سيارة اسعاف "داعشية" مدمرة في الموصل
سيارة اسعاف "داعشية" مدمرة في الموصل

"من السيئ جدا أن تكون مريضا.. وأسوأ أن تكون مريضا في الموصل في وقت سيطرة داعش"، تقول الممرضة رغد الدليمي.

رغد تخرجت من كلية التمريض قبل سيطرة التنظيم على المدينة، وعملت في إحدى مستشفياتها، لكنها تركت العمل في المستشفى بعد سيطرة التنظيم.

"أسسوا ديوان الصحة، كان يديره أشخاص لم يكملوا أي تعليم طبي، كل فكرتهم عن العلاج كانت الرقيات الشرعية وخليطا من الأعشاب". تقول رغد بانفعال.

لكن العلاج بالأعشاب والتعاويذ كان فقط للعامة من أهالي الموصل، أما قيادات داعش فكانت تحصل على "العلاجات بمختلف أنواعها، ومن مناشئ عالمية، واستخدم أطباء التنظيم أجهزة المستشفى لتشخيص وعلاج مسلحيهم". كما يقول أحمد فاضل، الطبيب في المستشفى الجمهوري بالموصل.

العلاج للدواعش فقط

يقول الدكتور فاضل إن ديوان الصحة الذي أسسه داعش خصص في البداية ردهة في المستشفى لعلاج جرحاه، وجاء بأطباء أجانب وعرب وعراقيين مهمتهم معالجة عناصره المصابين خلال المعارك.

لكن بعد أشهر قليلة من سيطرتهم على المدينة أصبحت كافة مستشفيات الموصل "مخصصة لمسلحي داعش الجرحى، ومنع المدنيون من ارتياد هذه المستشفيات"، كما يقول الدكتور فاضل.

جاء "ديوان الصحة" بأطباء أجانب وعرب وعراقيين إلى المستشفى مهمتهم معالجة عناصر التنظيم وخصوصا المصابين خلال المعارك، يقول فاضل.

"وفروا لهم العلاجات بمختلف أنواعها، ومن مناشئ عالمية متنوعة، واستخدم أطباء داعش اجهزة المستشفى التخصصية في تشخيص وعلاج مسلحيهم"

وبعد أشهر قليلة من سيطرته على المدينة ومع بدء معاركه مع القوات الأمنية العراقية، أصبحت كافة مستشفيات الموصل مخصصة لمسلحي داعش الجرحى، ومنع المدنيون من ارتياد هذه المستشفيات.

الدار مقابل العلاج

تمكن باسل عبد القادر من إقناع لجان داعش الأمنية بالموافقة على سفر والده إلى بغداد للعلاج.

لكن داعش اشترط رهن منزل العائلة كضمانة لعودة والد باسل وشقيقه الذي يرافقه للعناية به.

تأخر الاثنان في العودة، فاستولى التنظيم على المنزل، ونهب محتوياته، وطرد العائلة التي لم تستطع العودة إلى دارها أو الخروج من الموصل حتى تحررت المدينة.

وتقول إحصاءات غير رسمية إن مئات الموصليين من الأطفال وكبار السن، والمصابين بالأمراض المزمنة، توفوا بسبب عدم قدرتهم على منح التنظيم أية ضمانات للعودة إلى مناطقه، فلم يسمح لهم بمغادرة المدينة للعلاج.

وقبل عام من طرد داعش من الموصل، أوقف منح الموافقات لخروج المرضى من المدينة، لأن الكثير من الموصليين فضلوا فقدان منازلهم أو ممتلكاتهم مقابل الهرب من مناطق التنظيم.

حسن غانم، مثلا، يقضي وقتا يوميا في غرفة أمه بمنزلهم في الموصل. أمه ماتت بمرض القلب خلال فترة سيطرة داعش على المدينة.

قبل أن تموت، حاول حسن نقلها للعلاج في بغداد، لكن التنظيم رفض السماح لهما بالخروج.

"قالوا لي إن موتها في أرض الخلافة أفضل من موتها في أرض الكفر". لايزال حسن يجهش بالبكاء كلما تذكر الحادثة.

ولا يبدو الحال أفضل هذه الأيام. عناصر داعش استعملوا المستشفيات كخطوط دفاعية خلال المعارك التي أدت الى طردهم من الموصل العام الماضي.

والآن، فإن أغلب مستشفيات المدينة متضررة من العمليات العسكرية، وبعضها مدمر بنسبة مئة في المئة، وخصوصا مستشفيات الجانب الأيمن من المدينة، الذي يعاني الساكنون فيه حاليا من مخاطر صحية كبيرة في الأساس.

 يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 001202277365

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.