كان من الممكن لتمثال السيدة مريم العذراء أن يقف اليوم وسط مدينة البصرة، لولا الخوف من "ردة فعل غير محسوب حسابها وما لا يحمد عقباه" حسب بيان رئيس أساقفة البصرة حبيب النوفلي بعد رفع التمثال من موقعه المفترض الصيف الماضي.
350 عائلة مسيحية فقط هو ما تبقى في مدينة البصرة بعدما هاجر الآلاف منهم إلى خارج البلاد.
و خطاب الكراهية الذي اشتعل في العراق ضد الأقليات الدينية لم تنطفئ ناره وما زال ممسكا بثياب من أشعله حتى اليوم، ولكن بدرجات متفاوتة ومن قبل فئات قسّمها رئيس "مؤسسة مسارات" للتنمية الثقافية والإعلامية سعد سلوم، بين السياسيين والإعلاميين ورجال الدين، أثناء حوار هادىء عن هذه القضية الصاخبة شهدته البصرة قبل يومين.
الكراهية مدمرة أكثر من الإرهاب
الدراسة التي أعدتها "مسارات" حددت أن الإعلاميين يساهمون بخطاب الكراهية بنسبة 15 في المئة والسياسيين بنسبة 42 في المئة ورجال الدين بنسبة 43 في المئة.
ويشدد رئيس المؤسسة على ضرورة تعديل بعض المناهج الدراسية وضبط الخطاب الإعلامي من خلال سياسات رسمية حازمة بهذا الشأن وبما يلجم خطاب الكراهية والقائمين على تأجيجه.
المسؤولية العالية بحسب دراسة "مسارات" لرجال الدين في التحريض على الكراهية، يرفضها قادر البطاط من "مؤسسة الوحدة الإسلامية لعلماء البصرة"، بقوله إن "هذا الخطاب بالأصل منبوذ من الإسلام لأنه دين سلام ومحبة ومودة وتآخ وتسامح".
ووجد وكيل رئيس طائفة الصابئة المندائيين في العراق والعالم الترميذة الشيخ نظام كريدي "نحن في العراق نواجه الكثير من خطابات الكراهية والتي ربما تكون مدمرة أكثر من الإرهاب الذي مر به العراق".
إلغاء نصوص دينية؟
لا يمكن ان تلغى الكراهية ما لم تلغ نصوص دينية دخيلة تحض على الكراهية، كما يرى الباحث والمؤرخ فايز الخفاجي الذي يدعو إلى التصدي لها عن طريق مؤسسة علمية أكاديمية "تمنع الكتب والمنابر والفضائيات والوسائل الإعلامية من بث التحريض".
ويرى الخفاجي أن "الأستاذ والباحث والكاتب والمربي والمعلم عليه أن يزرع سياسة او ثقافة الوئام في المجتمع العراقي وهذا سيؤدي الى ترابط المجتمع بعد ما أدى الى انفكاكه".
تمحيص الروايات
خطاب الكراهية اعتمده سياسيون ووظفوا فيه ثلاث ركائز هي: رجال دين وإعلاميون وشيوخ عشائر، بحسب أحمد المحمداوي، عضو المكتب الإعلامي لمكتب المرجع الديني الشيعي محمود الحسني الصرخي.
كما إن "الدستور فيه فقرات غير محبكة ولا تحاسب من يدعو إلى الخطابات الطائفية" يضيف المحمداوي مشددا "لا بد من تفعيل القوانين الخاصة بمعاقبة كل من يدعو إلى الطائفية والكراهية الدينية".
ولابد أيضا من تمحيص التاريخ من الروايات والأحاديث التي تدعو إلى العنف والاقتتال بين الطوائف.
السوشيال ميديا ذراع الكراهية الطويل
وبالعودة الى إحصاءات "مؤسسة مسارات" الثقافية، فقد تبين من خلال دراسة استمرت عاماً كاملاً ووزعت فيها ألف استمارة على محافظات العراق، إن مصادر خطابات الكراهية كانت موزعة:
8 بالمئة التلفزيون
43 بالمئة المطبوعات
49 بالمئة سوشيال ميديا
أما أنواع خطاب الكراهية فقد كانت على أساس:
18 بالمئة مذهبي
36 بالمئة ديني
2 بالمئة قومي
44 بالمئة سياسي
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 001202277365