السابعة والربع صباحا. يستعد مجد للذهاب للمدرسة. حصة اليوم تتضمن اللغة الكردية. لم يسبق للصبي، الذي تجاوز 10 سنوات بقليل، أن درس هذه اللغة. ففي السابق، لم تكن مدينة منبج بريف حلب الشرقي تحت سيطرة قوات سورية الديمقراطية.
في سنواته الأربع الماضية درس مجد مناهج النظام السوري وتنظيم داعش، واليوم، وهو في بداية سنته الخامسة في التعليم الابتدائي، يدرس مناهج وضعتها قوات سورية الديمقراطية لكنها لا تختلف كثيرا عن مناهج النظام.
في العام المقبل، قد يدرس منهاجا رابعا إذا نفذت تركيا تهديداتها باقتحام منبج. الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال إن بلاده ستنفذه خلال أيام عملية عسكرية في شمال سورية، تشمل منبج وعفرين، سيدعمها مقاتلون من المعارضة السورية.
والدة مجد تقول إن المدرسة أبلغتها أن اللغة الكردية باتت مادة أساسية. لكن ابنها لا يستوعبها جيدا، أسوة بباقي زملائه العرب في المدينة.
حرب المناهج
أدخلت الحكومة المؤقتة، التابعة للمعارضة السورية، في مناطق سيطرتها، تعديلات على المناهج التعليمية الصادرة عن وزارة التربية التابعة للنظام السوري.
ركزت التعديلات أساسا على مادة "التربية الوطنية". استبدلت المعارضة العلم السوري بعلم الاستقلال، وأدخلت دروسا عن "الثورة السورية"، وقصصا عن قتلى بصفوف المعارضة، وأطلقت على النظام تسمية "العدو" في كل مرة يرد ذكره في الكتاب.
تركت حكومة المعارضة ما تبقى من منهاج النظام دون تغيير تقريبا. وجرى تدريسه في المناطق الخاضعة للمعارضة ومدارس اللاجئين السوريين في تركيا.
عندما عدل النظام السوري منهاجه، سنة 2017، تبنت الحكومة المؤقتة المنهاج الجديد، بما فيه مادة "التربية الوطنية".
تتضمن مادة "التربية الوطنية" دروسا عن مجلس الأمن والأمم المتحدة والأمن الغذائي وجامعة الدول العربية وحقوق الإنسان. ولا يوجد فيها أي ذكر "للحركة التصحيحية" (الانقلاب العسكري الذي أوصل وزير الدفاع حافظ الأسد إلى السلطة)، وحذفت منها أيضا صور الرئيس بشار الأسد ووالده حافظ الأسد.
في المقابل، ركزت بعض الدروس على الجولان ولواء الإسكندرون التي تطالب سورية باستعادتهما من إسرائيل وتركيا.
في ريف حلب الشرقي، حيث تسيطر قوات الديمقراطية، ما يزال الطلاب يدرسون منهاج النظام القديم، مع إضافة اللغة الكردية كمادة أساسية.
أما في إدلب، الخاضعة لسيطرة جبهة النصرة، فيدرس المنهاج المعدل التابع للنظام السوري. لكن "حكومة الإنقاذ"، التي تم تشكيلها حديثا، تدرس إمكانية "إصلاحات" عليه.
كيلومترات وتختلف المناهج!
في ريفي حلب الشرقي والشمالي، يدرس الطلاب منهاجين مختلفين.
ففي مناطق سيطرة القوات المنضوية تحت درع الفرات في ريف حلب الشمالي يدرس الطلبة منهاج النظام المعدل حديثا، بينما في المناطق التي تسيطر عليها قوات سورية الديمقراطية في ريف حلب الشرقي يدرس الطلاب منهاج النظام القديم مع إضافة اللغة الكردية.
يعمل علي حمود، وهو في الثلاثينيات من عمره، مدرسا في منبج. يقول إن التعليم "مضطرب" في المدينة. خلال سنتين ونصف السنة، درس الطلبة مناهج خاصة بتنظيم داعش الذي سيطر على المدينة حتى آب/أغسطس 2016. والآن يدرسون منهاج النظام القديم.
يحتفظ كثير من السوريين بأربعة مناهج مختلفة في منازلهم، درسها أبناؤهم خلال السنوات الست الماضية: كتب تنظيم داعش، مع كتب النظام والمعارضة وقوات سورية الديمقراطية.
المدرسة في منبج والراتب من حلب
رغم التعديلات الجديدة، خلال 2017، ما تزال مناهج النظام السوري القديمة تدرس في مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية.
الملفت في منبج، أن الأمر تم بتوجيه من مديرية التربية بحلب التابعة للنظام التي غضت النظر عن وجود تعديلات على بعض المواد وإدخال مواد جديدة، ودعمت منطقة منبج بآلاف الكتب القديمة ومئات المقاعد والحقائب الدراسية.
ويتقاضى أساتذة منبج التابعون لمديرية التربية بحلب رواتبهم من الحكومة السورية، فيما يتقاضى الأساتذة المعينون من قبل لجنة التربية والتعليم التابعة لقوات سورية الديمقراطية رواتبهم من الفصيل الكردي.
يحدث كل هذا في وقت يوجد فيه أكثر من مليونين و400 ألف طفل سوري خارج المدرسة، وفق إحصائيات منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف.