بغداد - دعاء يوسف:
لن تسمح سعدية لابنتها بالعودة إلى زوجها "حتى لو ثبت أنه ليس من عناصر داعش الإرهابي".
قبل دخول داعش إلى الموصل، أصبح زوج سناء أكثر عنفا معها، لكنه لم يكن يتجرأ على ضربها "خوفا من أخوتها" كما تقول الأم.
"بعد ظهور داعش وعدم قدرة أولادي على التدخل والوصول إليه، صار يتباهى بمناصرته لهذا التنظيم، وأيضا كان ينتقم منا عبرها، لأننا عارضنا زواجها منه".
هربت سناء مع ابنتها الصغيرة إلى أربيل وصولا إلى بغداد حيث منزل والديها.
تدفع العائلة باتجاه انفصال الابنة عن زوجها نهائيا. لكن سناء تخاف أن يؤدي اللجوء للقانون إلى وصمها اجتماعيا.
"أي علاقة مع أي داعشي هي وصمة، حتى لو كانت ابنتنا ضحية".
المادة القانونية التي يستند اليها القضاء العراقي هي قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم (1529) في 31/12/1985 الذي ينص على إجازة طلب التفريق للزوجة من زوجها إذا "هرب إلى العدو"، وعلى المحكمة أن تحكم بالتفريق مع الاحتفاظ للزوجة بكامل حقوقها الزوجية.
واعتبرت محكمة التمييز أن مفهوم العدو متغير ويحدد تبعا للنظام السياسي القائم، ولا يسري على المعنى التقليدي للعدو بل يشمل التنظيمات الإرهابية كافة.
لكن الهيئة الموسعة المدنية في محكمة التمييز الاتحادية لا تقبل البت بشكوى الزوجة التي تقدم طلبا للتفريق بينها وبين زوجها إذا لم تثبت انتماءه لتنظيم داعش.
تقول المستشارة القانونية وعد كريم إن مشكلة القانون هو أنه يستند على الأدلة فقط، "وهنا قد تقع الزوجة بمظلمة كبيرة إذ لم تنفصل عن زوجها الإرهابي أو تبلغ عنه وستعتبر مجرمة بالتبعية أو متواطئة".
تضيف كريم أن "حياة المرأة مرهونة بالعادات والتقاليد، وقد تكون غير راضية عن زوجها ورافضة لسلوكه ولكنها لا تستطيع أن تفعل أي شيء خشية المعاقبة أو القتل".
ربما هذا ما يدفع بعض النساء لطلب الانفصال لمجرد الشك بأن زوجها ناصر التنظيم.
تقول ابتسام النازحة مع أولادها من الرمادي منذ أربعة أعوام إن "الذين تدور الشكوك حول مناصرتهم لداعش يشكلون خطرا بالدرجة الأولى على زوجاتهم وأولادهم".
ورغم خوفها، تقول ابتسام إنها ستطلب الانفصال عن زوجها لأنه رفض النزوح معها إلى بغداد رغم أنها لا تعرف إن كان لا يزال على قيد الحياة أو فارقها.
"لا يشعر الناس بما نشعر به من خوف وضياع حتى وإن كنا أبرياء". تقول ابتسام إنها "لاتعرف بشكل مؤكد إن كان زوجها انتمى الى التنظيم أم لا"، وتضيف "لن أستطيع العودة إليه والعيش معه خوفاً من اتهامي بالتستر عليه في حال ثبت إن له علاقة مع التنظيم".
وتؤكد القوات الأمنية تعاون بعض أسر وزوجات عناصر تنظيم داعش في التحقيقات بشكل ساهم في الوصول إلى معلومات "هامة أكثر دقة وتفصيلاً عن عالم داعش من الداخل" بحسب مصادر في تلك القوات.
لا تتوفر إحصائيات رسمية بشأن عدد الزوجات اللواتي يطلبن التفريق أو ينفصلن عن أزواجهن الإرهابيين، تقول تقول بشرى العبيدي، عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، مضيفة أنه ما لم يتم حصر عدد الإرهابيين العراقيين سيكون من الصعب الوصول إلى إحصائية بعدد زوجاتهم وعوائلهم.
وتشير إلى أن التوصل إلى إحصائيات رسمية بهذا الشأن يحتاج لوقت طويل قد يكون لأكثر من سنتين، إذ فر أغلب الذين يُعتقد بانتمائهم لداعش.
وبحسب العبيدي، فإن زوجات داعش ينقسمن إلى "الزوجات اللواتي سلمن أنفسهن إلى القوات الأمنية العراقية بعد اكتشاف انتماء أزواجهن للتنظيم وهؤلاء اعدت لهن برامج خاصة لتأهيلهن".
أما النوع الثاني من الزوجات، فهن اللواتي أجبرن على الزواج من إرهابيين.
و"ما أكثرهن وما أصعب تأهيلهن وإدماجهن بالمجتمع رغم أنهن ضحايا"، حسب العبيدي.
تروي بشرى قصة فتاة أجبر زوجها على تطليقها من زوجها ليتزوجها داعشي "فقط لأنها أعجبته".
ورغم أن الإجبار بالقانون العراقي يتسبب بالتفريق لأن الإكراه يبطل كل عقد، إلاّ أن بشرى تجد أن التحدي سيكون إدماجهن بالمجتمع الرافض لوجودهن بتاتاً.