علي عبد الأمير ومشعل العبيد
في سبعينيات القرن الماضي، كانت البصرة تفخر ببقعة تقارب السحر في جمالها وحسن تنظيمها، هي جزيرة السندباد التي كانت مقصد سياحة محلية وخليجية واسعة.
الجزيرة التي استمدت من أسطورة "السندباد" جمال الحكاية التاريخية وسحرها، وصارت دالة على البصرة وعلاقتها بشط العرب، لم يتبق منها اليوم سوى نخلات وشجيرات محاصرة بمنازل "المتجاوزين" وحطام فندق كان بهياً قبل أن يحيله القصف الإيراني أثناء الحرب مع العراق إلى حطام.
أمنيات الناس هنا وحسراتهم على ما كان يسمى معلماً سياحياً ذكّرتهم بأعراسهم التي أقاموها بقلب هذه الجزيرة وفي الفندق– الأطلال والخرائب اليوم، كما روى ذلك لموقع (ارفع صوتك)، كامل فلاح الرجل الذي يقف على أعتاب الستين من عمره.
و بخطى متعثرة نسير مع فلاح على أنقاض ما تبقى من هذا الفندق الذي أصبحت جدرانه كتاباً مفتوحاً للذكريات وخربشات المتطفلين الطامحين إلى تحسبن حياتهم عبر مبدأ التجاوز على المال العام وأملاك الدولة.
يا سياحة يا بطيخ!
"لن نترك بيتنا سواء كتبتم عنا أو حرضتم علينا الحكومة نحن لا نملك سوى هذه الدار" يقول علي الشاب الغاضب بعدما سألناه عن جدية الحكومة في ترحيلهم عن هذا المكان بجزيرة السندباد وإعطاءه كفرصة استثمارية.
ويضيف " الحكومة لديها أماكن كثير تعطيها للتجار والمستثمرين فلماذا تأتي إلينا نحن الفقراء كي ترحّلنا من منزلنا، أين نذهب؟ يا سياحة يا بطيخ" .
فنادق عاطلة عن العمل
"ليالي دمشق"، فندق قديم يقف في إحدى زوايا شارع الكمارك، وسط سوق العشار لصاحبه نصر راضي الذي قال لموقعنا إن السياحة في البصرة "ماتت وقرأت عليها سورة الفاتحة بالخصوص للفنادق الشعبية التي لم تعد كما كانت تستقبل الأشقاء السودانيين والمصريين والصوماليين وحتى السوريين".
رغم أن البصرة حسب كلامه أحلى وأفضل من باقي المحافظات لكن ليس هنالك سياحة "ماكو شي بالبصرة حتى يجون" .
أما العامل الأمني كما يرى راضي فهو ما يمنع الناس من زيارة البصرة والسياحة فيها وحتى الذين يأتون إليها تظل حركتهم محدودة ووفق جداول وحماية أمنية في بعض الأحيان.
دينية وترفيهية
وليس بعيداً عن مدينة البصرة وإلى الشمال منها حيث ما يسمى (هور المسحب ) الذي يتوجه إليه أبناء المدينة لصيد الأسماك وشيها وصيد الطيور في بعض الأحيان كما يقول شاكر محمود صاحب شركة لاستزراع الأسماك هناك .
السواح الأجانب قليلاً ما يأتون هنا، يؤكد محمود فـ"الهاجس الأمني يمنع الكثيرين من الذهاب إلى أماكن جميلة في البصرة ولأن العمل السياحي يحتاج إلى تنظيم واهتمام بتشييد منشآت ذات مستوى عالٍ من الترتيب وليس زيارات عشوائية ".
أما السياحة الدينية التي غالباً ما تكون باتجاه "جامع خطوة الإمام علي" بقضاء الزبير فهي محط اهتمام من قبل زوار خليجيين وإيرانيين شيعة، وفقا للمرشد السياحي علي النوري وبإعتباره "معلماً تاريخياً حتى وإن لم يبق منه غير منارته المهدمة وبعض الأحجار".
فيما تم بناء مرقد زيد بن صوحان في ناحية السيبة بقضاء أبي الخصيب جنوب البصرة وذلك لدعم السياحة الدينية فيها.
السيبة وأخواتها
ناحية السيبة التي تتمدد على خاصرة شط العرب، بدأت تجذب الناس بعد ان اكتشفوا مزاياها، حيث الطبيعة التي تمردت على الخراب وأصرّت على مسح التراب عن جبينها مع أخواتها من قرى: كوت الزين، المطوعة، الواصلية، سيحان والدويب.
تلك المناطق مؤهلة لان تكون وجهات سياحية إذا ما سعت الحكومة المحلية إلى تطويرها.
مكاتب سياحة وهمية
المكاتب والشركات الوهمية غير المسجلة رسمياً أثرت على السياحة في البصرة لأن بعضها مكاتب للنصب والاحتيال بحسب مدير شركة "درة الخليج للسياحة" وليد الجابري.
وبين أنهم باتوا لا يستطيعون العمل مع السياح الأجانب أو الخليجيين و العرب فـ"الموضوع يحتاج إلى موافقات أمنية بينما وقفت دائرة السياحة في البصرة متفرجة".
الجابري وصف الهاجس الأمني بالعمود الرئيس أمام تفويج أعداد كبيرة من السائحين وعدم إعطاء الموافقات لاستقبالهم.
شنو متحف .. نريد فلوس عيني!
كل المقومات السياحية في البصرة موجودة حسب رئيسة لجنة السياحة والآثار في مجلس البصرة سمية الحلفي التي تؤكد لموقعنا على وجود سياحة دينية وترفيهية غير أن شح الأموال تسببت بإيقاف مشاريع تنشيطها.
وتروي الحلفي أنها وضعت صوراً لمتحف البصرة الحضاري على صفحتها في الفيسبوك فجاءت ردود الأفعال من قبل الناس سلبية وبعضهم يقول "شنو المتحف شنو التراث احنه نريد فلوس نريد عمل".
المسؤولة أكدت "ليس هناك اهتمام حكومي بالسياحة خصوصا من قبل الحكومة المركزية رغم أن بعض الدول والمدن تعيش من واردات السياحة " .
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 001202277365