مضت أكثر من خمس سنوات ولا يزال الشاب السوري محمد سعيد يبحث عن طريقة لمعرفة مصير أخيه المعتقل منذ سنة 2013 في سجن صيدنايا، بمحافظة ريف دمشق.
لا يعرف محمد (30 عاما) إذا كان أخوه على قيد الحياة أم لا. تواصل مع مقربين من النظام السوري وأشخاص ذوي نفوذ واسع، دون جدوى.
كان عزيز، شقيق محمد، يكمل دراسته الجامعية في جامعة دمشق عندما اعتقل في مظاهرة مناهضة للنظام، واتهم بالتآمر على أمن الدولة.
يقول محمد "أنا مستعد لدفع المال مقابل أن أعرف أي خبر يخص أخي".
يدفع القادرون من أهالي المعتقلين السوريين ملايين الليرات لسماسرة ووسطاء من أجل معرفة مصير ذويهم الذين يقبعون في معتقلات النظام.
حاولت العائلة "بشتى الوسائل"، يقول محمد، مضيفا أن والده سافر من إدلب إلى دمشق حيث وعده رجل شرطة بالحصول على معلومات تخص ابنه.
"دفعنا المال له وبقينا ننتظر الوعود إلى أن فقدنا الأمل"، يؤكد محمد.
وربما يكون هذا "الاستثمار" سببا آخر يدفع النظام لتأخير الإفراج عن المعتقلين في سجونه.
فبالنسبة لعناصر النظام المسؤولين عن السجون، قد يكون هؤلاء "فرصة ممتازة" للثراء.
تقول الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن عدد المعتقلين في سورية تجاوز 106 آلاف شخصا، بحلول شهر شباط/فبراير 2017. تسعة من كل 10 منهم في سجون النظام.
وحسب الشبكة، هناك أكثر من 2800 طفل رهن الاعتقال، وما يفوق 5800 سيدة.
مليونا ليرة من أجل ربع ساعة
يعيش أهالي المعتقلين على أعصابهم كلما شاعت أخبار عن وضع المعتقلين داخل سجون النظام.
يعرب سليمان، وهو لاجئ سوري في تركيا، يروي قصة أحد أقربائه الذي اعتقل أواخر عام 2013.
حسب يعرب، دفع خاله مليوني ليرة سورية (حوالي 5000 آلاف دولار) لضابط سوري لتمكينه من رؤية ابنه المعتقل في فرع المخابرات الجوية بمدينة حرستا، شمال شرقي دمشق.
يقول الشاب السوري "ذهب خالي إلى دمشق والتقى بالضابط الذي أرسل له سيارته الخاصة وأدخله إلى الفرع وهناك التقى مع ابنه". وحسب يعرب، لم تدم المقابلة سوى ربع ساعة.
أما مهند، وهو شاب من ريف حلب، فتم اعتقاله وهو يحاول الفرار من التجنيد الإجباري سنة 2012.
يقول والده إن ابنه حُول إلى سجن عدرا، 25 كيلومترا شمال شرق دمشق، ومن ثم إلى سجن صيدنايا.
"نجا ابني بأعجوبة من سجن صيدنايا. في منتصف عام 2013، وصلتُ إلى أحد العناصر الذين يخدمون في السجن. قال لي إنه يعرف ضابطا بمقدوره أن يحرك ملف ابني ويحيله للمحكمة".
حسب الأب، دفعت العائلة نصف مليون ليرة لتسريع وقوف ابنها أمام المحكمة التي أفرجت عنه بشرط أن يعود إلى فرقته العسكرية خلال 48 ساعة.
"اصطحبت ابني معي وانتقلنا إلى مناطق المعارضة شمال سورية"، يقول والد مهند.
500 معتقل جديد
أحصت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في يناير/كانون الثاني وحده 496 حالة اعتقال تعسفي. وقالت إن 70 في المئة تم اعتقالهم بهدف التجنيد الإجباري في جيش النظام السوري.
وتطالب الشبكة بالإفراج عن جميع المعتقلين ومنح المراقبين الدوليين، مثل لجنة التحقيق الدولية المستقلة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، حق زيارة مراكز الاحتجاز النظامية وغير النظامية.
وتحضر الشبكة حاليا لإصدار تحديث لعدد المعتقلين في سورية منذ عام 2011 وحتى 2018.