بقلم علي قيس:
هربت خلود بارعيدة من السعودية، لكنها ما زالت تحلم بالعودة إليها، ويمنعها خوفها من ملاحقة السلطات أو المسلمين المتشددين لها، بسبب إعلانها "الإلحاد" في وقت سابق. لكنها تؤكد أنها لم تكن يوما ملحدة، وما أعلنته عن إلحادها كان بسبب "ضغوط بعض الجهات في ألمانيا"، حيث تقيم حاليا.
أنهت مؤخرا كتابة تجربتها في "المؤسسة" الإصلاحية.
تقول بارعيدة الناشطة في مجال حقوق المرأة حاليا، "لم أتمكن من كتابة القصة إلا بعد خروجي من السعودية، أسمها "المؤسسة"، وفكرتها الرئيسية هي الوصاية الذكورية والأحداث غير العادلة التي تعيشها الفتيات في "المؤسسة".
ما زالت الناشطة السعودية متواصلة مع عائلتها المقيمة في السعودية لكن بصعوبة، بسبب الكتاب الذي كتبته.
تتمنى العودة إلى المملكة التي غادرتها في 2014، لكنها تعتبر العودة "نوعا من الانتحار"، وتوضح "حقيقة لا أعرف ما هو موقفي القانوني بالسعودية الآن".
دخول "المؤسسة"
تبدأ قصة الناشطة بعد دخولها إلى "المؤسسة" بتهمة "رفض التوبة"، إثر ذهابها إلى حفلة عيد ميلاد مختلطة مع أصدقائها، "كنا نعيش خارج المملكة، وقد تعودنا على ثقافة الاحتفالات المختلطة المرفوضة قانونيا وعرفيا في السعودية".
ورغم أن الحفل كان خالياً من شرب الكحول أو ممارسة الجنس، لكن ذلك لا يعني أنهم لا يخالفون القانون، فتواجدهم مع شباب في منزل واحد كان مبرراً كافيا لاعتقالهم، بحسب خلود.
تقول في حديث لموقع (ارفع صوتك) "فجأة تمت مداهمة المكان، ظننت أنهم إرهابيون، مظهرهم وملابسهم لم تكن توحي بأنهم رجال شرطة رسميون، كانوا يرتدون دشاديش قصيرة ويربون لحى طويلة".
كان عمرها في وقت الحادثة 19 عاما.
أمسك أحد المداهمين من "أفراد هيئة الأمر بالمعروف" يد بارعيدة، ما دفعها لضربه والهروب إلى الشارع دون ارتداء الحجاب.
"ساعدني بعض الناس ممن يكرهون الهيئة، لكن تمت محاسبتهم بعد ذلك".
رفضت بارعيدة الاعتذار عن مشاركتها في الحفل، "كنت أحمل العقلية والتفكير الأجنبيين وأريد رفع دعوى قضائية ضد الهيئة ووكلت محامي".
وعندما عرضت حالة بارعيدة على القاضي (تقول ضاحكة) "أعطاني حكما بأربع سنوات سجن وألفي جلدة، بتهمة رفض التوبة ومعاندة تعليمات ونظام هيئة الأمر بالمعروف".
الصدمة الكبيرة لها كانت في "شاهد الزور"، الذي حضر إلى قاعة المحكمة، كما تقول الناشطة "كنت أعرف أن شيخ الهيئة (الشاهد) لا يمكن أن يشهد زورا، ورغم أني لم أره تلك الليلة في مكان الحادث، لكنه في جلسة الحكم شهد زورا ضدي وهنا كانت الصدمة".
وعلى الرغم من أن موقف هيئة الأمر بالمعروف في القضية "كان ضعيفا" بحسب بارعيدة، لكن تم الحكم لصالح الهيئة، "كانت ضربة وشعرت أنني ضعت".
وتصف بارعيدة "وجدت نفسي في ذلك المكان، الذي تديره سيدة وسجانات قاسيات جدا، إلا بعضهن".
كانت بارعيدة "مسلمة ومقتربة إلى الله" قبل دخولها للمؤسسة (السجن)، لكنها حين وجدت "تناقضات بين معاناة الناس التي ليس لها ذنب" قررت "ترك الإسلام".
وتؤكد بارعيدة أن رغم تركها الإسلام، فهي ليست ملحدة.
وفي طريقها إلى المؤسسة، أسدت الشرطة لبارعيدة نصيحة لتقليص فترة محكوميتها. قالت لها إن "عليها حفظ القرآن".
حفظت بارعيدة القرآن بأكمله، ما أدى إلى تخفيض العقوبة إلى أقل من النصف، والتوقف عن جلدها، بعد أن خضعت لاختبار يثبت حفظها لكل الكتاب.
الموقف القانوني
"لكن الوضع تغير"، بحسب ما ترى المحامية والناشطة في مجال حقوق المرأة سعاد الشمري، خصوصا بعد قرار إعادة تنظيم هيئة الأمر بالمعروف الذي صدر عن الأمير محمد بن سلمان، والذي "حجّم كثيرا من سطوة أفراد الهيئة".
وتروي الشمري "في فترة عانى المجتمع السعودي من الشرطة الدينية، في عام 2014 أعلنت هيئة المنكر إلقاء القبض على أربعة مليون ونصف المليون شخص في عام واحد"، مضيفة في حديث لموقع (ارفع صوتك) "هم فسقوا وكفروا ربع المجتمع السعودي، وأدخلوهم السجون".
وهذا أفضى إلى آثار سلبية كبيرة "بين تكلفة اقتصادية وانعكاسات وخيمة على الفرد والأسرة في مجتمع محافظ".
ووفقا للقانونية الشمري فإن موقف بارعيدة القانوني حاليا "سليم"، كون قضيتها متعلقة بـ"رأي شخصي وليس بأجندة دولية أو سياسية".
وتوضح "الكثير من الناشطين في حقوق الإنسان عادوا دون محاسبة أو مساءلة قانونية".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659