جندي روسي في محيط مدينة دير الزور في تشرين الثاني/سبتمبر 2017
جندي روسي في محيط مدينة دير الزور في تشرين الثاني/سبتمبر 2017

ارفع صوتك

في 14 شباط/فبراير الحالي، نشر موقع بلومبيرغ تقريرا مطولا قال فيه إن 200 مسلح، أغلبهم مرتزقة روس، قتلوا خلال رد لقوات التحالف الدولي على هجوم تعرضت له قوات سورية الديموقراطية في منطقة دير الزور، شرق سورية.

وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس قال حينها إن قوات موالية للنظام السوري "شنت ومن دون أي مبرر هجوما مدفعيا.. ضد حلفائنا.. وقمنا على الفور باتخاذ إجراءات الدفاع عن النفس". ورفض ماتيس تأكيد ما إذا كان المهاجمون من ميليشيات إيرانية أو مرتزقة روس.

واعترفت موسكو بمقتل روس خلال الهجوم، لكنها قالت إنهم خمسة فقط، مشددة على أنهم "ليسوا جنودا في الجيش الروسي".

لكن جرحى الهجوم، الذي وقع في 7 شباط/فبراير، تلقوا العلاج في مستشفيات وزارة الدفاع الروسية في موسكو وسان بيترسبورغ حسب موقع بلومبيرغ.

تعرف على "فاغنر"

​​تنفي موسكو وجود قوات لها على الأرض تقاتل إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد. لكن تقارير إعلامية مختلفة تتحدث عن وجود مرتزقة روس يقاتلون على الأرض السورية منذ خريف سنة 2015، أي بالتوازي مع بداية التدخل العسكري الروسي في البلاد.

قاتل كثير من هؤلاء المرتزقة سابقا في القرم وشرق أوكرانيا إلى جنب القوات الانفصالية، قبل أن يغادروا إلى سورية.

وحسب صحيفة لوفيغارو الفرنسية، فإن وسائل إعلام روسية أجرت حوارات مع عائلات المقاتلين أكدوا هذه المعلومات.

ينتمي هؤلاء المقاتلون إلى منظمة عسكرية خاصة تسمى "فاغنر".

وتقول وكالة الصحافة الفرنسية إنه "ليس لمجموعة فاغنر أي وجود قانوني، خصوصا وأن الشركات الأمنية الخاصة محظورة في روسيا".

وسميت هذه المجموعة بـ"فاغنر" نسبة إلى الاسم الحربي لزعيمها ديميتري أوتكين (Dimitri Utkin)، وهو ضابط سابق في مخابرات الجيش الروسي.

وقدر عدد المرتزقة الروس على الأراضي السورية بـ 2500 في أوج المعارك سنة 2015، قبل أن ينخفض إلى 1000 كمعدل سنة 2016.

وحسب مركز نورس للدراسات والأبحاث العسكرية في الشرق الأوسط، ومقره إسطنبول، توجهت سريتان جديدتان من المقاتلين الروس إلى سورية ليصبح عدد سرايا "فاغنر" هناك ست سرايا، بمجموع قرابة 2000 عنصر.

وحسب مركز نورس، يوجد المقر الرئيسي لقوات "فاغنر" في سورية في شرق حمص، وتحديدا 40 كم غرب حقل حيان النفطي.

وفي تشرين الأول/أكتوبر 2017، بث تنظيم داعش صورا لاثنين من المرتزقة الروس أسرهما.

ونشرت وكالة رويترز في ديسمبر/كانون الأول تقريرا قالت فيه إن المتعاقدين الروس في سورية يحصلون على أجور تصل إلى 6500 دولار شهريا وهو ما يزيد على متوسط الأجور في روسيا بأكثر من 12 ضعفا. نقلت رويترز هذه المعلومات عن أقرباء للمقاتلين.

وترفض روسيا الاعتراف بوجود المرتزقة الروس على الأراضي السورية. وحسب رويترز، فإن أحد المرتزقة واسمه فلاديمير كابونين قتل في سورية سنة 2017، ونقل جثمانه إلى وطنه. "لكن الحكومة لا تعترف بأنه كان في سورية، لذا فقد جرى دفنه دون أي تكريم عسكري ولا يحمل قبره ما يشير إلى أنه سقط خلال عمليات عسكرية".

صورة مع بوتين

​​​تؤكد الكثير من وسائل الإعلام وجود صلات وثيقة بين منظمة "فاغنر" والحكومة الروسية.

موقع فونتانكا الروسي، الذي تؤكد وكالة الصحافة الفرنسية أنه أجرى تحقيقات مطولة عن المنظمة، يقول إنه حتى صيف سنة 2016 كان معسكر تدريب "فاغنر" يقع في الموقع ذاته الذي تتمركز فيه كتيبة للقوات الخاصة والاستخبارات العسكرية الروسية، في مولكينو قرب كرازنودار جنوب روسيا.

إضافة إلى هذا، كان ديميتري أوتكين مؤسس "فاغنر" حاضرا في احتفال الكرملين، في 9 كانون الأول/ديسمبر 2016، لتكريم الروس المشاركين في الحرب في سورية.

 وظهر أوتكين عبر التلفزيون والتقطت له صور إلى جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما تقول وكالة الصحافة الفرنسية.

وجرى تداول هذه الصور على مواقع التواصل الاجتماعي، كما يورد هنا حساب "فريق استخبارات الصراع" (Conflict Intelligence Team)، وهو مجموعة رصد أسسها نشطاء روس لتعقب النشاط العسكري لبلادهم. يظهر أوتكين في أقصى اليمين.

​​وبعد أن كان ضابطا في مخابرات الجيش الروسي، أحيل أوتكين للتقاعد برتبة رائد.

وتقول وكالة الصحافة الفرنسية، نقلا عن وسائل إعلام روسية، إن مجموعة "فاغنر" ممولة من إيفغيني بريغوجين وهو رجل أعمال من سان بيترسبورغ، ويملك عقودا وقعها مع الجيش الروسي.

وورد اسم بريغوجين لدى القضاء الأميركي في التحقيقات حول التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية عام 2016.

وشارك مقاتلو مجموعة "فاغنر" جنبا إلى جنب مع الجيش السوري في استعادة مدينة تدمر من تنظيم داعش في آذار/مارس 2017. ويتركز عملهم حاليا على حماية المنشآت النفطية.

وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، نقلا عن موقع فونتاكا، أسس بريغوجين عام 2016 منظمة أخرى أطلق عليها "يورو بوليس". وتتمثل مهمتها في استعادة ومراقبة المنشآت النفطية لحساب السلطات السورية.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.