نساء عراقيات منقبات/وكالة الصحافة الفرنسية
نساء عراقيات منقبات/وكالة الصحافة الفرنسية

بغداد- دعاء يوسف:

ترتدي رغد محمود الحجاب والزي الإسلامي التقليدي (العباءة) منذ خمس سنوات، لكنها تتعرض للتحرش الجنسي دائماً في طريق الذهاب والإياب من بيتها لمقرّ بناية عملها.

تنفي رغد (32 عاما) وجود أي علاقة بين ارتداء الحجاب أو عدمه بالتحرش. وتقول "التحرش برمته في ذهن المتحرّش يعتمد على تواجد المرأة. طالما تسير هذه المرأة في الشارع، لا يمكن ألاّ تتعرض للتحرش الجنسي".

حتّى أن رغد لاحظت أنها باتت تسمع عبارات التحرّش أكثر بعد ارتدائها الحجاب. "أمر لا يصدّق! الأمر لا علاقة له باللباس ولا بالمرأة، بل بعدم قدرة المتحرّش على التحكم بنفسه".

ويثير التحرش الذي تتعرض له بشرى عادل غضبها وخاصة أثناء قيادتها سيارتها الخاصة. وتقول بشرى (37 عاماً) "يغضبني أن بعض السائقين لا يأخذون في الحسبان خطورة القيادة بطريقة متهورة حتى يلفتوا انتباه المرأة والتحرش بها".

وتشير السيدة إلى أن الحال يصل بالبعض إلى مطاردة الفتيات أثناء القيادة للتعرف عليهن.

وتقول بشرى مستغرفة "أرتدي الحجاب التقليدي ولا أستخدم أدوات الزينة أو الماكياج وأبتعد كثيرا عن الألوان الزاهية ومع ذلك أتعرض للتحرش بشكل مستمر". 

لن تخبر زوجها

"أتعرّض للتحرش سواء كنت أمشي وحدي أو برفقة فتيات محجبات أو غير محجبات. لا فرق"، تقول عواطف كريم (24 عاماً) وهي تسرد كيف يرمي لها بعض الشبان قصاصة ورق عليها أرقام هواتفهم عند مرورها.

"هناك من يتعمد الاقتراب مني ومطالبتي بصوت مرتفع بتناول قصاصة رقم هاتفه، في محاولة لإحراجي، لكني لا ألتفت له، لأنني معتادة على هكذا سلوكيات من الشباب". 

لا تعمل عواطف وسبب خروجها غالبا هو للتسوق وشراء بعض الحاجيات للمنزل.لكنها تنزعج جدا وتشعر أن حريّتها مقيدة على مسافة خطوات من منزلها. ولا تجرؤ الشابة الحديثة الزواج أن تخبر زوجها بما تتعرض له خوفا من أن يمنعها من الخروج نهائيا.

ولا يقتصر التحرش على الطرقات، بل إن نساء كثيرات يتعرضن للتحرش وهنّ في منازلهن.

تقول رنا يوسف (22 عاماً) إنها كثيرا ما تتعرض لتحرش من بعض شباب الجيران عندما تحاول تجفيف ملابس الغسيل بنشرها على حبل السطح.

وتضيف "رغم ارتداء حجاب الرأس مع الثوب الطويل لكن هذا لا يمنعهم من التحرش".

تسكن رنا برفقة والديها وأخيها في شقة سكنية في منطقة تتزايد فيها المحلات التجارية والصناعية، لذا فلا توجد أماكن لنشر الغسيل غير سطح مبنى العمارة.

وتشير إلى أن الكثير من سكان الشقق في العمارات والمنازل المقابلة ينظرون لظهور المرأة أو الفتاة في السطح كفرصة للتحرش بها ولا يهتمون لكونها محجبة أو غير محجبة. "كلما رفعت رأسي أو التفت وأنا أنشر الغسيل، أرى أحدهم يلوح لي أو يطلق صوتا كالصفير".

