يحظى اتفاق خفض التصعيد بضمانة روسية تركية إيرانية
يحظى اتفاق خفض التصعيد بضمانة روسية تركية إيرانية

في أوائل أيار/مايو 2017 بدأ تنفيذ اتفاق خفض التصعيد الذي تم التوصل إليه في مباحثات أستانة بضمانة تركية روسية إيرانية.

ومنذ أسبوع، ترزح الغوطة الشرقية وهي المشمولة باتفاق خفض التصعيد لحملة قصف جوي ومدفعي خلفت مقتل نحو 550 مدنيا، بينهم 134 طفلا على الأقل، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وفي شمال سورية، يستعد النظام لاقتحام مدينة إدلب التي يسيطر عليها عدد من الفصائل، بينها هيئة تحرير الشام المصنفة تنظيما إرهابيا.

ويشمل اتفاق خفض التصعيد، إضافة إلى إدلب والغوطة، مناطق في حماة (شمال) وحمص (وسط) ودرعا والقنيطرة جنوبا.

لكن مناطق الجنوب وحدها تشهد هدوءا نسبيا.

​​​اتفاق ولد ميتا

دعت واشنطن الأسبوع الماضي موسكو لمراعاة التزاماتها حول مناطق خفض التصعيد في سورية بعد هجمات النظام السوري المكثفة على المناطق المشمولة بالاتفاق، خاصة الغوطة الشرقية.

وكانت تركيا هي الأخرى استدعت الشهر الماضي سفيري روسيا وإيران احتجاجا على الخروق التي حصلت في مناطق خفض التصعيد من قبل النظام السوري.

وبدورها، سجلت منظمات حقوقية سورية العديد من الخروقات في مناطق خفض التصعيد.

حسن النيفي، عضو حزب النداء الوطني الديمقراطي، يقول إن "اتفاقيات خفض التصعيد في سورية ولدت ميتة بالأصل ولم يتم الالتزام بها منذ أن تم الاتفاق عليها".

وحسب النيفي، يعود السبب في عدم الالتزام إلى غياب "آليات واضحة لضبط خفض التصعيد منذ البداية".

أما عن المنطقة الجنوبية، حيث يبدو اتفاق خفض التصعيد قائما، يقول النيفي "الجميع يعلم أن الاتفاق في المنطقة الجنوبية حصل بين روسيا وأمريكا بشكل مباشر".

تداخل بين جنيف وأستانة

طالبت المعارضة السورية، عبر الوفد المشارك في مفاوضات أستانة، بتزامن خفض التصعيد (اتفاق عسكري) مع التفاوض على الانتقال السياسي وفق مسار جنيف الذي تقوده الأمم المتحدة.

وتداخلت مواضيع المسارين خلال المفاوضات. ففي المرحلة الأولى، انصب النقاش حول تشكيل هيئة حكم انتقالي، ثم انتقل لملف المعتقلين، ليصل في الجولة الرابعة من المفاوضات (أستانة 4) لاتفاق "خفض التصعيد" في بعض المناطق.

حسب النيفي، لم يكن النظام مهتما بالوصول إلى اتفاق سياسي في مؤتمر أستانة. بل إن أستانة "تم خلقه بالأصل من أجل تحييد مسار جنيف وخلق مسار مواز لجنيف رأيناه في سوتشي".

ودعت روسيا، في أواخر الشهر الماضي، إلى عقد "مؤتمر للحوار الوطني السوري" في منتجع سوتشي، شارك فيه المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا، لكن وفد المعارضة قاطعه.

يقول النيفي إن ما كان يهم النظام السوري من اتفاق أستانة هو "مسألة الهدنة والمصالحات المحلية" من أجل "إطباق الحصار على المدن السورية".

وبدوره، يتهم يحيى العريضي الناطق باسم الهيئة العليا للمفاوضات النظام السوري وروسيا وإيران بعدم الالتزام باتفاق خفض التصعيد في سورية.

ويقول "استمرار الانتهاكات لاتفاق خفض التصعيد يجعل الاتفاقية بمهب الريح".

وكتب رئيس الهيئة العليا للمفاوضات نصر الحريري على حسابه في تويتر: "اتفاقيات خفض التصعيد تحولت إلى تصعيد خطير"

​​​مطالب بتعليق المفاوضات

طالبت الحكومة السورية المؤقتة (حكومة المعارضة) وفد الهيئة العليا للمفاوضات بتعليق محادثات أستانة إلى حين وقف الحملة العسكرية على الغوطة الشرقية بريف دمشق.

جاء ذلك في بيان الاثنين الماضي، أكدت فيه حكومة المعارضة أن "روسيا والنظام تبنيا الخيار العسكري في الحل ولا يعبران عن أي اهتمام للمسار التفاوضي".

لكن يحيى العريضي، الناطق باسم الهيئة العليا للمفاوضات، يوضح "أن هيئة التفاوض لا تأتمر بالحكومة المؤقتة. هي عبارة عن جسد مؤلف من عدة أجساد سياسية كالائتلاف والمستقلين وممثلي الفصائل وهيئة التنسيق وغيرهم".

وطالبت الهيئة العليا للمفاوضات بدورها بهدنة فورية في الغوطة لمدة 30 يوما على أن تترافق مع مفاوضات "جادة" لتثبيت وقف إطلاق النار وتفعيل المسارين السياسي والإنساني والعودة إلى مسار اتفاق خفض التصعيد.

​​

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.