نساء عراقيات/وكالة الصحافة الفرنسية
نساء عراقيات

تعاني سناء حميد من التعنيف الزوجي بشكل مستمر. تقول إن زوجها "اعتاد على حرمانها من أبسط حقوقها". 

لكن سناء تعتقد أن الدين يحتم "على المرأة السكوت والخضوع لرغبة زوجها"، ولا ترى في هذا شيئا "غير طبيعي".

تلوم سناء "مفاهيم حرية المرأة والدفاع عن حقوقها". وتؤكد أن "الزوجة التي لا تتحمل زوجها وتتمرد عليه هي السبب في ما آلت إليه أوضاع العراقيات من تزايد في نسب العنوسة والطلاق والعنف الأسري".

بمعنى آخر، سناء تعتقد أنها هي السبب في مايصيبها من تعنيف وحرمان.

لكنها على حق في شيء واحد: المرأة التي تؤمن بهذه الأفكار تجد طريقها إلى الزواج أسرع. فالكثير من الرجال يركزون على الطاعة.

يقول ​ضياء ثامر، الذي يقارب عمره الخمسين، وهو أب لثلاث بنات، أنه لا يسمح بدخول الكتب والمجلات لمنزله.  

"لا أسمح لبناتي بقراءة الكتب غير المدرسية حتى لا تتأثر أفكارهن لأنها تساعد على الانفلات الأخلاقي، وهو ما قد يؤدي إلى خروجهن عن التعاليم الإسلامية ومن ثم عدم الطاعة"، يقول ثامر.

ويعتبر عدة رجال تحدثوا لموقع (ارفع صوتك) بصراحة عمّا يرونه "حقهم في تقرير مصير النساء".

ورغم أن يوسف عبد السادة يعتقد بضرورة احترام المرأة والدفاع عن حقوقها، إلا أن هذا "لا يمنع من خضوع المرأة للرجل في تقرير مصيرها". 

ويقول في حديث لموقع (إرفع صوتك) "تزايد المشاكل والجرائم في المجتمع نتيجة رئيسية لغياب الرجل عن صنع القرار، وتحديدا في أسرته". 

الدين يتحكم بالسياسة

تقول الخبيرة بعلم النفس الاجتماعي الدكتورة صبيحة الصالحي أن ما طرأ على المرأة من تغييرات في التوجهات والأفكار يعود إلى أن "مجتمع ما بعد عام 2003 يريد ذلك".

وتصرح في حديث لموقع (ارفع صوتك) "الآن نعيش في مجتمع يعتبر العادات والعبادات قضية واحدة لا تنفصل، فأصبحت المرأة التي لا تلتزم بالعبادات أو بالدين كأنها غير ملتزمة بالعادات والتقاليد".

وتشير إلى أن المرأة العراقية، وخاصة ببغداد، كانت تتمتع بحرية كبيرة في تحديد قراراتها الشخصية والمصيرية.

لكن حالها قد تغير كثيرا، لأن الدين صار يتحكم بالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية بسبب الخلافات الطائفية.

وكانت المرأة العراقية أول من تبوأ منصبا وزاريا في الشرق الأوسط، عندما اختيرت الطبيبة نزيهة الدليمي لتولي حقيبة "الأشغال والبلديات" في العراق في العام 1959.

مروة فالح، من بغداد، تقول  إنه يسود اعتقاد بين الشباب بأن الزوجة المتدينة أفضل للمحافظة على الأسرة من غير المتدينة، "لذا صار الشاب يفضل هذا النوع من الفتيات حتى وإن كان غير ملتزم دينيا".

وبنظر مروة، التي تعمل محللة كيميائية، فإن "المجتمع تغير وصار لا ينظر إلا لأهمية الدين في اختيار من يناسبه".

وتشعر مروة بالإحباط من إمكانية ارتباطها بشريك مناسب لحياتها، فبعد ثماني سنوات من إنهاء دراستها الجامعية وممارسة العمل لم تستطع الزواج.

"دائما ما تردد النساء على مسامعي عبارة: تحجبي، المرأة المحجبة تتزوج بسرعة"، تقول مروة.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.