في مقهى شعبي وسط العاصمة اليمنية صنعاء، جلس شاب يمني ثلاثيني يحتسي كوباً من الشاي، نافثاً دخان سجائره في الهواء، بينما كان منهمكا بتصفح تطبيق “واتساب” على هاتفه المحمول.
“أقضي أكثر من 7 ساعات يومياً في تصفح ومتابعة الأخبار وغيرها عبر الواتساب”، قال عمار العريقي، وهو موظف في القطاع الخاص بصنعاء.
وأكد الشاب اليمني أن “الواتساب” هو المصدر الرئيسي لحصوله على الأخبار والمعلومات ومناقشتها، والتواصل مع الآخرين.
أضاف “قبل الحرب لم أكن مهتماً كثيراً بالواتساب، لكن أكثر ما جعلني أنجذب إليه هو خاصية التشفير الكلي للرسائل، هنا نستطيع أنا وزملائي أن نعبر عن آرائنا بكل حرية”.
اقرأ أيضاً:
ومع انقطاع التيار الكهربائي بشكل كلي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ نيسان/أبريل 2015، والتضييق على الحريات الإعلامية، وحجب العديد من المواقع الاخبارية، لجأ مئات الآلاف من اليمنيين إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على المعلومات.
وتشير معلومات متداولة تعود إلى نهاية 2015 إلى أن هناك نحو 25 في المئة من إجمالي عدد السكان البالغ 27 مليون نسمة، يستخدمون الإنترنت في اليمن.
اقرأ أيضاً:
’قالوا لي أنت كافر وأذلّوني‘... القمع يدفع مئات اليمنيين إلى مغادرة البلاد
أرقام بحثية
وكشفت دراسة يمنية حديثة هي الأولى من نوعها، نفذتها مؤسسة منصة للإعلام والدراسات التنموية (منظمة مجتمع مدني في صنعاء)، أن 95 في المئة من اليمنيين يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي في الحصول على المعلومات.
وقال 98.7 في المئة من الأشخاص الذين تم استطلاع آرائهم في الدراسة إنهم يستخدمون تطبيق “فيسبوك” للاطلاع على الأخبار والمعلومات.
وجاء “واتساب” في المرتبة الثانية، بنسبة 92.7 في المئة، ثم “تويتر” بنسبة 59 في المئة، وبعد ذلك “التيليجرام” وقناة “يوتيوب” وتطبيق “انستجرام”.
واعتبر59.3 في المئة ممن شملتهم الدراسة، وسائل التواصل الاجتماعي منصات جديدة للحرية، فيما قال آخرون إن هناك قيوداً سياسية إزاء استخدام الجمهور لهذه المواقع.
محاربة الفساد
وقال معدو الدراسة إن هناك أسباباً عديدة اضطرت اليمنيين للاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي كمصدر للمعلومات، منها عدم قدرة وسائل الإعلام التقليدية (تلفزيون – إذاعة – صحافة ورقية وإلكترونية) على القيام بدورها الحقيقي في ظل الحرب التي أدت إلى حجب ومصادرة وإلغاء عدد كبير من وسائل الإعلام في اليمن، وانحياز وتخندق غالبية وسائل الإعلام وراء توجهات وأطراف معينة، فضلاً عن انعدام الكهرباء.
وقال عادل عبد المغني، أحد معدي الدراسة، إن هذه المنصات باتت مصدراً هاماً وفاعلاً في تشكيل الرأي العام في اليمن على مختلف المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية، نظراً لارتباط اليمنيين بها وتفاعلهم عبرها مع القضايا العامة.
"هذه الوسائل أصبحت أيضاً منصات للتعبير عن الرأي ومحاربة الفساد”.
أضاف عادل لموقع (إرفع صوتك) “أن تكون منصات التواصل الاجتماعي مصدر المعلومات لغالبية اليمنيين فذلك لا يعني أن ما يتم تداوله عبرها صحيحاً بالمطلق. وعلى العكس من ذلك فإن سهولة النشر والتداول في هذه الوسائل أسهم بشكل كبير في انتشار الشائعة واختلاق الأخبار وتلفيقها”.
ويقول متولي محمود، وهو صحافي يمني شاب، “بعد انقلاب الحوثيين على السلطة وإغلاق كافة الصحف والمواقع الإلكترونية، بات المواطن اليمني يستقي الأخبار من وسائل التواصل الاجتماعي، وتقع على عاتقه التمييز وغربلة الأخبار الحقيقية من الزائفة”.
أضاف متولي لموقع (ارفع صوتك) “السيء في هذه الوسائل التواصلية أنها باتت منصات لبث سموم الكراهية ونشر العنف وتوسيع الشرخ المجتمعي، فضلاً عن كونها منصة للتحريض وترسيخ فكر التطرف”.
يتابع “في الحقيقة، وسائل التواصل الاجتماعي يصعب التحكم بها، وليس بإمكانها فرض قيود ورقابة على محتواها، ما يؤدي إلى استغلالها من قبل مثيري النعرات والمتطرفين”.
مذياع
غير أن كثيرا من اليمنيين الذين لا يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي يلجؤون إلى وسائل تقليدية لإستقاء الأخبار، كما هو الحال مع داود قاسم (52 عاماً)، الذي يعمل في مطعم بمدينة عدن جنوبي اليمن.
“لدي مذياع صغير أستمع فيه غالباً لنشرات الأخبار”.