مزارع عراقي يجلس بين زوجتيه في سامراء/وكالة الصحافة الفرنسية
مزارع عراقي يجلس بين زوجتيه في سامراء/وكالة الصحافة الفرنسية

بغداد - دعاء يوسف:

لا تشعر عواطف نوير، 43 عاماً، التي تزوجت بالسر عام 2016 من رجل متزوج بالراحة والاستقرار.

تقول عواطف إنها ارتبطت برجل متزوج وقبلت أن تكون المرأة الثانية بحياته لحاجتها الماسة لرجل لديه القدرة على تحمل نفقاتها المادية.

نظرة المجتمع الدونية

كانت النائبة عن محافظة نينوى جميلة العبيدي من أعدت واقترحت تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي، بما يسمح للزوج بالزواج الثاني والثالث والرابع، مشترطة أن تكون الزوجة الثانية قد تجاوز عمرها الثلاثين عاماً

​​

دائما ما يحدث الزواج السري في العراق بعيداً عن المحاكم المدنية، الأمر الذي لا تراه عواطف سوى استغلالا للزوجة الثانية رغم انصياعها له، إذ تعاني من نظرة المجتمع الدونية، فضلا عن حرمانها من حقها في إنجاب الأطفال.

"لقد أجهضت حملي ثلاث مرات، لخشيته من معرفة زوجته الأولى بزواجنا".

وأدرج مقترح قانون تعدد الزوجات في جدول أعمال جلسة البرلمان المقبلة للتصويت عليه. وكانت النائبة عن محافظة نينوى جميلة العبيدي من أعدت واقترحت تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي، بما يسمح للزوج بالزواج الثاني والثالث والرابع، مشترطة أن تكون الزوجة الثانية قد تجاوز عمرها الثلاثين عاماً.

وشهد العراق في السنوات الأخيرة، ارتفاعا في ظاهرة تعدد الزوجات نتيجة الحروب المتتالية التي أسفرت عن تفكك عدد كبير من الأسر وترمل نسبة كبيرة من النساء وتيتم الأطفال.

وتعتقد العبيدي أن القانون "سيحمي المرأة ويحافظ على حقوقها".

حياة مستقرة

وتتساءل نوال جاسم، 49 عاماً، "هل العدالة التي تسمح للرجل بالزواج من أكثر من امرأة، وهو لا ينفق على أبنائه لعدم قدرته على إيجاد فرصة عمل مناسبة، تاركا زوجته تحمل المسؤولية حقيقية؟".

وتضيف السيدة التي تدير محلا لبيع الملابس النسائية في سوق شعبي ببغداد "كيف يمكن أن يشرع قانون يدمر حياة المرأة أكثر مما عليه الآن، ألا يكفيها تحمل الحروب والفقر وإيهام نفسها بأن القادم سيكون أفضل لتأتي قوانين تزيدها قهر".

ويسمح مشروع قانون تعدد الزوجات المقترح بأن يتمكن الزوج من الزواج بثانية، دون موافقة الزوجة الأولى.

وتقول هناء علوان "لقد كنا ننتظر من البرلمان العراقي التفكير بحلول لمشاكل العائلة من توفير فرص عمل ورواتب تضمن حياة مستقرة، وانتشال الأرملة وأيتامها من الفقر والحاجة لا أن تنقذ الأرامل على حساب انهيار بيوتنا التي نجاهد كي نحافظ عليها من الضياع".

قانون الأحوال الشخصية

يعاقب قانون الأحوال الشخصية زواج الرجل بامرأة ثانية دون موافقة الزوجة الأولى رسمياً وأمام القاضي لضمان الإصلاح الاجتماعي والإنساني

​​

وتستغرب المحامية أحلام حسن من السعي لتشريع قوانين تنذر بنتائج خطيرة ليس فقط على الأسرة وإنما على المجتمع العراقي ككل، فتعدد الزوجات قد يزيد من المشاكل الاسرية وتفككها.  

وتقول "عندما يفكر الرجل بالزواج من امرأة ثانية، غالباً ما يستند على قوله تعالى (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع..)، لإباحة زواجه بأكثر من زوجة".

وتتابع "لكن هذا الرجل ومن يضم صوته له، لم يركزوا أو يحاولون التغاضي عمدا عن قوله تعالى (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) فالإذن في الزواج مقيداً ومرتبطا بتحقيق العدل، وهو ما يقرره القاضي أو المشرع العراقي".

وينص قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 المعدل ووفقا للمادة (3) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1971 على أنه (لا يجوز الزواج بأكثر من واحدة إلا بإذن القاضي ويشترط لإعطاء الإذن تحقق من أن تكون للزوج كفاية مالية لإعالة أكثر من زوجة واحدة ويمكن إثبات الكفاءة هذه بطرق الإثبات كافة لذا وجب على المحكمة التثبت من القدرة المالية لطالب الإذن بالزواج قبل منحه، وأن تكون هناك مصلحة مشروعة كان تكون الزوجة مريضة أو عقيمة).

كما أن قانون الأحوال الشخصية قد عاقب زواج الرجل بامرأة ثانية دون موافقة الزوجة الأولى رسمياً وأمام القاضي لضمان الإصلاح الاجتماعي والإنساني.

وتشير المحامية إلى أن قانون تعدد الزوجات المقترح "كأنه يرسخ في الأذهان أن الزواج هو مجرد عقد في المحكمة فقط، وحتى تحل مشكلة الزواجات السرية وتتحول كلها إلى علنية أو بمعنى أدق رسمية يشرع قانون لتعدد الزواجات".  

جذور إسلامية

وبحسب الخبيرة بعلم النفس الاجتماعي شذى الياسري، فإن إقرار قانون تعدد الزوجات سيؤدي إلى بروز ظواهر اجتماعية أكثر خطورة من الموجودة حالياً.

وترى في مشروع القانون تهديداً لشخصية المرأة ووجودها. وتقول إن "الزوجة هي أساس سلامة العائلة والمجتمع وتشريع هذا القانون سيجعلها تشعر وكأنها سلعة لا تحمل أية قيمة وأنه من الممكن التنازل عنها وفق القانون في أي وقت، وهذا سيرفع من مستويات العنف".

"قانون تعدد الزوجات يرتبط بسياسات بجذور إسلامية والتي تحاول إعادة المرأة إلى زمن الجواري، ولذا فإن العراقية إذ ما شرع هذا القانون فإنها ستواجه عنفا دينياً"، على حد قولها.

وتشير إلى ضرورة إعادة النظر في طرح أو تشريع قوانين تسهم في تزايد العنف ضد المرأة والطفولة والإنسانية، "وبدلا من أن تكون معالجة الزواجات السرية بتدمير أسرة الزوج السابقة، المطلوب إيجاد حلول ناجعة لأن الزوج الذي يرغب باستمرار حياته مع الزوجة الثانية يعلن زواجه ويحاول إقناع الأولى لا أن يهدد الثانية بالانفصال عنها إذا ما علمت الأولى بزواجه السري". 

وكان مشروع القانون المقترح قد لقي معارضة من عدد من النواب والنائبات، من ضمنهم النائبة عن الاتحاد الوطني الكردستاني، ريزان شيخ دلير، التي وصفت تعديل قانون الاحوال الشخصية بشأن تعدد الزوجات "متاجرة بالنساء العراقيات اللواتي هربن من بطش داعش، ليسقطن في فخ البعض من ممثلي الشعب الذين يحاولون شرعنة بيعهن بدوافع انتخابية". 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.