مساعد صالح حسين وابنته المصابة بالدفتيريا في المستشفى/ارفع صوتك
مساعد صالح حسين وابنته المصابة بالدفتيريا في المستشفى/ارفع صوتك

لم يكد يتعافى اليمن من أسوأ تفش لوباء الكوليرا في العالم حسب توصيف منظمة الأمم المتحدة، حتى بدأ يداهمه وباء الدفتيريا القاتل الذي حصد أرواح 52 شخصا خلال أقل من أربعة أشهر، وفق مصادر طبية رسمية يمنية. 

في مستشفى السبعين بالعاصمة اليمنية صنعاء، يشيح عبدالله علي يحيى بوجهه منتحبا خارج الغرفة حيث يرقد طفله محمد (10 سنوات)، تحت العناية الطبية المشددة بعد أن أثبتت الفحوصات المخبرية إصابته بمرض الدفتيريا (الخناق).

اقرأ أيضاً:

اليمن.. مقتل وإصابة خمسة آلاف طفل منذ مارس 2015

2017 في اليمن.. سبعة ملايين لا يعرفون أين وجبتهم التالية

يقول عبدالله يحيى “أخبرونا الأطباء أن حالته خطيرة، وقرروا له رقود 14 يوما”.

أضاف الأب لخمسة أطفال، والذي يعمل في قطاع النظافة بالعاصمة صنعاء، لموقع (ارفع صوتك) “كان يبدو كأنه أصيب بجلطة لا يتكلم ولا يتحرك، عندما أخبرني الأطباء بخطورة مرضه، شعرت بصدمة كبيرة”.

ملامح الحرمان

يشكو كثير من أهالي المصابين بمرض الدفتيريا من ارتفاع تكاليف التحاليل الطبية والأدوية التي يتوجب عليهم شراء نصفها على الأقل من الصيدليات الخاصة بأسعار باهظة

​​

والدفتيريا هي عدوى تسببها بكتيريا الخُنَّاق الوتدية، وتنتشر عن طريق التنفس ومخالطة المرضى، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.

وعادة ما تظهر الأعراض تدريجياً بعد يومين إلى خمسة أيام من التعرّض للبكتيريا المسببة، وتبدأ بالتهاب في الحلق وحمى، تليها مضاعفات خطيرة تؤدي في أحيان كثيرة إلى الوفاة.

“ما زلنا خائفين على صحته، الأدوية غير متوفرة. أنفقت أكثر من 120 ألف ريال (279 دولار أميركي) مقابل شراء علاجات حتى الآن، تدبرتها من خلال بيع بعض أثاث منزلي”، قال عبدالله يحيى، ذو البشرة السمراء، الذي تعكس تقاسيم وجهه ملامح الفقر والحرمان.

ماتت طفلته

على بعد أمتار من المكان جلس مساعد صالح حسين، تكسو وجهه علامات الخوف والقلق، بينما كان يحتضن طفلته الصغيرة هيام (عام وثلاثة أشهر) التي شخص الأطباء إصابتها هي الأخرى بوباء الدفتيريا.

كان مساعد حسين قد فقد الأسبوع الماضي طفلته أريام البالغة من العمر عام ونصف بعد معاناة لأيام قليلة مع ذات الأعراض المرضية التي تبدو واضحة الآن على شقيقتها هيام.

“لم ننقل أريام إلى المستشفى آنذاك. كنا نعتقد أن سبب مرضها هو البرد، فقط كنت أذهب إلى الصيدلية وأشرح للصيدلي حالتها، ويعطينا مهدئات”، قال مساعد حسين الذي لم يقو على حبس دموعه، بينما كان يتحدث لموقع (ارفع صوتك).

أضاف الأب لثلاث بنات، “بعد ما توفت أريام، لاحظت نفس الأعراض على ابنتي الثانية، نقلتها للمستشفى حيث أبلغونا بأنها مصابة بهذا المرض الخطير، واضح أن العدوى انتقلت إليها من شقيقتها”.

وذكر أنه بالكاد يستطيع توفير قيمة وجبتي طعام لأسرته من خلال عمله في مزارع خضروات في منطقته الريفية شرقي العاصمة اليمنية صنعاء.

ويشكو كثير من أهالي المصابين بمرض الدفتيريا من ارتفاع تكاليف التحاليل الطبية والأدوية التي يتوجب عليهم شراء نصفها على الأقل من الصيدليات الخاصة بأسعار باهظة.

أرقام

حذرت الأمم المتحدة منتصف الشهر الجاري من تفش متسارع لوباء الدفتيريا في اليمن

​​

وتسببت الحرب المتصاعدة في اليمن منذ ثلاث سنوات بتداعيات إنسانية مروعة، وسط انهيار شبه كلي للنظام الصحي في البلاد، ما أدى إلى حرمان حوالى 16.4 مليون شخص من خدمات الرعاية الصحية الأساسية، حسب تقدير منظمة الصحة العالمية.

وحذرت الأمم المتحدة منتصف الشهر الجاري من تفش متسارع لوباء الدفتيريا في اليمن.

وكشف المتحدث باسم وزارة الصحة في صنعاء، عبد الحكيم الكحلاني، لموقع (ارفع صوتك) عن تسجيل 52 حالة وفاة بمرض الدفتيريا، و748 حالة إصابة بالوباء في 19 محافظة يمنية من أصل 22 محافظة.

وتقدر منظمات اليونيسيف والصحة العالمية وبرنامج الغذاء العالمي بأن هناك مليون طفل يمني يواجهون خطر الإصابة بمرض الدفتيريا (الخناق) الذي ينتشر بوتيرة سريعة، في الوقت الذي لا يزال يعاني فيه اليمن تداعيات أسوأ تفش لوباء الكوليرا في العالم.

وقضى الكوليرا على أكثر من 2200 شخص، فيما تجاوز عدد حالات الإصابة المشتبهة بالوباء حاجز المليون اصابة منذ أواخر نيسان/أبريل العام الماضي.

220 مركزا صحيا

ويقول الدكتور لطف البوري، وهو طبيب مختص بأمراض الطفولة بمستشفى السبعين بصنعاء، إنهم يستقبلون يوميا حالتي اصابة بالدفتيريا على الأقل من الأطفال.

أضاف لموقع (ارفع صوتك) “هذا مرض خطير ويؤدي إلى الوفاة، ونحن سجلنا حالات وفاة بسبب تأخر وصولها إلى المستشفى”.

من جانبه قال الدكتور أحمد معجم، وهو نائب رئيس هيئة مستشفى الثورة العام في مدينة الحديدة غربي اليمن، إنهم استقبلوا حتى الآن 67 حالة إصابة، توفيت منها 13 حالة.

أضاف لموقع (ارفع صوتك) “اتضح أن 90 في المئة من هذه الحالات لم يحصلوا على اللقاح الروتيني (تطعيم الأطفال ضد خمسة أمراض بينها الدفتيريا) أو أنهم لم يستكملوا جرعات اللقاح”.

ويوجد في أنحاء اليمن نحو 220 مركزا صحيا لاستقبال ضحايا الدفتيريا، حسب ما أفاد الدكتور عبد الحكيم الكحلاني.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.