مقتربات سد إليسو في لقطة من الطائرة/ علي عبد الأمير
مقتربات سد إليسو في لقطة من الطائرة/ علي عبد الأمير

70 في المئة من المياه المتدفقة إلى العراق تنبع من خارج حدوده، وهو دولة المصب الأدنى في حوض نهر دجلة والفرات.

إحصائيا، كان متوسط التدفق السنوي للمياه في السنوات العشر الأخيرة يعادل 45٪ من المتوسط على المدى الطويل في حوض النهرين، وفقا لوزير الموارد المائية حسن الجنابي.

وانخفضت نسبة سقوط الأمطار خلال السنوات الأخيرة إلى الربع، حيث لا تتجاوز الـ44 ملم.

وأثر انحسار المياه المتدفقة على الزراعة في العراق، حيث انخفضت مساحة الأراضي المزروعة خلال الموسم الأخير إلى النصف، وفقا لرئيس الجمعيات الفلاحية حيدر العبادي، الذي يؤكد أن "مليونين من أصل أربعة ملايين دونم من الأراضي الزراعية لم تصلها المياه".

ويصف وزير الموارد المائية الجنابي الانخفاض في تدفقات المياه بـ"المأساوي"، مضيفا في حديث لمجلة "Foreign Policy Concepts" (مفاهيم السياسة الخارجية) الأميركية، أن "انخفاض الموارد المائية يمثل تحديا حقيقيا للعراق، ولا سيما في غياب أي اتفاقيات طويلة الأجل بشأن تقاسم المياه مع البلدان المجاورة".

22 سدّا أخطرها إليسو

ولم تتوقف أنشطة بناء السدود في تركيا منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، وقد أنجز العديد منها في الروافد العليا لنهري دجلة والفرات، الأمر الذي أثّر على العراق بشدة.

لكن السفير التركي في بغداد فاتح يلدز، يشير إلى أن بلاده "تأثرت هي أيضا بموجة الجفاف التي تضرب المنطقة"، موضحا خلال مقابلة مع صحافيين بينهم مراسل "راديو سوا" في بغداد، "عندما نقول إن المنطقة لم تشهد منذ 44 عاما مثل هذا الجفاف، فإن تركيا من ضمن الدول التي تعاني منه".

ومن أكثر السدود تأثيرا متوقعا على العراق سد إليسو الذي تعتزم الحكومة التركية المباشرة بتجمع المياه فيه بعد أن انتهت من بنائه مؤخرا، ما دفع بناشطين في مجال حماية البيئة إلى إبداء تخوفهم من جفاف قد يضرب العراق قريبا.

ويقع السد، وهو واحد من 22 سدّا ضمن مشروع، على نهر دجلة بالقرب من قرية إليسو وعلى طول الحدود بين محافظتي ماردين وشرناق، جنوب شرق الأناضول، قريبا من مثلث الحدود العراقية السورية التركية.

ويتوقع أن تكون سعته التخزينية 10.4 بليون متر مكعب.

مخاطر السد

يقول الناشط في مجال حماية البيئة نؤاس فالح الشريفي "سد إليسو المخطط لبنائه منذ خمسينيات القرن الماضي سيحجز بحدود 50 في المئة من واردات العراق المائية المتناقصة أصلا"، متسائلا في حديث لموقع (ارفع صوتك) "كيف سيكون التعامل مع التأثيرات الاجتماعية والسياسية لهذا الأمر، المواطن لن يظل ساكتا إذا ضرب العطش ونقص الماء أطفاله".

لكن السفير التركي يلدز، يؤكد أن بلاده ستأخذ بعين الاعتبار احتياجات العراق في إطلاق المياه.

ويقول "عندما تكون هناك نسبة في تساقط الأمطار نقوم بخزن المياه في السد وعندما تقل نفتح الإطلاق، وهذا يعني أن نسبة العراق ستكون منتظمة"، مضيفا "إذا زاد الجفاف في العراق سنزيد من الإطلاقات".

