سامريون على جبل جرزيم خلال احتفال بعيد "العُرش" في تشرين الأول/أكتوبر الماضي
سامريون على جبل جرزيم خلال احتفال بعيد "العُرش" في تشرين الأول/أكتوبر الماضي

في مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية، وتحديدا على قمة جبل جرزيم، تقطن واحدة من أصغر وأقدم الطوائف الدينية في العالم: السامريون.

"السامريون" جمع "سامري". وهو اسم مشتق من اللغة العبرية ويعني "المحافظ"، أي الملتزم، حسب الاعتقاد السامري، بتعاليم بالتوراة والمحافظ على ركائز السامرية الخمسة: وحدانية الله، ونبوة موسى، وأسفار التوراة الخمسة، وقدسية جبل جرزيم، واليوم الآخر حيث الحساب والعقاب.

يقدس السامريون جبل جرزيم، قرب نابلس، وعليه يقيم أغلبهم

​​يقول السامريون إنهم نجحوا في الحفاظ على هويتهم على مدى أكثر من 3650 عاما، لكن صعوبات جمة تواجههم اليوم. تعدادهم الحالي لا يتجاوز 800 نسمة، يتوزعون بين جبل جرزيم في نابلس ومنطقة حولون بالقرب من تل أبيب.

لا يتعدى عدد السامريين 800 نسمة، ويتوزعون بين جبل جرزيم في نابلس ومنطقة حولون قرب تل أبيب

​​"نحن السلالة الحقيقية لشعب بني إسرائيل. أتينا إلى الأراضي المقدسة مع قائد الشعب الإسرائيلي يوشع بن نون، والكاهن الأكبر أليعازر بن هارون، منذ 3655 سنة، ولم نغادر الأراضي المقدسة"، يقول كاهن الطائفة السامرية، ومدير متحفها حسني واصف السامري.

146 شخصا

عندما دخل بني إسرائيل "الأراضي المقدسة" قادمين من مصر انقسموا على مملكتين: يهوذا وعاصمتها القدس (لليهود)، السامرة (تسمى مملكة إسرائيل الشمالية) وعاصمتها نابلس (للسامريين).

"على إثر هذا الانقسام، حصلت حروب طاحنة بين السامريين واليهود، ما أضعف السامريين واليهود معا"، يقول كاهن الطائفة السامرية.

 

كاهن الطائفة السامرية، ومدير متحفها حسني واصف السامري

​​حسب الكاهن حسني واصف السامري، كان تعداد السامريين عند انقسام دولتهم ثلاثة ملايين نسمة، وأخذ بالانحدار حتى وصل 146 فردا فقط قبل مئة عام. ويحتفظ السامريون بسجلات إحصائية لوفياتهم وولادتهم.

​​يعود سبب التراجع وفق كاهن الطائفة إلى "الغزاة". "أتى الآشوريون، والبابليون، والفارسيون، واليونانيون، والرومان، والبيزنطيون، والإسلام. كل غازٍ كان يقتل السامريين"، يقول الكاهن.

واعتنق الكثير من السامريين الأديان الجديدة الوافدة. "معظم المسيحيين، إن لم نقل كلهم، أصلهم سامري في فلسطين، ومعظم المسلمين من أصل سامري. كثير ممن لم يستطيعوا دفع الجزية تحولوا إلى الإسلام، سواء بالقوة أو لعدم الإمكانية"، يقول الكاهن.

تحدي البقاء

أفلتت الطائفة من الانقراض رغم التراجع الشديد لأعدادها. يعود ذلك بالأساس، حسب كاهن الطائفة، إلى اتحاد ما تبقى من أتباعها وعيشهم في تجمعات سكانية خاصة في منطقتي جبل جرزيم وحولون.

حافظ هؤلاء على تعاليم دينهم جيلا بعد جيل، مثل احترام السبت والاحتفال بالأعياد السامرية، والصيام. "السامري ابن سنة واحدة يصوم. هذه محافظة. وابن السنتين نأخذه إلى الكنيس ليتعلم أصول الدين. هذه محافظة"، يقول الكاهن. ويسمح للأطفال بالرضاعة فقط خلال الصيام.

حافظ السامريون عبر قرون على لغتهم العبرية القديمة، يعلمونها للأطفال ابتداء من سن السادسة. وكانوا أيضا قليلي الاختلاط بالأطياف الأخرى.

يعلم السامريون أبناءهم اللغة العبرية القديمة ابتداء من سن السادسة

​​"حافظنا على عقيدتنا وعاداتنا وتقاليدنا وفولكلورنا وأنغامنا وصلواتنا وإيماننا بجبل جرزيم الذي يجمعنا ويوحد كلمتنا. لذلك تمكنا من الحفاظ على السامريين عبر التاريخ"، يقول كاهن الطائفة.

وتعتبر السامرية ديانة غير تبشيرية، أي أن التكاثر هو الوسيلة الوحيدة لزيادة عدد أتباعها. "لا يوجد تبشير لدينا. سيدنا موسى أتى لشعب بني إسرائيل"، يقول حسني.

وحسب حسني واصف السامري، يعاني السامريون من قلة أعداد الفتيات في طائفتهم. ينضاف إلى هذا تزوج السامريين من غيرهم، وهو يمثل خطرا مستقبليا يهدد بقاء الطائفة.

السبت المقدس

لا تختلف العبادات السامرية عن عدد من العبادات الإسلامية كثيرا. فالصلاة السامرية فيها ركوع وسجود وتهليل، ويجب الوضوء قبلها.

تشبه الصلاة السامرية صلاة المسلمين في بعض التفاصيل. فيها ركوع وسجود وتهليل، ويجب الوضوء قبلها.

​​ويتوجب ختان الطفل لدى بلوغه اليوم الثامن.

لكن قدسية يوم السبت تبقى أهم ما في الدين السامري. "قدسية السبت في مقدمة كل شيء ديني"، يقول الكاهن.

في ذلك اليوم ينقطع السامريون عن العمل، ولا يشعلون الأضواء، ولا يركبون السيارات، ولا يشاهدون التلفاز، ولا يتحدثون عبر الهاتف. فهذا اليوم مخصص للصلاة، ولا مكان للتكنولوجيا فيه، يقول حسني واصف السامري.

حتى طعام السبت مختلف. يفضل السامريون تناول السلطات والأطعمة الباردة التي لا تحتاج الحرارة في هذا اليوم. النار من قائمة المحرمات يوم السبت.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.