بطريرك الكلدان الكاثوليك مار لويس ساكو/وكالة الصحافة الفرنسية
بطريرك الكلدان الكاثوليك مار لويس ساكو/وكالة الصحافة الفرنسية

تعرض سليمان أبو حجي، العراقي الذي يدين بالإيزيدية، إلى الكثير من الصعوبات في الفترة الأخيرة.

أبو حجي شاهد وسمع قصصا مروعة عن قتل واختطاف واغتصاب رجال ونساء عراقيين لمجرد أنهم أيزيديون.

"لو طرحت سؤالا على أي طفل عراقي، ماذا يعبد الأيزيديون؟ سيرد عليك سريعا: الشيطان"، يقول أبو حجي لموقع (ارفع صوتك).

وبحسب أبو حجي، فإن "الخلل في المناهج الدراسية هو السبب الأساسي في نظرة المسلمين السلبية للديانات الأخرى. ما وصلنا إليه من تكفير وقتل ربما بدأت بذرته من مناهج المدارس وتحديدا الدينية".

يقول بطريرك الكلدان الكاثوليك مار لويس ساكو "الأطفال المسلمون لا يعرفون بماذا نؤمن. من الخطأ أن يسمعوا عن المسيحية من خلال التقاليد فقط، يجب أن يبنوا معلوماتهم من خلال الاستماع المباشر لنا".

يسعى ساكو مع عدد من رجال الدين من مختلف الأديان للضغط على الحكومة لأجل إشراك الدين المسيحي "ولو من خلال صفحة" في المناهج الدراسية، حتى "لا يسمع الأطفال أشياء ليس لها علاقة بالمسيحية وحتى اليهودية".

ويضيف ساكو "الكثيرون لا يفرقون بين اليهودية والصهيونية. اليهودية دين موحد يدعو إلى التسامح أما الصهيونية فهي حركة سياسية تستغل الدين، لذلك حتى اليهود يُظلمون في المناهج".

وفي هذا الصدد، يذكر البطريرك ساكو بعض الأمثلة مثل شرح سورة الفاتحة في مادة التربية الإسلامية للصف الثاني الابتدائي وسورة التوبة.

ويعلق "يجب الإشارة إلى أسباب نزول الآيات. هناك آيات ظرفية ولها أسباب تنزيل، يجب ألا تطبق الآن".

ويتابع أن المسيحيين لا يشكلون خطرا على المسلمين (في إشارة إلى شرح بعض الآيات في سورة التوبة)، "إذا في زمن ما شكّل المسيحيون خطورة، فهذا وضع خاص لا يجب أن يعمم".

ماذا عن مناهج التاريخ؟

ويذهب بطريرك الكلدان إلى أن الموضوع أوسع من المناهج الدينية ليشمل مواد التاريخ أيضا.

ويلفت إلى عدم ذكر المسيحيين في التراث الحضاري الكلداني والآشوري، "وكأنما العراق منذ بدايته كان عربيا مسلما"، يقول.

ويتساءل ساكو "قبل مجيء العرب من الجزيرة، كانت هناك حضارة كلدانية وسومرية وآشورية. لما لا يتم الإشارة إليها؟".

وتصنف المدارس الدينية حسب الجهة التي تتبع لها. هناك مدارس تابعة لوزارة التربية العراقية وأخرى لمديريات الأوقاف الدينية.

ووفقا للناشط العراقي في مجال حقوق الأقليات وحقوق الإنسان سعد سلوم، فإن مدارس الوقفين الشيعي والسني "مبدئيا باشرت بتنقيح المناهج"، فيما يبقى موضوع تغيير المناهج الدينية في المدارس الرسمية التابعة لوزارة التربية معلقا بسبب صعوبة الأمر.

ويوضح سلوم في حديث لموقع (ارفع صوتك) أن "تغيير المناهج يحتاج إلى مصادر مادية وبشرية عالية، إضافة إلى خبرة المنظمات الدولية مثل اليونسكو. وهذا الأمر صعب في ظل الأزمة الحالية".

لكن في حال تواجد "الشروط الثلاثة" كما يصفها سلوم وهي "الوقت والإرادة السياسية والمصادر المالية، سيكون تعديل المناهج ممكنا".

ويؤيد سلوم ما ذهب إليه ساكو بأن الخلل لا يقتصر على مناهج الدين، ويشير إلى أن "مادة الوطنية على سبيل المثال"، تتحدث عن المكونات الدينية في العراق بسطر أو سطرين دون تعريف واسع لهم، "وغياب الوصف قد يكون سببا للعنف".

ويضيف "إذا كان هناك ضغط مستمر وجاد، يمكن أن نصل إلى نتيجة في موضوع تغيير المناهج".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.