الصورة من صفحة بارعيدة على فيسبوك/تنشر بإذن منها
الصورة من صفحة بارعيدة على فيسبوك/تنشر بإذن منها

بقلم علي قيس:

هربت خلود بارعيدة من السعودية، لكنها ما زالت تحلم بالعودة إليها، ويمنعها خوفها من ملاحقة السلطات أو المسلمين المتشددين لها، بسبب إعلانها "الإلحاد" في وقت سابق. لكنها تؤكد أنها لم تكن يوما ملحدة، وما أعلنته عن إلحادها كان بسبب "ضغوط بعض الجهات في ألمانيا"، حيث تقيم حاليا.

أنهت مؤخرا كتابة تجربتها في "المؤسسة" الإصلاحية.

تقول بارعيدة الناشطة في مجال حقوق المرأة حاليا، "لم أتمكن من كتابة القصة إلا بعد خروجي من السعودية، أسمها "المؤسسة"، وفكرتها الرئيسية هي الوصاية الذكورية والأحداث غير العادلة التي تعيشها الفتيات في "المؤسسة".

"المؤسسة" هي دائرة "إصلاحية" سعودية تودع فيها الفتيات دون سن الثلاثين، ممن يحكمن بالسجن أو الحبس.

​​ما زالت الناشطة السعودية متواصلة مع عائلتها المقيمة في السعودية لكن بصعوبة، بسبب الكتاب الذي كتبته.

تتمنى العودة إلى المملكة التي غادرتها في 2014، لكنها تعتبر العودة "نوعا من الانتحار"، وتوضح "حقيقة لا أعرف ما هو موقفي القانوني بالسعودية الآن".​

دخول "المؤسسة"

تبدأ قصة الناشطة بعد دخولها إلى "المؤسسة" بتهمة "رفض التوبة"، إثر ذهابها إلى حفلة عيد ميلاد مختلطة مع أصدقائها، "كنا نعيش خارج المملكة، وقد تعودنا على ثقافة الاحتفالات المختلطة المرفوضة قانونيا وعرفيا في السعودية".

ورغم أن الحفل كان خالياً من شرب الكحول أو ممارسة الجنس، لكن ذلك لا يعني أنهم لا يخالفون القانون، فتواجدهم مع شباب في منزل واحد كان مبرراً كافيا لاعتقالهم، بحسب خلود.

تقول في حديث لموقع (ارفع صوتك) "فجأة تمت مداهمة المكان، ظننت أنهم إرهابيون، مظهرهم وملابسهم لم تكن توحي بأنهم رجال شرطة رسميون، كانوا يرتدون دشاديش قصيرة ويربون لحى طويلة".

كان عمرها في وقت الحادثة 19 عاما.

أمسك أحد المداهمين من "أفراد هيئة الأمر بالمعروف" يد بارعيدة، ما دفعها لضربه والهروب إلى الشارع دون ارتداء الحجاب.

"ساعدني بعض الناس ممن يكرهون الهيئة، لكن تمت محاسبتهم بعد ذلك".

رفضت بارعيدة الاعتذار عن مشاركتها في الحفل، "كنت أحمل العقلية والتفكير الأجنبيين وأريد رفع دعوى قضائية ضد الهيئة ووكلت محامي".

وعندما عرضت حالة بارعيدة على القاضي (تقول ضاحكة) "أعطاني حكما بأربع سنوات سجن وألفي جلدة، بتهمة رفض التوبة ومعاندة تعليمات ونظام هيئة الأمر بالمعروف".

الصدمة الكبيرة لها كانت في "شاهد الزور"، الذي حضر إلى قاعة المحكمة، كما تقول الناشطة  "كنت أعرف أن شيخ الهيئة (الشاهد) لا يمكن أن يشهد زورا، ورغم أني لم أره تلك الليلة في مكان الحادث، لكنه في جلسة الحكم شهد زورا ضدي وهنا كانت الصدمة".

وعلى الرغم من أن موقف هيئة الأمر بالمعروف في القضية "كان ضعيفا" بحسب بارعيدة، لكن تم الحكم لصالح الهيئة، "كانت ضربة وشعرت أنني ضعت".

وتصف بارعيدة "وجدت نفسي في ذلك المكان، الذي تديره سيدة وسجانات قاسيات جدا، إلا بعضهن".

كانت بارعيدة "مسلمة ومقتربة إلى الله" قبل دخولها للمؤسسة (السجن)، لكنها حين وجدت "تناقضات بين معاناة الناس التي ليس لها ذنب" قررت "ترك الإسلام".

وتؤكد بارعيدة أن رغم تركها الإسلام، فهي ليست ملحدة. 

وفي طريقها إلى المؤسسة، أسدت الشرطة لبارعيدة نصيحة لتقليص فترة محكوميتها. قالت لها إن "عليها حفظ القرآن".

حفظت بارعيدة القرآن بأكمله، ما أدى إلى تخفيض العقوبة إلى أقل من النصف، والتوقف عن جلدها، بعد أن خضعت لاختبار يثبت حفظها لكل الكتاب.

الموقف القانوني

"لكن الوضع تغير"، بحسب ما ترى المحامية والناشطة في مجال حقوق المرأة سعاد الشمري، خصوصا بعد قرار إعادة تنظيم هيئة الأمر بالمعروف الذي صدر عن الأمير محمد بن سلمان، والذي "حجّم كثيرا من سطوة أفراد الهيئة".

وتروي الشمري "في فترة عانى المجتمع السعودي من الشرطة الدينية، في عام 2014 أعلنت هيئة المنكر إلقاء القبض على أربعة مليون ونصف المليون شخص في عام واحد"، مضيفة في حديث لموقع (ارفع صوتك) "هم فسقوا وكفروا ربع المجتمع السعودي، وأدخلوهم السجون".

وهذا أفضى إلى آثار سلبية كبيرة "بين تكلفة اقتصادية وانعكاسات وخيمة على الفرد والأسرة في مجتمع محافظ".

ووفقا للقانونية الشمري فإن موقف بارعيدة القانوني حاليا "سليم"، كون قضيتها متعلقة بـ"رأي شخصي وليس بأجندة دولية أو سياسية".

وتوضح "الكثير من الناشطين في حقوق الإنسان عادوا دون محاسبة أو مساءلة قانونية".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.