تلميذات يدخلن إلى الصف الدراسي في إحدى مدارس بغداد/وكالة الصحافة الفرنسية
تلميذات يدخلن إلى الصف الدراسي في إحدى مدارس بغداد/وكالة الصحافة الفرنسية

في مدرسة ابتدائية للبنات ببغداد، "تجبر التلميذات على ارتداء الزي العسكري كل يوم خميس وأداء الأغاني العسكرية"، هذا ما يرويه والد إحدى التلميذات.

ويخشى والد الطفلة، أبو محمد، على ابنته من التأثر "بالفكر المفرط بالعنف"، موضحا "مهما حاولت أن أعالج الموضوع يبقى تأثير المدرسة أقوى مني".

يقول "الأطفال الذين عمرهم ست سنوات أصبحوا معتادين على كلمات العنف والقتل".

المدارس بيئة نافرة

ويصف مختصون بعلم النفس، البيئة الدراسية في العراق بـ"غير السليمة".

وتشرح أستاذة علم النفس التربوي في جامعة بغداد شيماء عبد العزيز ما يحدث في نفسية الطفل، قائلة "بناء الشخصية يتم بشكل أساسي في السنوات الخمس الأولى من عمر الطفل. وعندما يتعرض لمشاهد العنف، يتم المساس بعملية بناء شخصيته، وتتم عرقلة تكوينها كشخصية سوية في المستقبل".

وترى عبد العزيز أن ذلك بدأ بالظهور على شكل سلوكيات منحرفة يمارسها الأطفال في المدارس، كالتدخين والتسرب من قاعات الدرس وارتياد المقاهي أثناء وقت الدوام.

إذا سألنا أي طالب هل تحب المدرسة؟ سيجيب بكلمة لا.

هكذا تلخص عبد العزيز شعور الطلاب، موضحة أن السبب هو الأسلوب غير الصحيح للمعلمين والمدرسين. "مدارسنا أصبحت بيئة منفّرة وليست بيئة جاذبة".

تأثير العنف الذي يتعرّض له الطفل أو الطفلة لا يقتصر على الشخص الذي تعرّض له فحسب. أحيانا يجسّد الطفل العنف الذي تعلمه، ويطبقه سواء على أخيه الأصغر مثلا أو على أصدقائه في المدرسة.

"عموما، يصبح الطفل إما صاحب سلوك عدواني أو يصير طفلا متنمرا يعيد إنتاج العنف ذاته الذي شاهده"، تقول عبد العزيز.

وهنا يروي والد التلميذة: "من الحالات التي شاهدتها بعيني مجموعة أطفال يلعبون بعد خروجهم من المدرسة يمسكون بأطفال ويعدمونهم على ساقية ماء، يمثلون حادثة سبايكر".

ويتابع "أكثر من شخص من معارفي يمر بالحالة ذاتها، ويبدو أن في ذلك توجيها من جهة رسمية أو ذات سلطة".

التربية تنفي

لكن الناطق الإعلامي باسم وزارة التربية سرمد سلام، ينفي ما ورد على لسان والد التلميذة. ويؤكد في حديث لموقع (ارفع صوتك) "الوزير توجيهاته في موضوع مظاهر العسكرة واضحة وصارمة".

ويقول سلام "لا توجد لدينا أي معلومة حول هذا الموضوع، ولم يحصل في أية مدرسة"، مضيفا إن وجدت مثل هذه الحالات ستكون "المحاسبة شديدة لإدارة المدرسة".

لكن ببحث بسيط على فيسبوك تظهر صور لتلميذات يرتدين الزي العسكري خلال مناسبة رسمية. هذه إحداها من صفحة مدرسة خديجة الكبرى في بغداد.

ويشير الناطق الإعلامي باسم التربية إلى أن ما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي عن مثل هذه الحالات "مشاهد مفبركة صورت خارج المدارس وتم تداولها على أنها داخل المدارس".

​​

​​

 

خطر الإعلام

ويبدو أن ثمة خطرا يواجه الطفل، يتمثل بالإعلام المحرض على العنف، وفقا لوالد التلميذة الذي يقول "لا يوجد اجتناب في طرح المواضيع القاسية، سواء في المدارس أو في وسائل الإعلام الرسمية".

ويلفت إلى أن "معظم القنوات العراقية الرسمية والأهلية، تعرض مشاهد حية للعمليات الإرهابية من قتل أو تفجير لغرض إدانة داعش". 

وهو ما يؤيده أستاذ الإعلام في جامعة بغداد عبد السلام السامر، الذي يرى أن "أغلب وسائل الإعلام تعمل وفق متطلبات الجمهور، وتسوّق البرامج التي تحقق لها أكبر عدد من المشاهدين".

ويضيف في حديث لموقع (ارفع صوتك) أنه "لا يمكن لأي جهة حكومية محاسبة مثل تلك القنوات لأنها ستصطدم بموضوع حرية التعبير عن الرأي"، موضحا أن مسؤولية وقاية الأطفال من خطر مثل هذه الأفلام تقع على عاتق الأسرة وأصحاب القنوات، إضافة إلى منظمات المجتمع المدني التي يمكن أن تمارس ضغطا على القنوات للحد أو التقليل من البرامج التي تحوي مشاهد تحض على العنف.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.