عراقيون يحملون كفن أحد ضحايا الهجوم الانتحاري المزدوج الذي استهدف بغداد/وكالة الصحافة الفرنسية
عراقيون يحملون كفن أحد ضحايا الهجوم الانتحاري المزدوج الذي استهدف بغداد/وكالة الصحافة الفرنسية

بغداد- دعاء يوسف:

"ابني وينه يا عالم.. بوية كاسب على باب الله يبيع نظارات. وين راح ابني وينه.. نريد نعيش، ماكو ابني ماكو، هذي الشباب راحت شنو ذنبها يا الله".

هذه العبارات تنقلها شذى محمد عن أحد ركاب سيارة الكيا التي نقلتهم من منطقة باب الشرقي نحو البياع.  

الراكب هو رجل يبحث عن ابنه بين الجثث وبقايا البسطيات والعربات الجوالة جراء تفجير مزدوج استهدف ساحة الطيران إحدى أهم المراكز التجارية بوسط العاصمة بغداد، صباح اليوم الاثنين، نفذه انتحاريان يرتديان حزامين ناسفين.

الذنب الذي ارتكبه

تقول شذى التي كانت قريبة من مكان التفجير "كنت عاجزة وفقدت القدرة على الحركة من هول المنظر، لم أستطع فعل أي شيء غير الصراخ".

وتضيف وهي تبكي "لا يعمل في هذا المكان غير الفقراء والكسبة من عمال بناء وباعة متجولين وأصحاب بسطيات وصناعيين همهم اليوم توفير لقمة يومهم". 

في هذه الأثناء، تعالت أصوات الركاب ألماً وحيرة، وتساءل أحدهم ويدعى وليد، عن الذنب الذي ارتكبه الشعب العراقي ليكون مصيره هكذا؟

يقول وليد، الذي استطاع هو الآخر النجاة مع طفله الذي كان يرافقه بالصدفة من التفجير بعد دقائق من عبورهما لمكان الحادث، "كنا دائما نقول ونحذر من أن السياسيين هم سبب قتلنا ودمارنا، وتفجيرات اليوم هي الدليل على ذلك".

ويتابع "عندما نشهد تفجيراً في بغداد، نعرف مباشرة أن السياسيين اختلفوا فيما بينهم. فكلما اختلفوا، تحولت شوارعنا إلى مقابر لنا عبر تفجير البسطاء والفقراء من الناس بعبوات وأحزمة ناسفة".

وأسفر الهجوم عن 31 قتيلا على الأقل وأكثر من 100 جريح، وهو الثاني الذي يستهدف العاصمة خلال ثلاثة أيام.

ومساء السبت، قتل خمسة أشخاص على الأقل في هجوم نفذه انتحاري يرتدي حزاما ناسفا قرب حاجز للقوات الأمنية في شمال بغداد. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن جميع هذه الهجمات.

وبعيد اعتداء الاثنين، اجتمع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بقيادات العمليات والأجهزة الاستخبارية في بغداد، و"أصدر مجموعة من التوجيهات والقرارات والأوامر المتعلقة بملاحقة الخلايا الإرهابية النائمة"، بحسب بيان صادر عن مكتبه الإعلامي.

لن يتوقف قتلهم لنا

يقول عباس طه، 49 عاماً، "كنت متوقعاً عودة التفجيرات الإرهابية، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية".

ويضيف "بقاء الوجوه السياسية والكتل الحزبية ذاتها يعني أننا لن نعيش بسلام ولن يتوقف قتلهم لنا، وسيستمرون ما دام قتل الشعب الوسيلة المناسبة والأنجح لبقائهم على الكراسي، وما دام هذا الشعب لا يستطيع محاسبتهم ومحاكمتهم".

يذكر أن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، قد أعلنت في وقت سابق عن تحديد تاريخ إجراء انتخابات مجلس النواب لدورته الرابعة، مبينة أن الانتخابات ستجرى في 12 أيار/مايو عام ٢٠١٨.

ويشير عباس، وهو يدير محلا لبيع الأجهزة الكهربائية ببغداد، إلى أن "الأيام القادمة ستكون أكثر قسوة على العراقيين، خاصة بعدما أعلنت بعض الأحزاب السياسية مقاطعة الانتخابات مقابل تحقيق مكاسب سلطوية"، إذ قرر الحزب الديمقراطي الكردستاني في بيان له مقاطعة الانتخابات.

استغلال الصراعات السياسية

أما المحلل الأمني جابر الزيدي، فيربط التفجير بتنظيم داعش ويقول "لم نقض على هذا التنظيم بعد وهو ما زال يتحرك بحرية عبر خلاياه النائمة لتنفيذ جرائمه".

وقال في حديث لموقع (ارفع صوتك) "هذا التنظيم يحاول الآن استغلال كل شيء وكذلك الصراعات والخلافات القائمة بين السياسيين على الانتخابات البرلمانية القادمة لينتقم عبر استهدافه للمدنيين".  

ويشير المحلل إلى أن الصراعات السياسية الآن هي فرصة ذهبية لداعش للنهوض من جديد، "الوضع في البلاد وخاصة الأمني دائما ما يضعف مع اقتراب الانتخابات البرلمانية، إذ تبدأ كل كتلة سياسية بالبحث عمّا يدفعها للفوز بالانتخابات حتى لو كان الثمن دماء العراقيين".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.