خلال سنة 2016، أصدرت المحاكم في الدول العربية أكثر من 700 حكم بالإعدام.
خلال سنة 2016، أصدرت المحاكم في الدول العربية أكثر من 700 حكم بالإعدام.

جيبوتي الدولة العربية الوحيدة التي ألغت عقوبة الإعدام. كان ذلك عام 1995.

في الواقع، لم تنفذ هذه الدولة الواقعة في شرق القارة الأفريقية عقوبة الإعدام، ولا مرة واحدة، منذ استقلالها سنة 1977.

في المقابل، تتأرجح باقي الدول العربية بين دول جمدت تنفيذ العقوبة، أغلبها منذ بداية التسعينيات، ودول عادت إليها بعد تجميد استمر طويلا، وأخرى تنفذها بشكل يثير قلق المنظمات الحقوقية الدولية.

خلال سنة 2016، أصدرت المحاكم في الدول العربية أزيد من 700 حكم بالإعدام. نفذ منها أكثر من 290، استأثرت السعودية بحصة 154 منها.

عقوبة مع وقف التنفيذ

في المنطقة المغاربية، تمارس أربع دول، المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا، تجميدا فعليا لتنفيذ عقوبة الإعدام، رغم أن محاكمها ما زالت تصدر أحكاما بها، وسط مطالب حقوقية بإلغائها.

عام 1993، كان إعدام عميد الشرطة مصطفى ثابت (عرف بالحاج ثابت) آخر تنفيذ لحكم الإعدام بالمغرب. أدين الشرطي، الذي أثارت قضيته الرأي العام المغربي في تسعينيات القرن الماضي، بتهم متعددة تتعلق بالاغتصاب والاختطاف بحق حوالي 500 امرأة وفتاة، ونفذ فيه حكم الإعدام في أيلول/سبتمبر 1993.

استمرت بعدها محاكم البلاد بإصدار أحكام الإعدام بمعدل 10 سنويا. آخرها حكم صدر منتصف كانون الثاني/يناير الماضي ضد مسؤول محلي بتهمة قتل نائب برلماني بمدينة الدار البيضاء. ويوجد بين 112 و115 مدانا بالإعدام في سجون المغرب، وفق أرقام النيابة العامة.

محمد أوجار وزير العدل والحريات المغربي تعهد في المقابل بتقليص عدد الجنايات التي تصل عقوبتها إلى حكم الإعدام من 31 جريمة إلى 11 في مشروع المسطرة الجنائية الذي ينتظر المصادقة في الشهور المقبلة.

ويتشابه الأمر في الدول المغاربية الأربع التي تجمد تنفيذ عقوبة الإعدام. فتونس، التي أوقفت تنفيذ أحكام الإعدام عام 1991، رفضت توصيات بإلغاء العقوبة من قانونها. وتستمر محاكم البلاد بالنطق بالإعدام. وبنهاية سنة 2016، كان يوجد بسجونها 44 مدانا بالإعدام.

 وفي الجزائر، كان آخر تنفيذ فعلي للإعدام بالبلاد عام 1993. أعدم حينها أربعة إسلاميين من الجبهة الإسلامية للإنقاذ بعد إدانتهم بتفجير مطار العاصمة الجزائر صيف 1992. وبنهاية سنة 2016، وصل عدد المحكومين بالإعدام 50 مدانا، وفق إحصائيات منظمة العفو الدولية أمنيستي.

أما في موريتانيا، فيعود آخر تنفيذ لحكم الإعدام إلى 1987، لكنه بقي حاضرا في قانون البلاد.

وفي دول المشرق، يفرض  بدوره لبنان أيضا تجميدا منذ 2004.

تجميد مؤقت

عاد دولتان عربيتان على الأقل إلى تنفيذ عقوبة الإعدام بعد تجميد قارب عقدا.

ففي يونيو/ حزيران 2006، جمدت الحكومة الأردنية تنفيذ أحكام الإعدام. لكن بعد ثماني سنوات، أعيد تطبيق العقوبة بحق مدانين في جرائم قتل. وأعدم هؤلاء، وعددهم 11، في أواخر كانون الأول/ديسمبر 2014.

في شباط/فبراير 2015، نفذت السلطات الأردنية حكم الإعدام في حق عضوين من تنظيم القاعدة هما ساجدة الريشاوي وزياد الكربولي ردا على إعدام داعش الطيار الأردني معاذ الكساسبة.

تقول منظمة العفو الدولية إن الأردن نفذ 13 حكما بالإعدام عام 2016، فيما ارتفع عدد الإعدامات المنفذة منذ رفع التجميد سنة 2014 إلى 26 حالة.

وبدورها، عادت البحرين لتنفيذ أحكام الإعدام عام 2006 بعد تجميد دام 10 سنوات.

الإعدام ساري المفعول

تنفذ سورية، التي تشهد حربا أهلية منذ سبع سنوات، عقوبة الإعدام. وفي آب/أغسطس الماضي، أثار تنفيذ الحكم بحق مهندس البرمجيات باسل صفدي موجة استياء دولية. علاوة على ذلك، تنفذ في سورية إعدامات خارج القانون تقوم بها الجماعات المسلحة.

وفي مصر، التي نفذت حكم الإعدام بحق خمسة أشخاص صبيحة الاثنين الماضي، شهدت أحكام الإعدام ارتفاعا ملحوظا منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي.

وتقول أرقام منظمة العفو الدولية إن أحكام الإعدام انتقلت من 40 عام 2007 إلى أزيد من 600 عام 2016. نفذ بعضها وما يزال أغلبها معروضة أمام القضاء.

وحسب المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أصدرت المحاكم المصرية منذ تموز/يوليو 2013 أحكاما بالإعدام بحق 931 شخصا، بينها أحكام جاهزة للتنفيذ بحق 30.

تنفذ أحكام الإعدام بشدة أيضا في السعودية، التي تأتي في مقدمة الدول التي تنفذ عقوبة الإعدام في المنطقة. ونفذت المملكة أكثر من 100 أكتوبر من العام الماضي.

أما في دولة الإمارات، فكان آخر تنفيذ للإعدام قبيل نهاية السنة الماضية.

وفي العراق، ما تزال عقوبة الإعدام قائمة، خاصة في قضايا الإرهاب.

وتثير عقوبة الإعدام، في الدول العربية كما في العالم، جدلا محتدما بين دعاة التمسك بها والمطالبين بإلغائها.

عزيز إدمين، وهو خبير دولي في مجال حقوق الإنسان، يفسر رفض الدول العربية إلغاء عقوبة الإعدام رغم تجميد تنفيذها في أغلبها، بأن جل الدول العربية تعتبرها قصاصا نصت عليه الشريعة الإسلامية لا يجوز إلغاؤه.

يقول إدمين "إلغاء عقوبة الإعدام سيعكس نوعا من اختلال التوازن بين التيار المحافظ والتيار الحداثي العلماني. إذا تم إلغاء العقوبة سيكون ذلك بمثابة انتصار لطرف على حساب طرف ثاني. لهذا فإن أغلب الدول تفضل أن تمسك بالعصا من الوسط، حيث تسمح بالنطق بعقوبة الإعدام ولكن لا تفعلها".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.