رزان في لندن
رزان في لندن

أغادير حريرات شابة أردنية تبلغ من العمر 32 عاماً. طالما حلمت بالسفر وحققت حلمها للمرة الأولى قبل أشهر قليلة، عندما سافرت إلى العاصمة الفرنسية باريس، والبلجيكية بروكسل. قضت فيهما أسبوعاً، كان كفيلاً بتغيير الكثر من أفكارها.

قبل سفرها، كانت تعتقد أن الدولة يجب أن يكون لها هوية دينية. كانت قناعاتها السابقة أن "الدين هو الحل لأي مشكلة".

أغادير في بروكسل

​​اليوم، تتبنى أغادير فكراً مغايراً. باتت مقتنعة بأنه "من الممكن أن نعيش في دولة مدنية تفصل الدين عن الدولة".

خلال رحلتها، تعاملت الشابة مع أشخاص من قوميات وأعراق وديانات مختلفة، يعيشون بشكل مشترك في دول أوروبية، ويتقبلون بعضهم البعض دون تعقيدات. ساهم ذلك في تعزيز وجهة نظرها الجديدة نحو مدنية الدولة وتقبل الآخر.

"إنهم يتقبلون بعضهم بغض النظر عن أصولهم المختلفة، فهم يعيشون بثلاث مناطق تتحدث ثلاث لغات مختلفة في بروكسل"، تقول.

تقول أغادير إنها تنظر إلى العالم الآن كمكان متعدد القوميات، فيه الكثير من الناس "الذين نستطيع أن نعيش معهم، الأسود والأبيض والمؤمن والملحد".

السفر يعزز التسامح

بينت دراسة أعدتها مؤسسة موموندو المتخصصة بالسفر، تم تطبيقها على عينة مكونة من 7292 شخصاً من 18 دولة، أن السفر يقلل التعصب ويعزز الثقة والانفتاح تجاه الآخرين.

وقالت الدراسة:

  • 76 في المئة قالوا إن السفر منحهم نظرة إيجابية أكبر تجاه الاختلافات والتعددية والثقافات المختلفة.
  • 75 في المئة قالوا إن السفر ساعدهم على النظر إلى الشعوب المختلفة بإيجابية أكبر.
  • 65 في المئة قالوا إنهم يعتقدون أن التعصب سيقل في العالم، لو سافر الناس بشكل أكبر.
  • 61 في المئة يعتقدون أن التسامح سيزيد إن سافر الناس أكثر.
  • 53 في المئة يعتقدون أن السلام سيزيد في العالم لو زاد السفر.

صور نمطية

حملت أغادير قبل سفرها صور نمطية حول بعض تفاصيل الحياة الأوروبية، وتؤكد أن رحلتها تلك ساعدتها على كسر كثير من تلك الصور.

أبرز الصور النمطية التي كانت مطبوعة في ذهنها تدور حول اعتقادها بأن الغرب لا يتقبل المسلمين، وينظر إليهم بدونية، ويراهم إرهابيين ومتطرفين.

تعود أغادير بحديثها إلى لحظة وصولها مطار باريس، بزي يظهر هويتها الإسلامية. كانت صدمتها الأولى عندما هب شرطي فرنسي لمساعدتها في معرفة طريقها، بل ومرافقته لها حتى وصولها إلى المكان الذي كانت تقصده.

وتقول الشابة "اكتشفت أن نظرتهم نحو الإسلام والمسلمين مختلفة تماماً عما كنت أعتقد.. حتى أنا كمحجبة لم أشعر بأي تمييز، بل كانوا يساعدونني عندما أحتاج المساعدة".

السفر "أكبر مدرسة"

رزان العموش (28 عاماً)، من الأردن، تؤكد تغير العديد من الأفكار والصور النمطية التي كانت تحملها بعد سفرها لأكثر من 50 مرة نحو وجهات مختلفة.

تقول "عندما تسافر تكتشف أن ما يجمع الناس أكثر مما يفرقهم.. لو أتيح للناس وسائل ليعرفوا بعضهم البعض أكثر، سيكون العالم بسلام أكبر، لأن كمية الأشياء المتشابهة ما بين الجنسيات المختلفة أكثر من الاختلافات".

تصف رزان السفر بأنه "أكبر مدرسة". وتتابع بأنه مهما اعتقد الشخص نفسه منفتحاً، إلا أن السفر سيضعه في امتحان حقيقي ليعرف مدى تقبله للآخر.

 

رزان في إحدى رحلاتها

​​سافرت الشابة الأدرنية ​مرة إلى باكستان. تقول "نحن لدينا صورة نمطية بأنها بلد مغلقة وفيها خوف". 

تؤكد رزان أنها وجدت أناسا معتدلين، وشعبا متعلما ومثقفا. "كانت لدي صورة نمطية مغلوطة وأصبحت إيجابية".

وسافرت الشابة في إحدى رحلاتها إلى تايلاند. تقول "من المعروف عن تايلاند في مجتمعاتنا أنها بلد ذكورية. وفيها الكثير من الممارسات اللا-أخلاقية".

في هذا البلد الأسيوي، تغيرت أفكار رزان تماما. تقول إنها اكتشفت أن التايلانديين يحترمون المرأة كثيراً، وهي تحتل مناصب عالية في الدولة والشرطة ومختلف المجالات.

مع هذا فإن خيار "معالجة" التطرف بـ"السفر". ليس خيارا متاحا دائما.

في بلدان مثل الصومال والعراق وأفغانستان وسوريا واليمن حيث اجتاح متطرفون مناطق كبيرة من البلاد. يكون السفر أشبه بحلم بعيد المنال للكثيرين.

محمد سالم تقدم لأكثر مرة للحصول على فيزا للسفر إلى فرنسا.

"كنت أريد دراسة السينما" يقول محمد.

لكن الفيزا لم تمنح له أبدا "أرادوا مني في السفارة تقديم كشف حساب بنكي ومايثبت أنني امتلك عقارا في العراق، هم يريدون التأكد أنني سأعود إلى بلدي ولن أطلب اللجوء".

 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.