بقلم علي قيس:
المباراة الودية - التاريخية التي جمعت المنتخبين السعودي والعراقي لكرة القدم، ليست مهمة فقط لأنها حدثت بعد نحو أربعين عاما من المقاطعة، بل أيضا لأنها حدثت في البصرة، المدينة الواقعة على حدود إيران والتي تحظى طهران بنفوذ واسع فيها.
وزير الرياضة والشباب العراقي عبد الحسين عبطان قال لوكالة الصحافة الفرنسية إن "السياسة لا تغيب في أي مجال، وللسعودية ثقل سياسي كبير، وحضورها إلى العراق يعني الكثير لنا".
عبطان رشح لمنصبه من بوابة "المجلس الأعلى الإسلامي العراقي" الحزب الذي نشأ وتقوى في إيران قبل سقوط النظام العراقي بعقود، واعتبر دائما مقربا منها حتى انشق (عمار الحكيم) حفيد مؤسس المجلس محمد باقر الحكيم، عنه العام الماضي.
وهذا يجعل الأهمية الكروية تحتل المرتبة الأدنى في هذا الموعد.
يقول مراقبون إن حضور السعودية فيه رسالة إلى غريمتها إيران مفادها بأنها "جادة في الدخول إلى العراق، الحليف الأقرب لطهران".
الكاتب السعودي خالد زعتر يقول إن العراق فقد سيادته عام 2003 وتحول إلى أداة توظفها إيران في صراعتها مع المنطقة"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) "لكن الأمر اليوم مختلف، العبادي زار السعودية والإمارات ومصر وتركيا، هذا يمثل مرحلة جديدة في السياسة العراقية".
وترى حكومة الرياض أن العراق يسعى اليوم إلى إحداث توازن في علاقاته مع دول المنطقة ولم يعد ينحاز لطرف دون آخر، وفقا للكاتب السعودي.
وحسب المحلل السياسي العراقي أحمد الأبيض فإن "السعوديين يحاولون إثبات وجودهم في العراق، أحيانا عبر السياسة وأحيانا اقتصاديا، والآن رياضيا".
ويذهب الأبيض إلى أكثر من ذلك ويعتبر أن للموضوع علاقة بالانتخابات المقبلة، موضحا في حديث لموقع (ارفع صوتك) أن الإيرانيين خسروا جزءا من شعبيتهم في العراق بسبب "الأحزاب الإسلامية التي دعمتها إيران، والتي حكمت البلاد وأوصلته إلى ما هو عليه الآن، والسعودية تريد أن تستثمر ذلك".
مع هذا فإن إيران مازالت تمتلك "علاقات خاصة مع الحشد الشعبي"، حسب أستاذ السياسة في جامعة طهران حسين روي.
روي اعترف بفشل الأحزاب السياسية الشيعية في العراق، إلا أنه استبعد أن يؤدي ذلك إلى "تراجع حجم التواجد والتأثير الإيراني".
يقول في حديث لموقع (ارفع صوتك) "تحالفا النصر والفتح وأكثر التحالفات الأخرى هي مبنية على قاعدة التقرب من الحشد الشعبي وفصائله، وإيران لها علاقة خاصة مع الحشد الشعبي"، وهذا يشكل "نقطة قوة لإيران في الانتخابات".
ويضيف روي "ربما السعودية تمتلك المال للتأثير على الانتخابات، لكن الأهم أن تأثيرها سيكون محدودا جدا".
مع هذا، فإن وزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي، القيادي في منظمة بدر التي يقود زعيمها هادي العامري الحشد الشعبي، شوهد في جولة "حميمية" مع السفير السعودي في العراق مؤخرا.
بشكل عام، تعتبر الخطوات الحالية "جيدة"، حسب المحلل السياسي أحمد الأبيض، لكنه حذر من تحولها إلى "سباب وشتم بين العراق والسعودية بسبب المصالح السياسية" في حال لم تثبت بشكل راسخ.