أي تهم توجه ضده، ووفقاً للقوانين اليمنية النافذة.

خيبة أمل

يقول الباحث السياسي والناشط الحقوقي اليمني، رفيق السامعي، إن “كتائب أبو العباس هي جماعة إسلامية متشددة ولديها موقف من العمل السياسي والحزبي”.

ويرى أن دعم هذه الجماعات من قبل قوات التحالف مقابل مشاركتها في الحرب ضد الحوثيين “يعني إعاقة أي تحول سياسي قائم على التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة والعمل الحزبي في المستقبل”.

ويؤكد الناشط ذاته لموقع (إرفع صوتك) أن “الناس في تعز يشعرون بخيبة أمل كبيرة بسبب بعض السياسات القائمة، سواء في عدم الجدية بالتعامل مع الجماعات المتطرفة أو تحرير تعز بالكامل من الميليشيات الحوثية”.

تأكيد ونفي

وقال مصدر إعلامي في محور تعز العسكري لموقع (إرفع صوتك)، إن كتائب “أبو العباس” على سبيل المثال لا تخضع  لأوامر قيادة الجيش الوطني في تعز.

وأضاف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه “هي خارج إطار المؤسسة العسكرية، وخارج القوانين واللوائح العسكرية، رغم أنها تقاتل في صفوف القوات الحكومية”.

لكن كتائب “أبو العباس” رفضت هذه الاتهامات.

وقال ‏رضوان الحاشدي، وهو المسؤول الإعلامي في مكتب “أبو العباس”، إن كتائبه تابعة للواء 35 مدرع كبرى ألوية الجيش الحكومي في مدينة تعز.

وخلال زيارة لوفد حكومي إلى مدينة تعز في تشرين أول/أكتوبر الماضي، لم يخف عبدالعزيز جباري، وهو نائب رئيس الوزراء اليمني مخاوفه الجادة من تصاعد نشاط الجماعات المسلحة، لكنه بدى متفائلا بأن “هذه النتوءات والمشاكل ستختفي في حال دعم أجهزة الدولة، لأنه إذا حضرت الدولة غاب الخارجين عن القانون”، على حد تعبيره.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.