مقاتلون حوثيون في صنعاء/وكالة الصحافة الفرنسية
مقاتلون حوثيون في صنعاء/وكالة الصحافة الفرنسية

اليمن - خاص بموقع (ارفع صوتك):

تعالى كثير من الأصوات اليمنية المنادية بتجريم ما أسموه بـ “الهاشمية السياسية” في إشارة إلى المزاعم بادعاء أسر هاشمية يمنية أحقيتها بالحكم بسبب اتصال نسبها بالنبي محمد كاصطفاء إلهي.

وبرزت هذه الدعوات بشكل لافت منذ اجتياح جماعة الحوثيين للعاصمة اليمنية صنعاء في أيلول/سبتمبر 2014، وسيطرتها على مناطق واسعة شمالي اليمن.

والتفت نسبة كبيرة من العائلات الهاشمية في اليمن حول جماعة الحوثيين التي يؤمن زعيمها عبد الملك الحوثي بأنه من نسل الإمام علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء بنت النبي محمد.

ويخشى كثيرون من أن تؤسس الجماعة لعودة الحكم الإمامي السلالي للهاشميين الذي أطاح به اليمنيون في العام 1962.

وتمتد الجذور التاريخية لحكم الهاشميين في اليمن إلى أكثر من ألف عام، حيث تعاقب على حكم شمال البلاد عشرات الأئمة على أساس ديني يستند إلى “نظرية البطنين” التي تعني وجوب أن يكون الحكم في نسل علي ابن أبي طالب من فاطمة بنت النبي محمد (الحسن والحسين).

هزيمة ساحقة

وتلقت الهاشمية السياسية هزيمة ساحقة إثر اندلاع ثورة 26 أيلول/سبتمبر 1962 التي أعلنت الحكم الجمهوري والقضاء على حكم عائلة حميد الدين، آخر أسرة هاشمية حكمت اليمن.

يقول سعد الغالبي، وهو باحث تاريخي يمني، “قبل الثورة، احتكر الهاشميون أغلبية الوظائف العامة والقضائية وتملكوا العقارات ذات القيمة الكبيرة”.

أضاف الغالبي لموقع (ارفع صوتك) “اليوم ما زال الهاشميون ومنهم الحوثيون يعينون حكاماً وموظفين من سلالتهم في كل المناطق التي يسيطرون عليها”.

وحسب الغالبي فإن أتباع المذهب الزيدي يشكلون نسبة 25 في المئة من اليمنيين مقابل 75 في المئة من اليمنيين ينتمون للمذهب الشافعي، فيما يمثل الهاشميون 25 بالمئة من الزيديين اليمنيين.

في أعقاب نجاح ثورة 1962، قاتلت الهاشمية السياسية من أجل استعادة الحكم ضد الجمهوريين حتى عام 1970 الذي شهد مصالحة بين الطرفين برعاية مصرية سعودية.

لكن باحثين وأكاديميين يمنيين يرون أن ذلك الاتفاق لم يكن سوى مجرد محاولة انحناء للعاصفة من قبل قيادات الهاشمية السياسية الذين كانوا يتحينون الفرصة لاستعادة ما يعتقدون أنه حقّ إلهي في الحكم.

وشكلت جماعة الحوثيين منذ ظهورها نهاية التسعينيات حاملاً سياسياً وعسكرياً ودينياً لهذا المشروع، حسب وجهة نظر هؤلاء الباحثين.

وخاض نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح نحو ست حروب دامية مع جماعة الحوثيين، لكنه عاد لاحقاً للتحالف مع الجماعة لقيادة “ثورة مضادة” في أعقاب الثورة الشعبية الضخمة التي أجبرته في 2011 على التنحي عن السلطة.

وبتواطئ عسكري من صالح تمكنت الجماعة في أيلول 2014 من اجتياح العاصمة صنعاء والسيطرة على كل مفاصل الدولة.

يقول نبيل البكيري، وهو باحث يمني متخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، إن الهاشمية السياسية خطر وجودي على اليمن وجمهوريتها ووحدتها كونها فكرة نقيضة للدولة والجمهورية والوحدة وترتكز على فرز طبقي ومذهبي.

وتابع لموقع (ارفع صوتك) قائلاً “بانقلاب 21 سبتمبر (أيلول) 2014 أصبحت مسألة عودة الإمامة لحكم اليمن واقعاً معاشاً لكن حالة اليقظة السياسية التي اتسم بها المجتمع اليمني فجرت ثورة ومقاومة عارمة ضد هذه المليشيات وهو ما يجعل موضوع عودة الإمامة كنظام حكم أمرا مستحيلاً”.

من جانبه يقول محمد عزان، وهو خبير يمني بشؤون الجماعات الدينية ذات الطموحات السياسية، إن على الحوثيين أن يتحملوا تبعات توجههم الواضح بالتعيينات في المرافق الحكومية والعسكرية والأمنية والمدنية من آل البيت، أو الهاشميين، “خصوصاً أنه سيؤثر على مستقبلها السياسي”.

أضاف “هذا يضع الهاشميين في مواجهة الآخرين، ويوقظ عقد العصبيات التي لن تزيد المجتمع إلا تفككاً وضعفاً”.

لكن عزان أكد في المقابل بأنه لا يعتقد أن الحوثيين يفكرون بالعودة إلى الإمامة بصيغتها التاريخية المعروفة.

وأشار إلى أن ذلك غير ممكن، ومن الخَبال التفكير في كسر إرادة الشعب وفرض نظام لا يتناسب معه سواء كان نظام الإمامة أو الخلافة أو غيرهما.

ومع ذلك قال إنه لا يمكن إنكار طموح بعضهم إلى إعادة الإمامة لكونها الصيغة الشرعية في نظرهم.

اقرأ أيضاً:

حرب اليمن.. لعنة السلاح المتدفق من إيران

ويبرر إبراهيم العبيدي، القيادي البارز في جماعة الحوثيين، تعيين الهاشميين في مؤسسات الدولة بالقول أن "الهاشميين أسرة كبيرة ويمتلكون قدرة على الإدارة".

ويقول لموقع (ارفع صوتك) أن “الهاشميين تعرضوا للتهميش والإقصاء والسجن والقتل والإعدام بعد ثورة 1962 ولم يتعامل معهم اليمنيون كجزء من النسيج الاجتماعي اليمني، وإنما اعتبروهم أعداء"، لكنه يستدرك "هم موجودون في الدولة منذ عهد النظام السابق وقبله ونسبة تواجدهم في مناصب عليا حالياً ضئيلة جداً”.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.