حضر مسابقة تحفيظ القرآن أكثر من 65 ألف شخص/ وكالة الصحافة الفرنسية
حضر مسابقة تحفيظ القرآن أكثر من 65 ألف شخص/ وكالة الصحافة الفرنسية

قبل قرابة 70 عاما، دعا العالم المغربي علال الفاسي إلى منع تعدد الزوجات نهائيا.

الزعيم السياسي، والأب الروحي لحزب الاستقلال، قال في كتابه "النقد الذاتي" (صدر سنة 1949) إنه يدعو إلى "تطبيق مبدأ الإصلاح الإسلامي بمنع التعدد مطلقا في هذا العصر".

بعد سنوات قليلة، ترأس علال الفاسي لجنة إعداد مشروع أول مدونة للأحوال الشخصية في المغرب. كان ذلك سنة 1957، لكن المدونة لم تمنع التعدد الذي ما يزال قانونيا في المغرب إلى الآن.

رغم ذلك، ما تزال اجتهادات علال الفاسي المقاصدية مرجعية، تستند إليها الكثير من التنظيمات النسائية المغربية للتأكيد أن مطالبها تنبع من داخل المنظومة الإسلامية.

معركة الفقه المقاصدي

أعاد قرار الملك محمد السادس السماح للمرأة بمزاولة مهنة "العدل" (المأذون الشرعي) في المغرب المعركة حول الفقه المقاصدي إلى الواجهة مجددا.

ويعتمد الفقه المقاصدي على تفسير النصوص الشرعية تفسيرا غائيا واقعيا يراعي الأهداف الكبرى للدين، في مقابل التفسير الحرفي للنصوص.

يعتبر المقاصديون أن الفكر المقاصدي من أهم وسائل الاجتهاد لمراعاة تطور المجتمعات الإسلامية.

أحمد البوكيلي، أستاذ فقه المقاصد بجامعة محمد الخامس بالرباط، يقول إن "التجديد المقاصدي" يحصن الخطاب الديني من "العقلية الجامدة" التي ترهن الخطاب الديني في قراءة واحدة.

على الطرف الآخر، يرى فقهاء ورجال دين أن المقاصديين "يبالغون في اجتهاداتهم".

حسن الكتاني، أحد رموز التيار السلفي بالمغرب، يقول إن علال الفاسي "أخطأ حينما دعا إلى إلغاء التعدد".

لا ينكر الشيخ السلفي الحاجة إلى الفكر المقاصدي، لكن في رأيه "قواعد الشرع" هي التي "تحدد الصواب من الخطأ". أما "فقهاء المقاصدية فوضعوا قواعد محددة لفهم اجتهاداتهم"، يقول.

وفق الكتاني، "المقاصدوين بالغوا في اجتهاداتهم وتجاوزوا القواعد العلمية. وذلك خطأ". ويدعو الشيخ السلفي إلى عدم قراءة الكتب المقاصدية إلا لمن "يكون متضلعا في علم الشريعة".

في الجدل الأخير حول تولي المرأة مهنة العدول، أبدى حسن الكتاني معارضة شديدة للقرار الملكي.

جسر بين الدين والعقل

يعتبر دعاة التجديد أن المقاصدية تمثل قراءة عقلية للنص الديني تتلاءم مع الواقع. لكن الأصوليين يتصدون لها باسم الحفاظ على الدين.

يقول عبد الخالق بدري، الباحث في الدراسات الإسلامية، إن المقاصدية تجيب على "سؤال التجسير بين النص والواقع" و"على النوازل الجديدة في الفقه". لكن النصيين يرفضون محاولات الاجتهاد تحت ذريعة الخوف على الشريعة من التحريف والاختراق، حسبه.

"ينصبون أنفسهم حماة للشريعة. يستدلون بكون المقاصديين المجتهدين لا يراعون الدليل (النص) في أحكامهم. ويعتقدون أن لا فهم صحيحا للدين سوى فهمهم وتفسيرهم" يقول بدري.

ويرى البوكيلي أن "خطورة العقلية النصوصية" تمكن في رهنها الدين "لتفسير محدد لا يقبل النقد".

مع ذلك، يشدد البوكيلي أن الاجتهاد لا يجب أن يصطدم مع توابث الدين بدعوى المقاصدية. "كل اجتهاد يتناقض مع الدين فهو مبني على قواعد لا تمت للمقاصدية بصلة"، يقول أستاذ المقاصد.

العلمانية هي حل؟

لكن، هناك طرف ثالث يرى أن النقاش بين المقاصديين والحرفيين لا يفيد كثيرا. ففي الأخير، سواء كانت الاجتهادات نصية أو مقاصدية فلا يجب أن تحكم الشأن العام التي يجب أن ينظمه القانون، يقول مؤيدو هذا الطرح.

أحمد الدريدي، عضو الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب يقول إنه حتى الفقه المقاصدي في الأخير "سقفه الاجتهاد بما يسمح له النص المقدس". 

الحل بالنسبة للناشط المدني هو "فصل الدين عن الدولة". 

"العالم اليوم يسير في اتجاه التوافق على المبادئ الكونية لحقوق الإنسان، والتي تقر بأن العقيدة تدخل في إطار الحريات وليس تنظيم العلاقات بين البشر. وبالتالي فالتوافق في الحياة الواقعية ومسايرة المتغيرات لا يجب أن يرهن إلى الدين بل إلى القوانين"، يقول أحمد الدريدي.
 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.