من اسم ذو الفقار إلى اسم عمر، ومن اسم عمر إلى اسم عمّار. عراقيون يغيّرون أسماءهم بسبب التخوفات الطائفية.
بلغت طلبات تغيير الأسماء ذروتها بعد 2004، وكانت معظم الطلبات المقدمة هي لأسماء توحي بانتماء الشخص إلى مذهب معين.
ورغم خفوت الحرب بعد 2008، استمرّت الطلبات حتى اليوم.
كان اسمه القديم عمر. والآن هو محمد. عمره 38 عاما وهو موظف حكومي من بغداد. يرى عمر أنّه بين عامي 2003 و2008، أصبح اسمه "نقمة".
"صار الخوف من أن ينتهي من يحمل هذا الاسم جثة مجهولة الهوية مرمية في مكان ما".
ويشير محمد إلى أنّه تعرض لمضايقات عديدة كثيرة خصوصا من قبل موظفي الدوائر الحكومية. ويقول "اليوم ما زال المواطن العراقي يتخوف من عودة الطائفية، وحينها قد لا يتمكن من تغيير اسمه. لذلك طلبات التغيير ما زالت مستمرة".
لا اعتراض!
ويتعين على طالب تغيير الاسم، التقدم بطلب إلى المحكمة المختصة، ثم ينشر الطلب في الصحف الرسمية للتأكد من عدم وجود جهة (شخص أو مؤسسة) معترضة، وكذلك التأكد من أن الشخص غير مطلوب بقضية معينة.
وبعدها يتقدم بالاسم البديل وينشر في الصحف الرسمية للغرض ذاته، وبعدها تمنح المحكمة الموافقة على تغيير الاسم.
هل خالف الأعرجي القانون؟
وعلى الصفحة الرسمية لوزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي في فيسبوك، نشرت مؤخرا موافقة للوزير على 150 طلب تقدم به أشخاص لتغيير أسمائهم.
القرار وفق قانونيين ومختصين شكّل مخالفة قانونية صريحة ارتكبها الوزير، في منح موافقة هي من صلاحية القضاء حصرا.
يقول قاضي الأحوال الشخصية هادي عزيز إن الدستور حصر صلاحية الفصل في المنازعات وتغيير الأسماء والعمر واللقب بمحكمة الأحوال المختصة في الكرخ.
ويضيف "أجري تعديل على القانون وأعطى صلاحية التغيير لضباط الشرطة في وزارة الداخلية".
ويعتبر القاضي عزيز إن إعطاء السلطة التنفيذية صلاحيات السلطة القضائية "أمر خاطئ"، فدور وزارة الداخلية "إداري لا يؤهل ضباطها مهنيا للفصل في المنازعات"، على حد وصفه.
ويتابع قاضي الأحوال الشخصية "يترتب على تغيير الاسم الكثير من الأمور، فقد يكون طالب التغيير مطلوبا للقضاء لذلك هذه المسألة بحاجة إلى التدقيق والتمحيص والإجراءات اللازمة لكي يبت في مدى مشروعية تغيير الاسم".
رفض للفكر الديني
ويقول الناشط في حقوق الإنسان والمحامي محمد السلامي إن الأسباب التي دفعت إلى تغيير الأسماء في فترة الحرب الطائفية ذهبت ولا يوجد دافع إلى تغييرها اليوم، "لكن الارتباك الذي حصل في موضوع التعايش بين الأديان جعل الكثير من الناس يعتقدون أن أسماءهم تشير إلى دين معين".
ويعتبر السلامي استمرار طلبات تغيير الأسماء التي لها طابع ديني هي "محاولة لرفض الفكر الديني الذي ساد مؤخرا، وساهم بذلك الطريقة التي أدارت بها الأحزاب الدينية الدولة بشكل سلبي".
مجتمع مرتبك
ومن بين الـ150 اسما التي وافق على تغييرها الأعرجي مؤخرا، أسماء متعارف عليها في المجتمع العراقي، ولا تشير إلى طائفة أو قومية معينة، ما يثير الاستغراب من طلبات تغييرها.
ويرجح الناشط المدني السلامي أن أصحاب الأسماء التي لا تمت بصلة لدين أو مذهب محدد، يحاولون تغيير حياتهم بطريقة بديلة عن الانتحار أو الهجرة.
"الشباب في هذه الفترة لديهم نزعات رافضة للوضع الاجتماعي الذي يعيشونه، لذلك يحاولون الهرب من بيوتهم وعوائلهم، لذلك يغيرون أسماءهم لقطع طرق الوصول إليهم".
ويرى في هذه المسألة "دليلا على الارتباك الاجتماعي الذي يحصل في هذه الفترة".
طريقة علاج خاطئة
وهذا ما تؤيده أستاذة علم الاجتماع في جامعة بغداد فوزية العطية، موضحة "مجتمعنا يعاني من التفكك في كل مؤسساته، العائلية والدينية والسياسية والثقافية، سابقا كان الإنسان يحترم بعيدا عن اسمه وطائفته، لكن اليوم تتغير النظرة إلى الشخص بمجرد الاسم".
وتؤكد العطية أن المجتمع ما زال يعاني من الطائفية، وما زالت الأسماء تشير إلى طائفة محددة.
وتعتبر أستاذة علم الاجتماع أن معالجة الأمر عبر تغيير الأسماء "طريقة غير صحيحة، ولا تحل أصل المشكلة"، لافتة إلى أن الحل الحقيقي هو "بتثقيف المجتمع ومعالجة المشكلة الأصلية وهي التنافر بين المذاهب أو الأديان".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659