أطفال نازحون في اليمن يتلقون مساعدات إنسانية
أطفال نازحون في اليمن يتلقون مساعدات إنسانية- أرشيف

لم تكن أسرة الشاب اليمني معاذ مرشد (21 عاما) تعرف الكثير عن نشاط ابنها سوى أنه عنصر في صفوف المقاومة ضد جماعة الحوثيين، قبل إبلاغها لاحقا أنه كان ضمن أربعة مسلحين انتحاريين شنوا هجمات إرهابية على مقرات للحكومة اليمنية، والقوات الإماراتية، في مدينة عدن في 6 تشرين الأول/أكتوبر 2015.

وخلفت الهجمات الانتحارية التي تبناها آنذاك تنظيم داعش 15 قتيلا على الأقل بينهم أربعة جنود إماراتيين وسعودي.

يقول صديقه أحمد (اسم مستعار) “ذهبت مراراً إلى منزله ولم أجده. كان أهله منشغلين عنه بالحرب وتداعياتها الاقتصادية الصعبة”.

أضاف “كلما ذهبت للسؤال عنه، كانوا يقولون لي إنّه يقاتل مع المقاومة ولا يعود سوى الفجر. لم أستوعب الموقف عندما أخبرني الأصدقاء أنه أحد منفذي الهجوم الإرهابي”.

“لم يكن هذا معاذ الذي عرفته!”، تابع أحمد متحدثا لموقع (ارفع صوتك) عن صديقه الذي هاجم بسيارة مفخخة فندق القصر، مقر إقامة رئيس الحكومة اليمنية السابق خالد بحاح في مدينة عدن جنوبي غرب البلاد.

ويرى أحمد أن غياب دور الأهل في متابعة أبنائهم والظروف المعيشية الصعبة، سبب رئيس في انخراط كثير من الشباب والمراهقين في صفوف الجماعات الإرهابية والمتطرفة.

يقول بكر بدر، وهو مواطن يمني أربعيني وأب لأربعة أطفال، يبلغ عمر أكبرهم 14 عاما، “باستثناء مراقبة ما يشاهدون من قنوات تلفزيونية ومحتوى وسائل التواصل الاجتماعي أحيانا، أعترف أنني لا أقوم بواجبي كما ينبغي”.

أضاف لموقع (ارفع صوتك) “فقدت فرصة عملي في القطاع الخاص قبل عامين بسبب الحرب، وبالتالي لا أهتم كثيرًا بتوعية أطفالي رغم أنني أوضح لهم أن الإسلام بريء من هذه الجماعات الإرهابية”.

وبحسب الدكتورة عفاف الحيمي، وهي أستاذة علم الاجتماع بجامعة صنعاء، فإن “الأهالي يعيشون في عالم آخر، يدور حول توفير لقمة العيش في ظل الحرب القائمة والأوضاع المعيشية السيئة، وبالتالي هذا بعيد عن اهتمامهم”.

وتعتقد الحيمي إن “الوقت غير مناسب حاليا في اليمن لمناقشة مثل هذه القضايا الحساسة”.

وقذفت الحرب المتصاعدة في اليمن منذ نحو ثلاث سنوات بملايين السكان إلى دائرة الجوع، حيث تقول الأمم المتحدة إن هناك نحو 22 مليونا يعانون “ضائقة غذائية”، بينهم حوالي 8 ملايين شخص لا يعلمون من أين سيحصلون على وجبتهم التالية.

وأشار بكر بدر إلى أن أطفاله ما زالوا يشعرون بالرعب من الصور البشعة التي عرضتها القنوات الفضائية لضحايا الهجوم الإرهابي الذي استهدف مستشفى عسكريا وسط العاصمة اليمنية صنعاء مطلع كانون أول/ديسمبر 2013.

لكن الضرر الذي تسببت فيه الحرب يتعذر إصلاحه، وفقا لخبراء وأكاديميين محليين، أعربوا أيضا عن قلقهم من تصدع النسيج الاجتماعي في البلاد.

اقرأ أيضاً:

داعش في اليمن.. قاتل بوجه غامض الملامح!

القنوات المحلية

وقال فهمي حسن (43 عاما)، وهو أب لثمانية أطفال، إن الجهود في توعية الأبناء لاتجدي كثيرا في ظل الظروف الراهنة.

وفي حديث لموقع (ارفع صوتك) أشار حسن، وهو تربوي يمني، إلى أن القنوات المحلية الرسمية والخاصة في بلاده لا تعير أي أهمية لقضايا التطرف والإرهاب.

أضف “للأسف، ليس هناك أي دور توعوي جاد للأسرة والمؤسسات التعليمية والإعلام بهذه القضايا”.

 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.