لاجئ سوري يعبر الحدود اليونانية المقدونية
لاجئ سوري يعبر الحدود اليونانية المقدونية

بلاد جديدة، قوانين جديدة، لافتات طرق بلغة جديدة. لكن مع ذلك، قرر اللاجئ السوري خالد العلي الاستقرار بشكل نهائي في النرويج.

على الأقل، لا قصف يهدد حياته كما في سورية.

وصل خالد، المنحدر من ريف حلب، إلى النرويج سنة 2015 بعد رحلة بعد طويلة قضاها متنقلا بين أكثر من دولة.

في النرويج، كان كل شيء جديدا. في أول يوم له في المملكة الواقعة في أقصى شمال أوروبا، ظل صامتا طوال الوقت إلى أن وصل إلى مركز الهجرة. هناك استقبلته مترجمة عراقية. بالنسبة له، كانت تلك محطته الأخيرة.

يقول خالد، البالغ من العمر 42 عاما، إن إخوته قدموا طلبات لجوء إلى ألمانيا، بينما فضل هو وابنه يزن الهجرة إلى النرويج بناء على نصيحة أصدقاء وصلوا قبله.

في أول 10 أيام، تعلم الأرقام وبعض الكلمات والجمل الترحيبية.

لا عودة إلى سورية

مضى على وجود خالد في النرويج أكثر من سنتين. يتعلم الآن اللغة النرويجية في المدرسة، ويتلقى عن ذلك راتب موظف بدوام كامل تقريبا.

لا يفكر بالعودة مطلقا. ابنه يزن "15 عاما" يتقن النرويجية بشكل جيد وأصدقاؤه كلهم نرويجيون.

يقول الأب، الذي كان يعمل حارسا بشركات إنشاءات في حلب، إنه يشعر بالراحة في النرويج، خاصة بعد أن التحقت به عائلته.

خالد رفقة ابنه يزن في النرويج

​​​على غرار خالد، قرر كثير من اللاجئين السوريين الاستقرار في دول أوروبية رغم الصعاب التي واجهتهم في البداية. أغلب من قرروا العودة إلى سورية دُفعوا إلى ذلك بسبب عدم نجاحهم في لم شمل عائلاتهم.

درس بسام الحلو اللغة الإنكليزية في جامعة حلب لكنه قرر الفرار إلى أوروبا بعد أن دخل تنظيم داعش إلى ريف حلب الذي لجأ إليه فارا من مطاردة النظام السوري، كما يقول. في سنة 2015، انتقل بسام إلى تركيا ومنها إلى ألمانيا.

يقول إنه اجتاز المستوى الأول والثاني في تعلم الألمانية، وهو عازم على المواصلة. "إذا أصبحت سورية مثل ألمانيا يمكنني أن أفكر في ذاك الوقت بالعودة".

رجل إطفاء سوري في ألمانيا

اختار مئات الآلاف من اللاجئين السوريين ألمانيا ملجأ لهم. أكثر من 1.3 مليون شخص طلبوا اللجوء في هذا البلد الأوروبي بين 2015 و2017. 

مجد العلي شاب آخر وصل إلى ألمانيا بالتزامن مع موجة اللجوء الكبيرة سنة 2015. يقول إنه لم يعتقد يوما أنه سيصبح رجل إطفاء، لكن حلمه تحقق في ألمانيا.

يعمل مجد متطوعا في قسم الإطفاء بمدينة بوخهايم في ألمانيا

​​تلقى مجد دورات تدريبية وأتقن اللغة الألمانية، محادثة على الأقل. يقول إنه لا يفكر بالعوة إلى بلاده سورية. "هنا مستقبل ابني"، يؤكد.

​يعيش مجد في مدينة بوخهايم، جنوب برلين، ويداوم متطوعا في مركز الإطفاء.

يقول "أنا السوري الوحيد الذي يعمل رجل إطفاء في هذه المدينة. عملي تطوعي. أعتبر ذلك عربون شكر لما قدمته لي ألمانيا".

في المقابل يكمل مجد دراسته في الاقتصاد.

حلم بالهجرة يحققه اللجوء

مثل مجد، يوجد آلاف اللاجئين السوريين الذي قرروا الاستقرار بشكل دائم في أوروبا.

ظل عبد الرزاق يحلم بالهجرة إلى بريطانيا منذ زمن. دمرت الحرب بلاده، لكنها دفعت إلى تحقيق رغبته.

"كنت أفكر أن الوصول إلى هذه البلاد مستحيل، لكن مع موجة اللجوء قررت التوجه إلى بريطانيا رغم أن تكاليف التهريب مرتفعة"، يقول عبد الرزاق.

يعمل الشاب السوري حاليا في أحد مطاعم العاصمة لندن "موصل طلبات". يتقن الإنكليزية بشكل جيد. ساعده على ذلك إلمامه بها في سورية.

يقول إنه وجد صعوبات في التأقلم مع حياته الجديدة في البداية. لكن أوضاعه الآن تحسنت، رغم ارتفاع تكاليف المعيشة.

يتمنى أن تتكلل رحلته بالحصول على الجنسية.

هو الآخر سيعود إلى سورية. لكن فقط "عندما تصبح أفضل من بريطانيا. وهذا مستحيل!".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.