الموصل ـ صالح عامر:
منذ الصباح الباكر، يقف حسن ياسين (٨ أعوام) وسط الرصيف المحاذي لجامعة الموصل يومياً، حاملا بإحدى يديه علبة شوكولاتة وملوحا بعدد منها بيده الأخرى. يوقف المارة راجيا أن يشتروا منه قطعة واحدة.
فقدت عائلة حسن منزلها الوحيد في القرية التي كانت تسكنها في ناحية زمار غرب الموصل بسبب الحرب، فاضطرت للنزوح إلى الموصل عام ٢٠١٤ وسكنت في هيكل منزل غير مكتمل في الجانب الأيسر من المدينة.
يقول حسن والتعب يظهر على ملامح وجهه "لست متسولاً، أنا أعمل لإعالة عائلتي، فأبي عاطل عن العمل".
حسن ليس الطفل الوحيد الذي يقضي يومه في الشارع بحثا عن لقمة العيش، فشوارع الموصل مكتظة بمئات الأطفال الذين يتسولون ويتحدثون في الوقت ذاته عن قصصهم وكيف فقد غالبيتهم آباءهم بسبب سيطرة تنظيم داعش على المدينة لأكثر من ثلاثة أعوام، والمعارك التي شهدتها الموصل العام الماضي.
وسن طفلة لم يتجاوز عمرها بعد ١٠ أعوام، تقف هي الأخرى قرب جامعة الموصل، تتمسك بالمارة مطالبة اياهم بإعطائها النقود لتتناول الغداء. توضح وسن لموقع (ارفع صوتك) "رأيت الجثث وخرجت من بين أنقاض الموصل القديمة، فقدت أبي وأمي، حالياً أسكن مع أقاربي الذين يجبرونني على التسول".
ورغم انعدام الإحصائيات المحلية الرسمية، إلا أن هيئة إنقاذ الطفولة الدولية كشفت في إحصائية نشرتها في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي ٢٠١٧ عن أن معارك تحرير الموصل التي استمرت لنحو تسعة أشهر خلفت نحو ٤٠٠ ألف طفل مشرد.
المعارك لم تكن السبب الوحيد لظهور أطفال مشردين في الموصل، فبحسب إحصائية رسمية صادرة عن مجلس محافظة نينوى بعد انتهاء معارك الموصل العام الماضي، أعدم تنظيم داعش أكثر من ٥٠٠٠ شخص في الموصل، وغالبيتهم كانوا أرباب عائلات، لذلك يشكل أطفالهم قسما آخر من المشردين في شوارع المدينة.
متعهدو شبكات التسول
يؤكد قائمقام الموصل، زهير الأعرجي، أن سيطرة داعش على الموصل تسببت في إلغاء نشاطات المؤسسات التابعة لوزارة العمل وفرقها الميدانية في المدينة التي كانت تتابع الأطفال المشردين في الشوارع وتعمل على حل هذه المشكلة في الماضي.
ويشهد كل تقاطع مروري في الموصل يومياً تواجد أكثر من ٢٥ طفلاً مشرداً.
وكشف الأعرجي لموقع (ارفع صوتك) "خلال متابعتنا للموضوع، قوله "اتضح وجود متعهدين يديرون هؤلاء الأطفال، ويأخذون منهم ما يجمعونه من أموال يوميا، ويعطون ذويهم أجورا مقابل ذلك".
ويُحذر أستاذ علم الاجتماع في جامعة الموصل، الدكتور موفق ويسي، من خطورة عدم تدارك مشكلة التشرد.
ويقول: "الأطفال المشردون قنابل موقوتة ستنفجر حتما إذا لم نتدارك المسألة".