باعة الملابس الداخلية

ويستغل المتحرشون الأماكن العامة والأسواق التي تكون أزقتها ضيقة للتمادي في الممارسات غير الأخلاقية.

تقول صبا وليد (31 عاماً)، وهي محجبة أيضا، إنها لا تحب التسوق من الأسواق الشعبية المزدحمة، مشيرة إلى أن بعض الشباب يستغلون أي زحام ليقتربوا مني بطريقة معيبة.

"مرة دفعت أحدهم بعنف لحظة شعرت بارتماء جسده عليّ. آنذاك شعرت بالخوف وبدأت بالصراخ والبكاء"، تقول الفتاة.

تذهب زهراء كاظم (19 عاماً) للتسوق مع أمها بين الحين والآخر لشراء الملابس الداخلية.

"كم من مرة امتنعنا من التعامل مع بعض المحلات، لأن أصحابها يتحرشون بالزبونات بأساليب مختلفة".

وتقول الفتاة "تقوم أمي بالتأشير بأصابعها على بعض الملابس الداخلية استفساراً عن ثمنها، فيبتسم البائع ويبدأ بعرضها بيديه بطريقة غير أخلاقية".

 "المتحرشون منهم يمسكون الملابس الداخلية بطريقة فاضحة ويلمحون لأشياء جنسية ويتغزلون بالنساء أحيانا بصوت مسموع". توضح زهراء.

وتقول إيمان ناظم (41 عاماً) إنها تتوتر دائما عند جلوسها في حافلة نقل الركاب أو بسيارة الأجرة نوع (كيا) خوفا من أن يجلس قربها رجل.

ايمان أكدت إنها تتعرض باستمرار للتحرش من الرجال عند ركوبها لسيارات النقل العام رغم أنها محجبة.

وتضيف إيمان التي تعمل في وظيفة حكومية "صرت أحمي نفسي من التحرش بدفع أجرة المقعد الذي أجلس قربه وأتركه فارغاً فقط إذ لم تجلس عليه امرأة".

وتشير إلى أن التحرش بسيارات الأجرة يبدأ بتضييق المكان على المرأة ومحاولة لمسها أو استغلال منعطفات الطريق وانحداراته للارتماء على جسدها.

"طالبت أحدهم بالابتعاد قليلا، يبدأ بالتطاول عليّ والتلفظ بعبارات سيئة أو اتهامي بالافتراء عليه".

القضاء على التحرش بـ"الصمون"!

تقول سارة المعلاوي، وهي مدونة عراقية، إن أحد أسباب ارتفاع نسب التحرش هو الفصل بين الجنسين.

سارة هي امرأة عراقية في الثلاثينيات من العمر، تسكن مدينة الحلة ذات المجتمع المحافظ.

تقول سارة إنها قد تخرج أحيانا بدون غطاء رأس (حجاب)، لكن لا أحد يتحرش بها "تحرشا سخيفا".

وتعرف سارة الـ"التحرش السخيف" بأنه استعمال كلمات نابية أو محاولة التعدي الجسدي.

وبالنسبة لها، فإن الفصل بين الجنسين، وفي مراحل مبكرة من حياة العراقيين قد يكون سببا من أسباب ارتفاع هذه الظاهرة.

وسابقا، كانت المدارس العراقية تسمح باختلاط الجنسين حتى عمر 12، لكن أغلب المدارس بدأت خلال السنين الأخيرة تطبق الفصل بين الجنسين من عمر السادسة.

وتروي سارة قصة عن متحرشين من جيرانها بدأوا بالتصرف بشكل طبيعي بعد أن بادرت بتحيتهم كل صباح.

"أحسست أنهم بدأوا يخجلون من أنفسهم، المسافة بين الجنسين سبب من أسباب التحرش"، تقول سارة.

نشرت سارة هذه القصة، تقول إن أخريات قد يستفدن منها.

​​

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.