اليمن- خاص بموقع (إرفع صوتك):
كان عبدالقادر أحمد (20 عاماً)، وهو طالب في جامعة صنعاء، كبرى الجامعات الحكومية في اليمن، يبدو منزعجاً، وهو يقلب بين يديه مقرر “الثقافة الإسلامية” الذي عمدت جماعة الحوثيين مؤخراً إلى تضمينه تعديلات جوهرية.
وتركز التعديلات بدرجة رئيسية على الحرب الدائرة في اليمن منذ ثلاث سنوات، والتحريض على الحكومة المعترف بها دولياً، ومهاجمة السعودية وتمجيد إيران وسورية وحزب الله، حسب طلاب وباحثين وأكاديميين.
يؤكد عبد القادر أحمد لموقع (ارفع صوتك) أنه ليس أمامه خيار سوى التظاهر بالاقتناع بمضمون المقرر الدراسي من أجل “تحصيل علامات المادة فقط”.
لكن عبدالقادر لم يخف رفضه تلك الأفكار “جملة وتفصيلاً لأنها تكرس ثقافة العنف والتطرف وعدم القبول بالآخر”، على حد قوله.
ويصف مقرر الثقافة الإسلامية المعدل، السعودية بـ “قرن الشيطان، ورأس الفتنة وجارة السوء”، بسبب قيادتها للحرب في اليمن.
كما يتطرق المقرر الدراسي إلى مسألة “الولاية”، وهو مصطلح ديني يقصد به الحوثيون “الإمامة”، أو ولاية أمر المسلمين، التي يقولون إنها حق إلهي حصري لأبناء علي بن أبي طالب من زوجته فاطمة بنت النبي محمد، أو ما يسمى بـ“آل البيت”. وبالطبع فإن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي يدعي أنه ينتمي إليهم.
ويقول أكاديميون في جامعة صنعاء إن تدخلات جماعة الحوثيين، التي تسيطر على العاصمة اليمنية صنعاء منذ أيلول/سبتمبر 2014، في الشأن الأكاديمي لم تتوقف عند هذا الحد، حيث قامت أيضاً باستحداث مقرر دراسي جديد أطلق عليه “الصراع العربي الإسرائيلي”.
ويقول أكاديمي في جامعة صنعاء، فضل عدم ذكر اسمه، لموقع (ارفع صوتك) إن المقرر الجديد لمادة الثقافة الإسلامية والمقرر المستحدث، اللذين يُدرسان لجميع طلاب أقسام وكليات جامعة صنعاء، هما “صورة لملازم (أفكار) حسين الحوثي، مؤسس جماعة الحوثيين الذي قتل في 2004”.
اقرأ أيضاً:
ثلث قرن على تمثيل حزب الله وأمل الشيعة في البرلمان
حرب اليمن.. لعنة السلاح المتدفق من إيران
قياديان حوثيان
ومن بين 13 اسماً قاموا بتأليف ومراجعة مقرر “الصراع العربي الإسرائيلي”، اثنان كما ورد في القائمة، لا يحملان مؤهلاً أكاديمياً هما قياديان في جماعة الحوثيين، أحدهما مشرف دائرتها الثقافية، والمسؤول عن جمع وإخراج أفكار حسين الحوثي.
واعتمد الكتاب صياغة عامية تغلب الرأي الفئوي، واقتصرت المراجع بشكل شبه كلي على “تلمود العم سام” لمنير العكش، وأبحاث عبدالوهاب المسيري، لاستكمال شكليات المنهج الأكاديمي.
وتطرق الكتاب في عدة مباحث إلى أهل الكتاب و"الإمبريالية الأميركية والبريطانية"، و"اليهودية والصهيونية"، وأبعاد الصراع العربي الإسرائيلي.
ومجد الكتاب الذي جاء في 168 صفحة، حزب الله اللبناني وإيران ونظام بشار الأسد في أكثر من موضع، باعتبارهم داعمين رئيسيين للقضية الفلسطينية ضد “الكيان الإسرائيلي”.
كما دعا الكتاب إلى “ترسيخ العداء لإسرائيل ومن يساندها ومن زرعها وعلى رأسهم أميركا وبريطانيا”.
كارثة
يقول عبدالرب صالح، وهو باحث يمني في الشؤون السياسية، لموقع (ارفع صوتك) إن “تغير المنهج من قبل جماعة الحوثيين هدفه غرس طابع يدعم توجههم السياسي والديني بشكل خاطئ”.
ويرى الدكتور عبدالباقي شمسان، أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء، أن “تعديل المناهج المدرسية والمقررات الجامعية عمل استراتيجي يستهدف الذاكرة الوطنية”.
إلى ذلك شدد الدكتور محمد الجلال، وهو أستاذ مادة التربية الإسلامية في كلية التربية بجامعة صنعاء، في حديثه لموقع (ارفع صوتك) على ضرورة مراجعة وتطوير مادة الثقافة الإسلامية وتعديلها من قبل أكاديميين متخصصين، بما من شأنه تعميق الوحدة الوطنية، ونبذ الحروب والعصبيات والطائفية والمناطقية، وتعزيز قيم التعايش والسلم الاجتماعي.
يوافقه في ذلك أكاديمي في جامعة صنعاء، فضل عدم ذكر اسمه، حفاظاً على أمنه الشخصي، قائلاً إن “هذه التدخلات في المناهج الدراسية وشؤون الجامعات كارثة بكل المقاييس وإهانة للعقول الأكاديمية والطلابية، وتداعياتها لن تقف عند ضعف مخرجات الجامعات وتفويج جيوش من الشباب يؤمنون بالعنف والطائفية”.