نساء يمنيات يحيين ذكرى الربيع اليمني/وكالة الصحافة الفرنسية
نساء يمنيات يحيين ذكرى الربيع اليمني/وكالة الصحافة الفرنسية

مع حلول الذكرى السابعة لاندلاع شرارة الاحتجاجات الشعبية الضخمة التي أجبرت الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح على التنحي عن السلطة، يشعر كثير من اليمنيين اليوم بإحباط كبير بسبب الحال الذي آلت إليه البلاد التي تعيش حرباً طاحنة لا تزال مستمرة منذ ثلاث سنوات.

وفي 11 شباط/فبراير 2011، نصب شباب يمنيون تواقون إلى التغيير، أول خيمة للاعتصام ضد نظام الرئيس صالح في مدينة تعز جنوبي غربي البلاد، قبل أن تتوسع الاحتجاجات السلمية لتشمل جميع محافظات البلاد فيما عرف آنذاك بثورة “الربيع اليمني”.

اقرأ أيضاً:

2017 في اليمن.. سبعة ملايين لا يعرفون أين وجبتهم التالية

وتحت ضغط الانتفاضة الشعبية الضخمة التي استمرت قرابة عام، اضطر صالح إلى إعلان تنحيه عن سدة الرئاسة، بعد 33 عاماً من التشبث المستميت بالسلطة، وذلك بموجب تسوية سياسية رعتها السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي.

لكن الرئيس السابق علي عبدالله صالح عاد لاحقاً للتحالف مع جماعة الحوثيين المسلحة، لقيادة ثورة مضادة ضد الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته المعترف بها دولياً، وهو ما دفع السعودية وحلفاءها إلى تدخل عسكري مباشر منذ نهاية آذار/مارس 2015، دعماً للحكومة الشرعية.

المستقبل للديمقراطية

ويرى محمد المقبلي، وهو أحد أبرز الناشطين الذين انخرطوا في الاحتجاجات أن “ثورة فبراير 2011 أنجزت الهدف الإجرائي الأول، وهو إسقاط نظام الحكم العائلي كما أنجزت عبر العملية السياسية رؤية الدولة الجديدة المتمثلة بوثيقة الحوار الوطني الشامل الذي أدارته الأمم المتحدة بين القوى الوطنية في 2013”.

لكن المقبلي الذي كان يرأس القطاع الطلابي في مجلس شباب الثورة، قال إن هذه الثورة “دخلت مثل بقية الثورات العربية في مواجهة الثورة المضادة المسنودة إقليمياً بأموال دول الاستبداد العربي".

ومع ذلك يعتقد محمد المقبلي، الذي كان عضواً في مؤتمر الحوار الوطني “أن التحول الديمقراطي في اليمن قادم لا محالة”.

ويضيف “لا يمكن لليمن أن تستقر إلا بتحول ديمقراطي شامل ونظام اقتصادي عادل واحتكام السلطة والمواطن لقوة القانون”، مؤكدا أن “المستقبل للديمقراطية والحرية في اليمن”.

فعل ممنهج

من جهتها تقول ثريا دماج، وهي رئيسة منظمة آن للتنمية، وعضوة مؤتمر الحوار الوطني، إن ثورة فبراير 2011 واحدة من أنجح الانتفاضات الشعبية العربية، لأنها “ضربت كافة المصالح المعيقة لحركة التحديث والالتحاق بركب الدول المتقدمة”.

“أعلم أن البعض يطلب منا النظر إلى الكارثة الإنسانية التي يعيشها اليمنيون اليوم، لكن على هؤلاء التركيز بدرجة أكبر على الطرف المسبب لهذه المأساة”.

وتؤكد دماج أن كل ما يجري الآن من تداعيات “كارثية هو بفعل ممنهج من القوى المقاومة للإرادة الشعبية ومتطلبات التغيير السلمي”.

وبحسب الناشطة، فإن رسالة الثورة كانت واضحة منذ البداية وهي استيعاب كافة القوى بما فيها منظومة الحكم القديم شريطة استجابتها لمتطلبات التغيير وسياقاتها العلمية والحضارية التي تضمن مشاركة اليمنيين جميعاً في بناء بلدهم وفقاً لمبادئ العدالة الانتقالية.

مقاومة التغيير

في السياق، يستغرب المحامي والناشط الحقوقي اليمني هائل سلام محاولة البعض تحميل الربيع العربي التدمير والخراب الذي طال، ويطال، بعض من دول الربيع العربي.

وفي منشور على صفحته في “فيسبوك”، يكتب أن الربيع العربي لم يكن سوى “احتجاجاً شعبياً ينشد التغيير السلمي”.

ويؤكد أن التدمير والخراب لم يأت “نتيجة للتغيير، أو للمطالبة به، بل جاء، ويجيئ، كنتيجة مباشرة لمقاومة التغيير، والحؤول دون حدوثه، وفرض خيارات أحادية ثابتة على الناس، عنوة وقسراً، بالنار والحديد، ضداً على سنن الكون ومعايير الحياة”.

إعاقة الحركة

في الأثناء يتهم ناشطون سياسيون وشباب مستقلون شاركوا في ثورة الربيع اليمني قيادة أحزاب المعارضة اليمنية بإعاقة حركة التغيير بالتظليل والعبث بالنشاط السياسي.

لكن أحزاب المعارضة السابقة المنضوية في تكتل (اللقاء المشترك) التي تصدرت الثورة الشعبية، تنفي هذه الاتهامات تماماً، وتحمل الرئيس السابق والحوثيين مسؤولية الانقلاب.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.