الموصل تستعد لأول موسم زراعي بعد تحريرها من داعش
الموصل تستعد لأول موسم زراعي بعد تحريرها من داعش

منذ عودته إلى قريته في منطقة وانه شمال شرق الموصل قبل نحو شهرين، ينتظر الفلاح فاضل ستار أن تمد له الحكومة يدها كي يبدأ بزراعة أرضه التي ابتعد عنها لأكثر من ثلاثة أعوام بسبب سيطرة تنظيم داعش على محافظة نينوى.

لم تعد قرية ستار كما كانت قبل سيطرة داعش عليها، فالدمار الذي خلفته حرب الأعوام الثلاثة الماضية بات يغطي غالبية مساحتها، وفقد سكانها ما كانوا يمتلكونه من آليات زراعية وسيارات، يخشى ستار أن يحرم هذا العام من الزراعة والإنتاج أيضا بسبب العوائق الكثيرة التي يواجهها الفلاحون في المناطق المحررة.

يقول ستار لموقع (ارفع صوتك) "فقدنا كل قدراتنا الزراعية، إذا لم تساعدنا الدولة وتوزع علينا البذور والآليات، فلن نستطيع الزراعة، لأننا حتى لو تمكننا من حرث الأرض فليس لدينا إمكانية لشراء الحبوب والبذور من السوق"، لافتا إلى أنه استلم حصته من بذور الشعير فقط بينما ما زال ينتظر بذور القمح ليبدأ بزراعتها قبل أن ينتهي موسمها.

قبل سيطرة تنظيم داعش على الموصل في حزيران/ يونيو 2014، كانت الموصل (سلة خبز العراق) لأنها أكبر منتج للحبوب في العراق خصوصا القمح والشعير، بسبب أراضيها الزراعية الشاسعة، التي تعتمد على الأمطار التي تهطل بكثافة في المدينة شتاءً، لكن احتلال داعش لها أفقدها هذا اللقب.

الزراعة في ظل سيطرة داعش

مالك عائد، فلاح آخر من الموصل، يصف الزراعة في عهد داعش بالمهنة الخاسرة، ويوضح لموقع (ارفع صوتك) "رفع التنظيم الدعم عن الحبوب والسماد، فكنا نشتريها بسعر السوق ونضطر الى بيع المحصول بسعر قليل، وكان مسلحوه يأخذون منا حصة من المحصول بمسمى الزكاة، أما من يمتنع عن إعطائهم الحصة كانوا يعاقبونه بأخذ محصوله بالكامل".

على بعد نحو 70 كيلومترا شمال غرب الموصل، تقع مدينة تلعفر، التي تعد واحدة من أبرز المناطق الزراعية على مستوى محافظة نينوى والعراق. مساحات واسعة من الأراضي الزراعية تنتظر عودة الحياة لها بعد أن تحررت من سيطرة التنظيم نهاية آب/ أغسطس من العام الماضي.

ويؤكد رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في مدينة تلعفر، محمد اسماعيل عباس، أن غالبية الفلاحين في نينوى ومن ضمنها تلعفر تركوا الزراعة في عهد داعش "لأنها لم تكن مجدية اقتصاديا ولم تسد كلفة الإنتاج"، ويرى ضرورة استلام الحكومة العراقية للمحاصيل الزراعية في نينوى مقابل مبالغ مالية جيدة إضافة إلى دعم الفلاح بالبذور والآليات والأسمدة والقروض كي يتمكن من إعادة الحياة إلى أراضي المحافظة.

ورغم تحرير محافظة نينوى من داعش إلا أن مخلفاته الحربية والعبوات الناسفة والمتفجرات التي زرعها ما زالت تشكل عقبة أمام الفلاحين في العديد من القرى والبلدات التابعة للمحافظة.

أكبر خطة زراعية في العراق

 وتشير المديرية العامة للزراعة في نينوى أنها بدأت بتطبيق أكبر خطة زراعية على مستوى العراق للعام الحالي الذي يعد الزراعي الأول بعد تحرير المحافظة من داعش بالكامل.

ويضيف المدير العام للزراعة في المحافظة، دريد طوبيا، لموقع (ارفع صوتك) "بدأنا الخطة بتوزيع بذور القمح على الفلاحين، ووزعنا حتى الآن 11 ألف طن من أصل 16 ألف طن أما الشعير فوزعنا تقريبا غالبية الكمية المخصص البالغة 20 ألف طن"، لافتا إلى أن هذه البذور وزعت بأسعار مدعومة من الحكومةب نسبة 70 في المئة، مشيراً الى أن مديريته وزعت أنواعا من الأسمدة على الفلاحين أيضا.

وكشف طوبيا أن مديريته ستكون لديها في المستقبل، جرارات وحصادات، سيباع قسم منها للفلاحين بنظام الدفع الآجل وقسم آخر بشكل مباشر، مبيناً "خصصت لمحافظة نينوى 750 باذرة، وسجل نحو 625 فلاحاً أسماءهم لاستلامها"، واصفا أسعارها بالمدعومة جداً من قبل الحكومة.

ويختتم طوبيا حديثه بالإشارة إلى مخلفات الحرب والمتفجرات التي تحتل قسما من الأراضي الزراعية في المحافظة، ويوضح "هناك مساحات واسعة مزروعة بالعبوات الناسفة والمتفجرات، وهي قيد المعالجة من قبل الجهات المختصة".

 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659

 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.