وثيقة عراقية رسمية تجبر الموظفين على الانتخاب وتبتزهم بمورد رزقهم. هذا ما تناقله عراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى سارع المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي إلى الإعلان عن توجيه الأخير "بالتحقيق الفوري بملابسات صدور كتاب من الأمانة العامة لمجلس الوزراء خلافا لتوجيهات سيادته".
الإعلان جاء على الصفحة الرسمية للمكتب على موقع فيسبوك، بعد ساعات من انتشار وثيقة مسربة بتوقيع الأمين العام لمجلس الوزراء وكالة مهدي العلاق، على الموقع نفسه.
وتنص الوثيقة "على دوائر الدولة كافة عدم صرف الراتب الوظيفي للموظفين أو المعينين لديها بصفة عقد أو أجر يومي إلا بعد إبرازهم البطاقة الانتخابية".
سابقة خطيرة
القرار وصف بـ"السابقة الخطيرة"، على لسان نواب ومختصين في القانون وحقوق الإنسان.
يقول عضو مجلس النواب عمار الشبلي في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "هذا الكتاب فيه خطر كبير وخطأ قانوني لأنه استشهد بمادة قانونية كان يجب أن تفسر لصالح المواطن"، فالامتناع عن التصويت هو "تعبير عن الرأي وهذا الشيء ضمنه الدستور في المادة التي استشهد بها كتاب الأمانة".
ويشير الشبلي إلى أن الكتاب الصادر عن الأمانة العامة وصل إلى مجلس النواب "بعد الثالثة ظهرا، أي بعد نهاية الدوام الرسمي"، مضيفا "غدا رئاسة البرلمان ملزمة بإرسال كتاب إلى الأمانة للتأكد من صحة الكتاب".
وتنص المادة (20) من الدستور العراقي على أنه "للمواطنين رجالاً ونساءً، حق المشاركة في الشؤون العامة، والتمتع بالحقوق السياسية، بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح".
الانتخابات حق وليس واجب
ويوضح الخبير القانوني علي جابر التميمي أن الوثيقة ليست مخالفة للدستور فقط، وإنما "تخالف المواثيق العالمية مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حرية الشخص في الاختيار الديمقراطية"، وهي بذلك تشكل "سابقة خطيرة ومخيفة في انحدار المسار الديمقراطي للبلد نحو الهاوية"، على حد وصفه.
ووفق الخبير القانوني، "يمكن الطعن بكتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء أمام محكمة قضاء شؤون الموظفين، وحتى في المحكمة الاتحادية، لأن الانتخابات حق وليست واجبا".
ويرى التميمي أن الحكومة باتت متأكدة من عزوف المواطنين عن المشاركة الانتخابات، لذلك هي تحاول "التصدي لنزعة الشارع العراقي".
تعليمات مجحفة
بدورها أكدت المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان العراقية أنها ستصدر بيانا تخاطب فيه الجهات التي أصدرت الوثيقة بمعايير الحق التي تم انتهاكها، مشيرة إلى أنه لا يحق لأي مؤسسة "قسر أي شخص وإلزامه في موضوع المشاركة في حال ثبتت هكذا قرارات المفوضية".
وقال المتحدث باسم المفوضية ماجد الغراوي خلال مشاركته في برنامج "شنو رأيك" على راديو سوا إن "هذه التعليمات مجحفة بحقوق المواطنين، خصوصا وإن عدم المشاركة يمثل إرادة المواطن الشخصية التي كفلها الدستور".
ووصف ما صدر عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء بـ"سابقة خطيرة تتعلق بمنظومة حقوق المواطن"، مضيفا "الأجر حق مكفول في الدولة العراقية لما قدمه من جهود خلال الشهر، الدولة يجب أن تشجع على المشاركة بالانتخابات، لا تقوم بعملية الجبر والقسر".
ويرى الغراوي أن هناك آليات أخرى لتشجيع المواطن على المشاركة في الانتخابات، يمكن إجراؤها بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، وتركز خلالها على أنه "بإمكان المواطن إجراء تغيير في إدارة الدولة ومنع ما جرى من إخفاقات سابقا من خلال اختيار الشخص المناسب".
ما موجود
ويعبر المواطن حسن حامد (40 عاما) عن امتعاضه عن القرار الصادر من الأمانة العامة لمجلس الوزراء بقوله "هذا الشيء ما موجود في كل دول العالم، أن تفرض على الناس المشاركة في الانتخابات"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) "لو يضرب الموظفون إضرابا عاما، ستعرف الحكومة والأمانة العامة لمجلس الوزراء إن الله حق".
ويتوقع حسن أن مثل هذه الإجراءات سوف تخلق ردة فعل سلبية لدى المواطن تمنع "حتى من كان ينوي المشاركة عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659