نساء عراقيات منقبات/وكالة الصحافة الفرنسية
نساء عراقيات منقبات/وكالة الصحافة الفرنسية

بغداد - دعاء يوسف:

العراقيون أكثر من يحسون ويظهرون المشاعر السلبية بين شعوب العالم.

للعام الخامس على التوالي، احتل العراق المركز الأول بين دول العالم من ناحية إظهار المشاعر السلبية.

وأتى التصنيف في تقرير مؤشر المشاعر الإيجابية والسلبية لشعوب العالم، الذي أعدته مؤسسة (غالوب) بناء على استطلاع رأي ما لا يقل عن 149 ألف شخص في 142 دولة.

قلق وحزن وغضب

منذ عام 2008، كان العراق بين الدول الخمس الأولى في إظهار المشاعر السلبية. واحتل الصدارة على مدى خمس سنوات هي عام 2011 وبعدها الأعوام ما بين 2013 حتى عام 2016 على التوالي.

وحسب تقرير غالوب، أفاد نصف العراقيين تقريبا بأنهم اختبروا مشاعر سلبية في اليوم السابق تراوحت بين القلق (63%) والأوجاع الجسدية (60%) والضغط العصبي (59%) والحزن (57%) والغضب (49%).

تقول الخبيرة بعلم النفس الاجتماعي الدكتورة صبيحة الصالحي إن الحروب المتعاقبة وحوادث القتل والاغتيالات والصراعات الطائفية والتفجيرات الإرهابية، فضلا عن ظهور داعش ومعارك تحرير المدن العراقية من سيطرته، خلّفت معاناة كبيرة في نفوس العراقيين، وخاصة الضحايا.

وتعتقد أن الفرد العراقي يشعر دوما باليأس وعدم الراحة، والخوف من استهدافه في مجتمع يعاني من ضعف في تنفيذ القانون. "لذا نراهم يتصرفون بسلبية خاصة تجاه الأضعف والأقل قدرة".

الصالحي تضيف في حديثها لموقع (ارفع صوتك) إن "طبيعة المجتمع العراقي الانتقامية كان لها عواقب كارثية في تزايد المشاعر السلبية".

وتشير إلى أن الشعور بضرورة الانتقام أو الثأر يُظهر كل المشاعر السلبية، وقد يوفر الذرائع أو الحجج الكافية لاتباع سلوكيات سلبية مثل الاستعانة بالعنف اللفظي والجسدي.

الصراعات اليومية

يقول علي ناصر وهو سائق سيارة أجرة في بغداد أن من المتوقع جدا أن تواجه تصرفاً عدوانياً حين تحاول تغيير مسار سيارتك في الشارع، وترى سائقا ما يظهر وجهه متهجماً عليك بالشتائم من نافذة سيارته.

لكن هذا لا يعني أن علي يتعامل بلطف إزاء هذه الممارسات أو لا يتلفظ بكلمات تحتوي على شتائم.

"من ينوي قيادة السيارة في شوارع بغداد، فعليه أن يستعد للصراعات اليومية مع الآخرين، لأن غالبية الأشخاص الذين سيصادفهم لا يكون مزاجهم على ما يرام".

ويشكل الغضب والتعامل مع الآخرين بسلوكيات سلبية من الممارسات التي اعتاد عليها علي، فضلا عن التلفظ بعبارات مسيئة عن الحظ الذي جعلهم يعيشون في بلد غير مستقر.

مشاحنات

عندما تعرض زوج أحلام لحادث تفجير إرهابي عام ٢٠١١، توقعت أن تواجه بعض التحديات في علاجه حتى يستعيد صحته، لكن كانت هناك معاناة أخرى لم تكن في بالها.

فنظراً لفقدان زوجها ذراعه السفلى، وعدم قدرته على العمل، بدأ مزاجه يتغير تدريجياً. "شعوره بالعجز أثر على سلوكه وتزايدت مشاحناته في البيت وخارجه، لقد كان يغضب ويتشاجر في كل مناسبة".

على الرغم من ذلك، فإن أحلام عامر، ٣٩ عاماً، كانت تتسم بالصبر وتحاول دوما كبت معاناتها، لكنها للأسف نفست عن غضبها باتجاه أطفالها الثلاثة.  

"صار أي تصرف منهم يثير استفزازي، خاصة عندما يخفقون في دراستهم".

 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.