من كليات جامعة سامراء/ارفع صوتك
من كليات جامعة سامراء/ارفع صوتك

علي عبد الأمير وهشام الجبوري:

يبدو الجانب الديني وقد أصبح السمة الأبرز لحياة العراقيين بعد العام 2003 في ترجمة كثيرة لاعتلاء الأحزاب الدينية سدة الحكم ومقاليد السلطة السياسية والاجتماعية والفكرية، وهو ما يراه مهتمون بالمعرفة الحديثة قد انعكس سلبيا على الشارع العراقي الذي أصبح " أكثر انغلاقا مما جعل المتطرفون يستغلون هذه القضية لزيادة نفوذهم وسط المجتمع".

مؤسسات دين أكثر .. فن أقل

وصلاح الدين أحدى المحافظات العراقية التي شهدت صراعات كان للتطرف الديني اليد الطولى فيها،  و "تشكيل وعي جمعي مهتم بالجانب الديني المتشدد على حساب الوعي الطبيعي للإنسان وتذوقه للفنون" كما يرى المخرج المسرحي جواد الساعدي.

ويحتاج وجود كلية للفنون الجميلة إلى قاعده جماهيرية تتقبل الفن والجمال فيما المجتمع في صلاح الدين رغم تنوعه "تربى على عادات وتقاليد متشددة ترفض المسرح والفن التشكيلي والموسيقى ويعتبر الفن حراماً لا يمكن مزاولته كمهنة وخيار فكري"، يضيف الساعدي في حديث إلى موقعنا.

كما يتطلب وجود كلية للفنون مؤسسات أدنى مثل معهد الفنون الجميلة كي يرفدها بالطلاب شبه المؤهلين، وهذا متوفر عبر معهدين في قضاءي بلد وتكريت، وسط توقعات بافتتاح تلك الكلية بعد توفر الكادر التدريسي، "الأمر الذي سيضعف تأثير التيارات الدينية لا سيما المتشددة منها " يؤكد الساعدي.

 وافتقار جامعة تكريت لكلية للفنون الجميلة أسوة بمعظم جامعات العراق بوصفه مؤشرا لـ"سطوة  التشدد الديني على طبيعة المجتمع"  يؤكده الكاتب والأكاديمي أحمد حداد، مشددا في حديثه إلى موقعنا "أصبح من الضروري التفكير الجدي باستحداث كلية للفنون الجميلة في جامعة تكريت أسوة بالتخصصات الأخرى التي وصلت حد التخمة".

لكن أحمد الغزالي المتحصل على بكالوريوس فنون موسيقية من جامعة بغداد يرى هذا التوقع بعيدا، فيؤكد "لا يوجد توجه حقيقي واهتمام من قبل المسؤولين في المحافظة نحو فتح كلية للفنون بسبب عقليتهم التي تعتبر تلك المؤسسات مجرد ترفيه لا يهتم به المجتمع".

ومثل هذه "العقلية" تؤثر سلبا على فهي "قتلت أصحاب المواهب من الخطاطين والرسامين والمسرحيين والموسيقيين والنحاتين في صلاح الدين"، يقول الغزالي.

جامعتان بلا كلية للفنون

ورغم وجود جامعتين في محافظة صلاح الدين هما (تكريت وسامراء) حيث تضمان كليات وأقسام للشريعة إلا إنهما تفتقران لكلية تعنى بالفنون، فيما يشير د. ميثم العباد مدير أعلام جامعة تكريت إلى وجود دراسة لافتتاح كلية مستقلة حال توفر الإمكانيات المناسبة لذلك .

بينما قال مدير إعلام جامعة سامراء، حذيفة سعد إبراهيم لموقعنا "عندنا كلية مستقلة تعنى بالعلوم الإسلامية أضافة إلى قسم لعلوم القران في كلية التربية، الا أننا تفتقر لكلية أو قسم يعنى بالفنون وهذا يعود لأسباب عدة أبرزها عدم وجود اهتمام مجتمعي".

 

التربية: نوازن بين الديني والفني

علاء حسين، مدير النشاط المدرسي في المديرية العامة لتربية صلاح الدين الذي يعنى بتطوير المواهب الفنية في المدارس قال لموقعنا ان اهتمام الكليات بالجانب الديني لا يقل شأناً عن باقي الكليات الاخرى، والدليل هو وجود كلية التربية/ قسم التربية الفنية في جامعة تكريت التي نعول عليها بإحداث متغيرات إيجابية في السلوك والتوجهات والمفاهيم في مجتمعنا".

حسين الذي ينوه إلى خطوة مديريته بفتح معهدي فنون جميلة، واحد في تكريت والآخر في قضاء بلد، يأمل أن تبادر جامعة تكريت بتأسيس كلية فنون جميلة "كي ترفد المجتمع بفنون وثقافة وآداب تشيع لغة جمال وتسامحاً ومحبة وذوقاً عالياً".

 

لا علاقة للدين بالتطرف؟

وثمة من ينفي علاقة بين وجود عدد كبير من الكليات المهتمة بالشريعة الاسلامية وتنامي ظاهرة التطرف، فهذه المؤسسات "حريصة على جعل التيار الديني يتماشى مع مقومات الحياة العصرية" كما يقول الدكتور يونس كامل الأكاديمي في الفقه المقارن.

ويعتقد كامل إن "التدين حاجة في النفس البشرية فكان ﻻ بد من تهذيبها حسب مناهج علمية تدعو الى الاعتدال" وهذا ما تقوم به الكليات المهتمة بالجانب الديني التي تحصل على منهجها المقرر من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

وينفي أستاذ الفقه أي عداء مسبق بين الدين و"الفن الهادف"، مؤكدا إن المؤسسات العلمية "الشرعية" و "الفنية" تسعى إلى خدمة المجتمع وتلبية حاجته إذا ما بنيت على أساس علمي رصين.

لا غناء في بيتنا

وعلى النقيض من حقيقة وجود الجامعات وفقا لتطلعات الطلاب من أبناء منطقتها يقول المواطن حارث الدبي أن أبنه "أجبر على القبول بقسم التربية الفنية في جامعة تكريت لعدم وجود كلية فنون".

غير إن صورة الأب هذه تختلف تماما عما هي عند طالب علوم في جامعة تكريت "كنت أرغب كلية الفنون كوني أهوى التمثيل وشاركت بعدة مهرجانات وأعمال فنية في المحافظة، لكن والدي منعني وأجبرت على دراسة العلوم نزولا عند رغبة أبي".

خلود عبدالنبي وهي أم لثلاث أولاد لا تؤيد ذهاب أبنائها لكلية أو معهد فنون جميلة "أفضل أن يذهبوا إلى اختصاصات تخدم البلد كالتعليم والصحة والبناء".

بينما المواطن أبو عامر، وهو من قضاء الدجيل فقد قال كلمته الفصل "ما إن أشاهد الأغاني والممثلات أدير محطة التلفزيون حتى لا تشاهد ذلك عائلتي .. الفن حرام".

 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.