مومياوات بقسم الآثار في جامعة صنعاء/ارفع صوتك
مومياوات بقسم الآثار في جامعة صنعاء/ارفع صوتك

داخل مخازن المتحف الوطني وقسم الآثار في جامعة صنعاء ترقد مجموعة من أقدم المومياوات المكتشفة في اليمن، والتي يعود تاريخ بعضها إلى القرن الرابع قبل الميلاد.

لكن تلك المومياوات في طريقها اليوم إلى التحلل بسبب تداعيات الحرب المستمرة في البلاد منذ ثلاث سنوات، كما يقول فهمي العريقي، وهو أستاذ مواد الترميم بقسم الآثار في كلية الآداب بجامعة صنعاء.

اقرأ أيضاً:

الحرب في اليمن تدمر التاريخ العريق

متطرفون سلفيون وراء هدم مسجد تاريخي في اليمن

ولا تزال أبواب المتحف الوطني بصنعاء، وهو أكبر المتاحف الأثرية في اليمن مغلقة حتى اليوم، منذ استهداف غارات جوية لمقاتلات التحالف العربي الذي تقوده السعودية مواقع عسكرية مجاورة قبل نحو عامين.

عاجزون عن الصيانة

يؤكد العريقي لموقع (ارفع صوتك) أنّه تمّ تخزين مومياوات المتحف الوطني وعددها 12 بشكل عشوائي، ونتيجة لعدم صيانتها وترميمها منذ ذلك الوقت بسبب انعدام مواد التعقيم والتبخير والطاقة الكهربائية، تعرضت اثنتان منها للتعفن.

وأشار إلى أن الأمر ذاته ينطبق على المومياوات المخزنة في متحف قسم الآثار بجامعة صنعاء.

يقول العريقي “تحتاج المومياوات إلى صيانة ومعالجة دورية من ستة أشهر إلى سنة حيث يتم ضبط قياسات الرطوبة والبرودة ودرجة الحرارة على مستويات معينة لمنع انتشار البكتيريا والفطريات والحشرات”.

أضاف “في الفترة الأخيرة أصبحنا عاجزين عن الصيانة والمعالجة نتيجة انقطاع الكهرباء، والميزانية المخصصة للتعقيم والتبخير”.

“قبل 2011، كنا نجري تعقيما دوريا كل 3 أشهر أو 6 أشهر، أما الآن فمرة واحدة كل عام أو عامين، وبمادتين فقط بدلاً من سبع مواد”، تابع خبير الآثار اليمني فهمي العريقي، بنبرة متحسرة.

قرفصاء

وعثر على أولى المومياوات باليمن في تشرين الأول/أكتوبر 1983، في منطقة شبام الغراس حوالي 25 كم شمالي شرق العاصمة صنعاء.

ومنذ ذلك الحين توالت الاكتشافات من هذا النوع في مقابر صخرية وكهفية وصندوقية في عدد من المناطق الأثرية شمالي وشرقي البلاد.

ويذكر الخبير فهمي العريقي أن بعض هذه المومياوات وجدت في حالة قرفصاء في مقابر صخرية بمناطق جبلية.

أضاف “هذه المومياوات تتمتع بقيمة علمية كبيرة حيث تكشف طبيعة المجتمع الذي عاش في جنوب الجزيرة العربية، ولها دلالات كثيرة وأهمية في علم الأجناس، وكيف عاش الإنسان اليمني القديم”.

الجلد المدبوغ

ويقول باحثون في مجال الآثار إن أغلب المومياوات اليمنية التي تم فتحها، وجدت مكفنة بملابسها الأصلية وتلبس في العادة حذاءين؛ حذاء أصليا وحذاء آخر ربما كانت تفرضه مراسيم الدفن.

كما كفنت جميعها بالجلد المدبوغ ولفت بالكتان لفات عديدة، وعثر بجانبها على أوان فخارية ورؤوس رماح وقطع من الخشب عليها نقوش أثرية.

وإلى جانب الزبيب ودهن الجمل، استخدم اليمنيون عديد أوراق نباتات بينها الكافور والحناء والريحان والسدر في عملية التحنيط، وفقا للعريقي.

أضاف “وجدنا أيضاً مومياوات ليست محنطة وإنما مجففة”.

توقف مشروع مهم

يؤكد مهند السياني، وهو رئيس الهيئة العامة للآثار، أن الحرب دمّرت جزءا كبيرا من التراث الحضاري اليمني.

أضاف لموقع (ارفع صوتك) “المومياوات المكتشفة أصبحت مهددة لأن انقطاع التيار الكهربائي جعل غرف حفظ هذه الأشياء غير مهيأة، ما يعرضها للتحلل والتعفن والتلف”.

وأشار إلى أنه بسبب الحرب توقف العمل أيضاً بمشروع إنشاء مركز وطني للمومياوات كمتحف خاص بهذا الإرث في محافظة المحويت شمالي غرب العاصمة اليمنية صنعاء.

وحسب السياني فإن عملية حصر أولية كشفت عن تعرض 66 معلماً تاريخياً وأثرياً لضربات جوية لمقاتلات التحالف الذي تقوده السعودية بشكل مباشر وغير مباشر.

وأشار رئيس الهيئة العامة للآثار إلى أن هناك 25 موقعاً أثرياً تم تفجيرها من قبل تنظيمات وجماعات إرهابية، فضلاً عن أعمال نبش وتهريب لقطع أثرية قيمة.

وتقدر قيمة الخسائر المادية الناجمة عن الحرب في قطاع الآثار بنحو مليار دولار، لكن السياني يعتقد أن الرقم يتجاوز ذلك بكثير.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.