من منجات كهرمانة/ارفع صوتك
من منجات كهرمانة/ارفع صوتك

من داخل غرفة صغيرة في منزل قديم بحي القاسمي في مدينة صنعاء التاريخية، يقود ناشطون وأكاديميون يمنيون مبادرة فريدة للحفاظ على الموروث الحضاري والثقافي اليمني وإعادة إحياء الأشغال والحرف التقليدية اليدوية.

تحت سقف الغرفة التي تتخذ منها مؤسسة “كهرمانة الثقافية والفنية”، مقراً لها، تتوزع بشكل فني جميل، أكسسوارات ومنسوجات يدوية وأوان وأدوات منزلية ولوحات فنية وطاولات ملونة ونقوش وزخارف هندسية تعكس تنوع التراث اليمني.

من منتجات مؤسسة كهرمانة/ارفع صوتك

​​​ومؤسسة كهرمانة ثقافية وغير ربحية. وتقول رئيستها الدكتورة آلاء الأصبحي إن هدف المؤسسة “تنمية الوعي بأهمية الحفاظ على المورث الحضاري اليمني، وإبراز هويتنا الوطنية التي بدأت للأسف تشوه وتطمس وتهمش”.

“هذا المكان (الجاليري) افتتحناه قبل حوالي عام، لكن المؤسسة عموماً تأسست قبل خمسة أعوام”، أضافت الأصبحي التي كانت تتحدث لموقع (ارفع صوتك). 

وتؤكد الأصبحي أن العمل هو جهود فردية، "والمبالغ المالية الرمزية التي نأخذها مقابل القطع التي يشتريها الناس الغرض منها استمرار تسيير نشاط المؤسسة".

تداعيات الحرب

ومع ذلك لا تخفي السيدة الأربعينية حالة الإحباط التي تنتابهم كثيرا بسبب استمرار الصراع الدامي في اليمن وتداعياته الإنسانية والاقتصادية المدمرة.

“هذا الإناء مثلاً من أجل صناعته نحن بحاجة إلى طين، وهذا النوع من الطين موجود في منطقة اسمها حيس (جنوبي محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر)، لكن الوصول إلى ذلك المكان صعب في الوقت الراهن بسبب الحرب”، قالت المرأة بينما كانت تشير إلى إحدى الأواني الفخارية المتناثرة في المكان.

وحاول أعضاء المؤسسة التوجه إلى منطقة حيس ثلاث مرات آخرها كان قبل شهر، لكن لم يسمح لهم بالدخول إلى تلك المنطقة بسبب المواجهات العسكرية الدائرة هناك.

بسبب الحرب أيضا، قامت المنافذ اليمنية باحتجاز مواد كثيرة يستخدمونها في أعمالهم الفنية، مثلا مادة اسمها التزجيج (مادة تحول الطين إلى زجاج) استوردتها الحكومة لأحد المعاهد التقنية بصنعاء لكنها محتجزة في مطار صنعاء منذ بداية الحرب، والمسؤولون بصنعاء يرفضون إخراجها بمبرر أنها مواد كيمياوية. "هذا أثر على نشاطنا أيضا"، تؤكد الأصبحي. 

تضيف أن من تداعيات الحرب أيضا ارتفاع أسعار المشتقات النفطية والعملات الأجنبية أمام الريال اليمني بشكل جنوني. "هذا حال دون قدرتنا على دفع تكاليف حرق ما ننتجه من أعمال زخرفية وفخارية وغيرها لأصحاب الأفران الخاصة بحرق هذه الأشياء، كذلك العبث وتحطيم كثير من منتجاتنا داخل تلك الأفران".

حرب مجنونة

وعلى الرغم من أن الحرب في اليمن "مجنونة"، كما تصفها الأصبحي، "نحاول في كهرمانة أن ننتج شيئا من لا شيء".

“هذه الستارة عبارة عن وثيقة زخرفية لكنها صورية”، قالت الأصبحي، وهي تتلمس بيديها قطعة قماشية يمنية قديمة.

آلاء الاصبحي تشرح مكونات الستارة اليمنية/ارفع صوتك

​​أضافت أن النقوش كلها كتابات صورية وحروف وكلمات، تعاويذ وتمائم. "هذا عبارة عن معبد حميري وهذه ثلاثة أبواب وهنا الدعاء بالخصوبة واستدرار المطر. المثلث أيضاً الذي تشاهده في المباني التاريخية هنا بصنعاء بين كل طابق وآخر وكأنها دعاء واجابة. هي تمائم مقدسة جميلة جداً”.

لكنها تأسفت أن المعرفة بهذه الرموز شبه معدومة على الرغم من أنه يفترض بمثل المواضيع التي يفترض أن تنتشر بين الناس "لنعرف ماهية ملامحنا وهويتنا ولوننا”.

وأكدت أن مدينة صنعاء القديمة التي وصفتها “بالحية والجوهرة غير القابلة للموت” تحتاج الكثير من الاهتمام على يد متخصصين يعلمون قيمتها وأهلها. “يجب أن تعامل بطريقة مختلفة، بقانون يُسن، ودعم سكانها، لاستمرار الحفاظ عليها كتراث عالمي”.

من منتجات كهرمانة/ارفع صوتك

​​

 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.