ويشير السفير التركي إلى أن عملية حجز المياه لن تتم قبل أن يتفق الجانبان العراقي والتركي على تفاصيل عمل السد.

لكن موضوع الاتفاق حول عمل السد ما زال مجهولا لدى الناشط الشريفي، الذي يعمل مع نحو 100 ناشط من زملائه على متابعة هذا الملف.

يقول الشريفي "تواصلت مع لجنة الزراعة والمياه في مجلس النواب، ولكني لم أصل إلى أي نتيجة، لا في المعلومات عن السد ولا عن الخطط الموضوعة"، موضحا "مع توقيت ملء السد المتوقع في حزيران المقبل سيكون العراق بفراغ دستوري، لأن الانتخابات ستجري في الشهر الخامس، والنخب السياسية سيكون همها التحالفات ونتائج الانتخابات، أما السد فسيكون في أدنى سلم الأولويات".

موقف العراق الرسمي

ويشدد وزير الموارد المائية حسن الجنابي على أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قدم تأكيداته لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال زيارته إلى أنقرة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بأن "أي ضرر لن يلحق بالعراق عندما تبدأ تركيا بملء السد".

وكان الرئيس التركي قد أشار إلى أن تركيا تنوي البدء بخزن المياه في آذار/ مارس المقبل، فيما طالب نظيره العبادي بإعادة جدولة ملء السد ليبدأ في حزيران/يونيو 2018، ما يسمح للعراق بتخزين ما يكفي من المياه خلال موسم الصيف المقبل، وفقا للجنابي.

وفي هذا السياق، يقول السفير التركي فاتح يلدز "نود أن نلفت النظر إلى أن الغاية من إنشاء سد إليسو ليس إروائية، وإنما لتوليد الطاقة الكهرومائية، لذلك لن يكون هناك خزن حاليا"، مضيفا "بعد إكمال ملء الخزانات سيبدأ توليد الطاقة الكهربائية، وبالتوليد لا يمكن تخزين المياه بشكل أكثر".

ويتابع "نسبة الاطلاقات على أقل تقدير 60 متراً مكعباً في الثانية، والمعدل الطبيعي سيكون 90 متراً مكعباً، قابلة للزيادة إذا زاد معدل سقوط الأمطار".

وتحتاج تركيا إلى عام كامل لإكمال خزن المياه في سد إليسو، ومن ثم المباشرة بتوليد الطاقة الكهرومائية، والتي تستورد منها نحو 70 في المئة، وفقا ليلدز.

هجرة متوقعة

لكن رئيس الجمعيات الفلاحية العراقية، يشكك بالتزام تركيا بالحصص المائية المطلقة، ويقول "المفترض أن تكون حصة العراق 700 متر مكعب بالثانية، ما يصلنا اليوم هو 80 متراً مكعباً، الأتراك لم يلتزموا باتفاقيات الدول المتشاطئة في الوضع الطبيعي، لذلك ليس لدينا اطمئنان تجاه الأتراك".

ويتابع "ليس الاعتراض في أن ينشئ الأتراك خزانات مياه، لكن عليهم أن يلتزموا بالحصة المقررة دوليا، إضافة إلى حصة الأهوار التي خصصت مؤخرا، والتي لم توفر حتى الآن".

ويحذر رئيس الجمعيات الفلاحية من هجرة كبيرة متوقعة، موضحا "سبعة ملايين عائلة على ذراع نهر دجلة معرضة للهجرة، وإذا حصل ذلك تتحمل كل دول العالم المسؤولية".

ويبلغ ارتفاع سد إليسو الذي بدأ العمل ببنائه في 2006، (135) متراً، فيما يصل حجمه إلى 43.900.000 متر مكعب، بعرض 15 متراً عند القمة وعرض 610 أمتار عند القاعدة.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 001202277365

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.