تعمل حامدة عادل ممرضة في إحدى مستشفيات بغداد. وغالباً، كما تقول، فإن ضحايا حوادث المرور الذين تعالجهم هم ممن لم يتقنوا قيادة السيارة أو أنهم دون السن القانونية للقيادة.
العادات المتوارثة
أشرفت عادل "49 عاماً" قبل فترة على علاج طفل يبلغ من العمر 14 عاماً كانت والدته قد سمحت له بقيادة سيارة أبيه، دون علم أو موافقة الأخير.
تقول إن معظم العائلات تسمح لأطفالها بقيادة السيارات رغم حوادث التصادم "إذ يعتبرون أنه بهذا أصبح الطفل رجلا بعيدا عن القوانين المرورية وإتقان القيادة".
تعافى الطفل الذي أشرفت عادل على علاجه وخرج من المستشفى وهو يتكئ على عكاز بعدما فقد ساقه اليسرى. "لكن رغم هذا، لم تشعر والدته بالذنب أو المسؤولية تجاه ما حدث. لم تلم نفسها ولا ابنها على الحادث".
وزارة التخطيط
أظهرت إحصائية صادرة عام 2016 عن وزارة التخطيط والإنماء العراقية أن مجموع حوادث الطرق لعام 2014 كانت (8814) والمميتة منها (2531).
المدير الإعلامي للوزارة عبد الزهرة الهنداوي يقول إن الحوادث المرورية تعود لعدم الالتزام بالقوانين المرورية ورداءة الطرق والتخسفات الحاصلة فيها وغير ذلك.
وتشير وزارة الداخلية العراقية إلى أن السنوات العشر الماضية شهدت أكثر من 66 ألف حادث مروري أدت في مجملها إلى وفاة 22952 شخصاً وإصابة 79545 آخرين بجروح متفاوتة.
رخصة القيادة
يسترجع وليد ناظم، وهو سائق سيارة أجرة (تاكسي) في بغداد، تفاصيل إجراءات معاملة استخراج رخصة القيادة من مديرية المرور. ويقول إن "بعض المسؤولين يتجاوزون إخفاق بعض السائقين مقابل المال".
محمد هاشم، هو الآخر سائق سيارة أجرة، حصل على رخصة قيادة دون اختبار المديرية، إذ "دفع بعض المال لوسيط لاستخراجها".
محمد يقول إنه ظل يعمل بسيارته التاكسي لسبع سنوات دون رخصة قيادة، إذ تعلم قيادة السيارات وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره.
"كنت أفعل كما يفعل غيري. أتدرب على قيادة سيارة والدي دون علمه. ولم أكن أحتاج لرخصة من مديرية المرور، ولكن بسبب تشدد الرقابة على السوّاق اضطررت لاستخراجها".
والجدير بالذكر أن مديرية المرور العامة قد سجلت في آخر إحصائية لها لعام 2015 ما يقرب (2514) من الوفيات و(9429) من الجرحى بسبب حوادث المرور على الطرق.
القوانين المرورية
وتعود أسباب ارتفاع الحوادث المرورية بنظر حازم الياسري إلى قبول بعض الموظفين بالرشاوى للتغاضي عن قيادة القاصرين وعدم محاسبتهم، وكذلك لغرض استخراج إجازات السياقة دون اختبارات أو ضوابط تذكر.
ويقول حازم، الذي يدير مكتباً لتعلم القيادة في بغداد، في حديث إن "الرشاوى هي التي جرّت إلى عدم الالتزام بالقوانين المرورية والابتعاد عن أخلاقيات السياقة اللائقة".
وبحسب بيان لهيئة النزاهة العراقية، فإنّ مواقع المرور المختصة بإصدار إجازات السياقة احتلت صدارة دوائر بغداد التي شاب إجراءاتها شبهات بتعاطي الرشوة.
ويرى حازم أن الظروف الأمنية غير المستقرة في البلاد كان لها الدور في تدني قدرات الذين يقودون السيارات، "إذ كان لسطوة الكتل السياسية وجماعاتها الأثر الكبير في عدم القدرة على محاسبة المخالفين منهم أو معاقبتهم".
وفي عام 2003، توقفت مديريات المرور العراقية عن تسجيل السيارات ومنح رخص القيادة بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة في البلاد، ثم عاودت مهامها عام 2010.
وتنص قوانين المرور العامة على أن تمنح إجازة السياقة لمن أكمل 18 عاما، بشرط أن تشكل لجنة طبية متخصصة من وزارة الصحة للكشف عن لياقته الصحية، وأن يجتاز الاختبار الفني في قيادة المركبة وقوانين المرور وفق نوع الإجازة التي يروم الحصول عليها، شريطة ألا يكون قد صدر حكم قضائي بمنعه من قيادة المركبة وفقا للقسم (3) من قانون المرور العراقي رقم 86 لسنة 2014، برسوم مالية زهيدة.